أفلحت الوجوه محمد بن مسلمة كان كعب بن الأشراف من أشد اليهود حقدا على الإسلام والمسلمين وإيذاء لرسول الله حتى بلغ به من الشر إلى ان يكتب الأشعار يبكي فيها على أصحاب القليب من قتلى المشركين في غزوة بدر فأثار بذلك مشاعرهم وزاد من حقدهم بل ويدعوهم إلى حرب الرسول مرة أخرى وكان في المدينة يؤذي نساء الصحابة بأشعاره.. وعند ذلك قال الرسول من لكعب بن الأشراف أنها مهمة صعبة تتحتم رجالا يضحون ويخاطرون بانفسهم استجابة لأمر رسول الله وتلبية لرغبته وتنفيذا لمهمته فما أتم رسول الله كلامه إلا وفارس من فرسانه وبطل من أصحابه ما توانى ولا تأنى فقال أنا أنا لها يارسول الله إنه محمد بن مسلمة ومعه عباد بن بشر وأبو نائلة وأسمه سلكان بن سلامه وهو أخو كعب من الرضاعة وقبل الانطلاق قال محمد بن مسلمة يارسول الله : إذن لي أن أقول شيئا قال قل.. ثم انطلقوا متجهين نحو حصن كعب بن الأشراف فلما وصلوا قال محمد لكعب إن هذا الرجل قد سالنا صدقة ونحن قد اتبعناه ولانحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه وقد أردنا ان تسلفنا فقال كعب نعم أرهنوني قال ابن مسلمة أي شيء تريد قال أرهنوني نساءكم قال كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب قالت فترهنوني ابناءكم قال هذا عار علينا ولكن نرهنك السلاح وتواعدوا في ساعة من الليل.. وفي ليلة مقمرة من ليلة الرابع عشر من شهر ربيع الأول سنة ثلاثٍ للهجرة اجتمع الأبطال مع رسول الله خشيهم إلى بقيع الغرقد ثم وجههم قائلا انطلقوا على اسم الله اللهم اعنهم ثم رجع إلى بيته وطفق يصلي ويناجي ربه حتى وصل الأبطال إلى حصن كعب بن الأشراف فهتف به أبو نائلة فقام ينزل إليهم فقالت له امرأته اين تخرج هذه الساعة اسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم قال كعب إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة إن الكريم لو دعي إلى طعنة أجاب ثم خرج إليهم وهو متطيب ينفح رأسه . فاخذوا يتحدثون في الطريق وينشدون الشعر فقال أبو نائلة مارأيت كالليلة طيبا أعطر قط أتأذن لي أن أشم رأسك قال نعم فأدخل يده في رأسه فشمه وأشم أصحابه ثم مشى ساعة ثم قال أعود أي أشم قال كعب نعم فعاد لمثلها حتى اطمأن كعب وأمنهم ثم مشى ساعة ثم قال اعود قال كعب نعم فأدخل يده في راسه فلما استمكن منه قال دونكم عدو الله فأخذ محمد بن مسلمة مغولا فوضعه في ثنيته ثم كامل عليه حتى بلغ عانته فقتله فوقع عدو الله واستجاب الله لدعاء رسوله وانجز مهمة ابطاله وقد صاح كعب صيحة شديدة ورجع الأبطال وحققوا مهمتهم حتى إذا بلغوا بقيع الغرقد كبروا وسمع رسول الله تكبيرهم فعرف انهم قد قتلوه فكبرا فما انتهوا إليه قال أفلحت الوجوه قالوا وجهك يارسول الله ورموا برأس الطاغية بين يديه فسر وجه الرسول وحمد الله على قتله حلف الزمان ليأتين بمثلهم *** حنثت يمينك يازمان فكفرِ