روي أن سيدنا طلحة الأنصاري كان يصلي في بستانه ذات يوم، ورأى طيرًا يخرج من بين الشجر فتعلقت عيناه بالطائر حتى نسي كم صلى فذهب إلى الطبيب صلى الله عليه وآله وسلم يبكي ويقول : " يا رسول الله , إني انشغلت بالطائر في البستان حتى نسيت كم صليت ، فإني أجعل هذا البستان صدقة في سبيل الله، فضعه يا رسول الله حيث شئت لعل الله يغفر لي" وهذا أبو هريرة يقول : " إن الرجل ليصلي ستين سنة ولا تقبل منه صلاة فقيل له : كيف ذلك؟ فقال: لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا قيامها ولا خشوعها" ويقول سيدنا عمر بن الخطاب : " إن الرجل ليشيب في الإسلام ولم يكمل لله ركعة واحدة!! قيل : كيف يا أمير المؤمنين قال : لا يتم ركوعها ولا سجودها " ويقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : يأتي على الناس زمان يصلون وهم لا يصلون وإني لأتخوف أن يكون الزمان هو هذا الزمان!! فماذا لو أتيت إلينا يا إمام لتنظر أحوالنا ؟؟!! ويقول الإمام الغزالي رحمه الله : إن الرجل ليسجد السجدة يظن أنه تقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، ووالله لو وزع ذنب هذه السجدة على أهل بلدته لهلكوا سئل كيف ذلك ؟؟ فقال : يسجد برأسه بين يدي مولاه , وهو منشغل باللهو والمعاصي والشهوات وحب الدنيا .. فأي سجدة هذه ؟؟ وانظر إلى الرسول صلى الله عليه واله وسلم ... كانت عائشة ا تجده طول الليل يصلي وطول النهار يدعوإلى الله تعالى فتسأله :" يا رسول الله أنت لا تنام؟! فيقول لها : مضى زمن النوم" ويقول الصحابة : كنا نسمع لجوف النبي وهويصلي أزيز كأزيز المرجل من البكاء!! وقالوا .. لو رأيت سفيان الثوري يصلي لقلت : يموت الآن من كثرة خشوعه !! وهذا عروة بن الرابن السيدة أسماء أخت السيدة عائشة .. أصاب رجله داء الأكلة ( السرطان ) فقيل له : لا بد من قطع قدمك حتى لا ينتشر المرض في جسمك كله ولهذا لا بد أن تشرب بعض الخمر حتى يغيب وعيك فقال : أيغيب قلبي ولساني عن ذكر الله ؟! والله لا أستعين بمعصية الله على طاعته فقالوا : نسقيك المنقد ( مخدر) فقال : لا أحب أن يسلب جزء من أعضائي وأنا نائم فقالوا : نأتي بالرجال تمسكك فقال : أنا أعينكم على نفسي قالوا : لا تطيق قال : دعوني أصلي فإذا وجدتموني لا أتحرك وقد سكنت جوارحي واستقرت فأنظروني حتى أسجد فإذا سجدت فما عدت في الدنيا , فافعلوا بي ما تشاءون !! فجاء الطبيب وانتظر, فلما سجد أتى بالمنشار فقطع قدم الرجل ولم يصرخ بل كان يقول : لا إله إلا الله رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًا ورسولًا حتى أغشي عليه ولم يصرخ صرخة فلما أفاق أتوه بقدمه فنظر إليها وقال : أقسم بالله إني لم أمش بك إلى حرام , ويعلم الله , كم وقفت عليك بالليل قائمًا لله.. فقال له أحد الصحابة : يا عروة .. أبشر .. جزء من جسدك سبقك إلى الجنة فقال : والله ما عزاني أحد بأفضل من هذا العزاء وكان الحسن بن علي ا إذا دخل في الصلاة ارتعش واصفر لونه .. فإذا سئل عن ذلك قال : أتدرون بين يدي من أقوم الآن ؟! وكان أبوه سيدنا علي إذا توضأ ارتجف فإذا سئل عن ذلك قال : الآن أحمل الأمانة التي عرضت على السماء والأرضوالجبال فأبين أن يحملها وأشفقن منها .. وحملتها أنا يقول سبحانه وتعالى : {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِاللَّهِ} يقول ابن مسعود : لم يكن بين إسلامنا وبين نزول هذه الآية إلا أربع سنوات فعاتبنا الله تعالى فبكينا لقلة خشوعنا لمعاتبة الله لنا .. فكنا نخرج ونعاتب بعضنا بعضا نقول: ألم تسمع قول الله تعالى : { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِاللَّهِ} فيسقط الرجل منا يبكي على عتاب الله لنا فأين أنتم من الخشوع في الصلاة ؟!