" الخطبـة الثآنية " الحمد لله: عباد الله: اعلموا أن لنبيكم هديا كريما، وسننا معلوما، كان يأخذ به عند نومه، ويوصي به أهله وصحابته، وهو وصيته لكل أحد من أمته، وبالأخذ به يُنتفع من النوم، ويُتقرب إلى الحي القيوم، وتتقى الشرور والمكاره والهموم، فمن ذلك: -إطفاء السرج، وإغلاق الأبواب، وحفظ الأطعمة، كما في حديث جابر عند (خ): «أن رسولَ الله قال: أطفِئوا المصابيحَ إذا رَقَدْتم، وأغْلِقوا الأبواب، وأوْكوا الأسقيةَ، وخَمِّروا الطعامَ والشراب ـ وأحسِبُه قال ـ ولو بعُودٍ تَعرُضهُ عليه». وجاء في بعض الآثار: أن الجن والشياطين لا تفتح شيئا مغلقاً !! -أن لا ينام الإنسان بمفرده. فعند (حم) عن ابن عمر: «أن النبيّ نهى عن الوَحْدَة، وأن يبيت الرجل وحدَه، أو يسافر وحدَه». وذلك لما يحصل في الوحدة من الوحشة وكثرة الأوهام، ولعب الشيطان بالعبد. -التفريق في المضاجع بين الأولاد والبنات. لحديث: «مُرُوا أَوْلاَدَكُم بالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْع سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في المَضَاجِعِ» . -نفض الفراش قبل النوم. لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قَالَ النَّبِيُّ : «إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ». -ألا يؤخر نومه بعد صلاة العشاء إلا لضرورة. كمذاكرة علم، أو محادثة ضيف، أو مؤانسة أهل، لما في (خ م) عن أبي برزة أن النبي كان يكره النوم قبل صلاة العشاء، والحديث بعدها. -أن يجتهد الإنسان في ألا ينام إلا على وضوء. لقول الرسول للبراء بن عازب: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ» . -أن يوتر قبل أن ينام. قال أبو هريرة: أوصاني خليلي بثلاث - وذكر منها -: وأن أوتر قبل أن أنام . -أن ينام ابتداء على شقه الأيمن، ويتوسد يمينه. لقول الرسول للبراء «إذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ» وقوله «إذا أويت إلى فراشك وأنت طاهر فتوسد يمينك». -أن لا يضجع على بطنه أثناء نومه ليلاً ولا نهاراً. لما ورد أن النبي قال: «إنها ضجعة أهل النار». وقال: «إنها ضجعة يبغضها الله عز وجل». -أن يذكر أذكار النوم قبل أن ينام، ومنها: ما خرّجه (خ) عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ : «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ: اللهم أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ». ألا فاتقوا الله عباد الله: وأحسنوا النيات، وبادروا فرص العمل بعمل الصالحات، واتقاء السيئات، وسرعة التوبة إلى الله تعالى من الزلات، واختموا يقظتكم بخير، واستعينوا بالنوم على عمل البر، وأظهروا لله الشكر، ولا تكونوا ممن قال الله تعالى فيهم في معرض الذم والتهديد والإنذار والوعيد بسبب ما كانوا يقترفون ﴿إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ .