يلقَى الغَنِيُّ لحفظه ما قد حَوى * أضْعَافَ ما يَلقى الفقيرُ لفقرهِ
فَيظلُّ هذا سَاخطاً في قله * ويظلُّ هذا ثاعباً في كثـرهِ
والجنُّ مثلُ الإنس يَجري فِيهمُ * حُكْم القَضاء بِحُلوه وبمُره
فإذَا المَريدُ أتى ليَخطفَ خَطفةً * جاءَ الشِّهابُ بحَرْقِه وبزجْرهِ
وَنبيُّ صِدقٍ لا يَزالُ مُكذَّبًا * يُرمَى بباطلِ قولِهم وبِسحرهِ
والعالِمُ المُفتي يَظلُّ مُنَازعاً * بالمشكلاتِ لدى مَجالسِ ذِكرهِ
فَالويلُ إنْ زلَّ اللسانُ فَلا يُرى * أَحدٌ يُساعِدُ في إقامةِ عُذرهِ
أوَ مَا ترى المَلكَ العزيزَ بجُنده * رَهنَ الهُمومِ على جَلالة قَدرهِ
فيَسرُّهُ خبرٌ وفي أعقابِه * خبرٌ تَضيقُ به جوانبُ قصرهِ
ومُؤَازرُ السلطانِ أهلُ مَخاوف * وإن استبد بعزه وبقهرهِ
فلربما زلتْ به قدم فلم * يرجع يساوي في قلامة ظفرهِ
وأخو العبادةِ دهرُه مُتنغصٌ * يَبغي التخلصَ من مخاوفِ قبرهِ
وأخو التِّجارةِ حائرٌ مُتفكرٌ * مما يُلاقِي من خسارةِ سعرهِ
وأبو العيالِ أبُو الهمومِ، وحَسرةُ الـ * ـرجل العقيمِ كمينةٌ في صدرهِ
وكل قرين مضمر لقرينه * حسداً وحقداً في غناه وفقرهِ
ولرب طالبِ راحةٍ في نومه * جاءتْه أحلامٌ فهام بأمرهِ
والطفل من بطن أمه يخرجُ * غُصصُ الفِطام تروعه في صغرهِ
والوحشُ يأتيه الردى فِي بَره * والحوتُ يلقَى حَتفه في بَحرهِ
ولربما تأتِي السباعُ لميتٍ * فاستخرجته من قرارة قبره
ولقدْ حسدتُ الطيرَ في أَوكارها * فَوجدتُ منها ما يُصادُ بوكرهِ
كيفَ التلذذُ في الحياةِ بعَيْشَةٍ * مَا زالَ وهو مروع في أسرهِ ؟
تاللهِ لو عاشَ الفتى في أهلهِ * ألفاً من الأعوامِ مالكَ أمرهِ
متلذذاً معهمْ بكل لذيذةٍ * متنعماً بالعيشِ مدةَ عُمرهِ
لا يعتريه النقصُ في أحواله * كُلاًّ ولا تَجري الهموم بفكرهِ
ما كان ذلك كلُّه مما يفي * بنزولِ أَوَّلِ ليلةِ في قبرهِ