عرض مشاركة واحدة
قديم 26-03-12, 10:58 PM   المشاركة رقم: 34
المعلومات
الكاتب:
همة داعية
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية همة داعية


البيانات
التسجيل: Jan 2012
العضوية: 7030
المشاركات: 167 [+]
الجنس:
المذهب:
بمعدل : 0.03 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 14
نقاط التقييم: 47
همة داعية على طريق التميز

الإتصالات
الحالة:
همة داعية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : همة داعية المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

تفسير سورة قريش


‏{‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ‏}‏‏.‏

البسملة تقدم الكلام عليها‏.‏ هذه السورة لها صلة بالسورة التي قبلها، إذ أن السورة التي قبلها فيها بيان منة الله عز وجل على أهل مكة بما فعل بأصحاب الفيل الذين قصدوا مكة لهدم الكعبة، فبين الله في هذه السورة نعمة أخرى كبيرة على أهل مكة، ‏(‏على قريش‏)‏ وهو إلا فهم مرتين في السنة، مرة في الصيف ومرة في الشتاء، ‏{‏لإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ‏}‏ والإلـف بمعنى الجمع والضم، ويراد به التجارة التي كانوا يقومون بها مرة في الشتاء، ومرة في الصيف، أما في الشتاء فيتجهون نحو اليمن للمحصولات الزراعية فيه، ولأن الجو مناسب، وأما في الصيف فيتجهون إلى الشام لأن غالب تجارة الفواكه وغيرها تكون في هذا الوقت في الصيف مع مناسبة الجو البارد، فهي نعمة من الله سبحانه وتعالى على قريش في هاتين الرحلتين؛ لأنه يحصل منها فوائد كثيرة ومكاسب كبيرة من هذه التجارة، أمرهم الله أن يعبدوا رب هذا البيت قال‏:‏ ‏{‏فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ‏}‏ شكرًا له على هذه النعمة، والفاء هذه إما أن تكون فاء السببية، أي فبسبب هاتين الرحلتين ليعبدوا رب هذا البيت، أو أن تكون فاء التفريع، وأيًّا كان فهي مبنية على ما سبق، أي فبهذه النعم العظيمة يجب عليهم أن يعبدوا الله، والعبادة هي التذلل لله عز وجل محبة وتعظيمًا‏.‏ أن يتعبد الإنسان لله يتذلل له بالسمع والطاعة، فإذا بلغه عن الله ورسوله أمر قال‏:‏ سمعنا وأطعنا، وإذا بلغه خبر قال‏:‏ سمعنا وآمنا، على وجه المحبة والتعظيم، فبالمحبة يقوم الإنسان بفعل الأوامر، وبالتعظيم يترك النواهي خوفًا من هذا العظيم عز وجل، هذا معنى من معاني العبادة، وتطلق العبادة على نفس المتعبد به، وقد حدّها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - بهذا المعنى فقال‏:‏ إن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال، والأعمال الظاهرة، والباطنة‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ‏}‏ يعني به الكعبة المعظمة، وقد أضافها الله تعالى إلى نفسه في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏ 26‏]‏‏.‏ وهنا أضاف ربوبيته إليه قال‏:‏ ‏{‏رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ‏}‏ وإضافة الربوبية إليه على سبيل التشريف والتعظيم ‏{‏طَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ‏}‏ أضاف الله البيت إليه تشريفًا وتعظيمًا، إذًا خصص البيت بالربوبية مرة، وأضافه إلى نفسة مرة أخرى تشريفًا وتعظيمًا، وفي آية ثانية قال‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا‏}‏ وبعدها قال‏:‏ ‏{‏وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ‏}‏ احتراز من أن يتوهم واهم بأنه رب البلدة وحدها فقال‏:‏ ‏{‏وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ‏}‏، ولكل مقام صيغة مناسبة، ففي قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ‏}‏ ‏[‏النمل‏:‏ 91‏]‏‏.‏ مناسبة بيان عموم ملكه، لئلا يدعي المشركون أنه رب للبلدة فقط، أما هنا فالمقام مقام تعظيم للبيت فناسب ذكره وحده قوله‏:‏ ‏{‏الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ‏}‏ ‏{‏الَّذِي‏}‏ هذه صفة للرب، إذًا فمحلها النصب، ولهذا يحسن أن تقف فتقول ‏{‏فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ‏}‏ ثم تقول‏:‏ ‏{‏الَّذِي أَطْعَمَهُم‏}‏ لأنك لو وصلت فقلت‏:‏ ‏"‏رب هذا البيت الذي أطعمهم‏"‏ لظن السامع أن ‏"‏الذي‏"‏ صفة للبيت، وهذا بعيد من المعنى ولا يستقيم به المعنى‏.‏ ‏{‏الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ‏}‏ بين الله نعمته عليهم، النعمة الظاهرة والباطنة، فإطعامهم من الجوع وقاية من الهلاك في أمر باطن، وهو الطعام الذي يأكلونه، ‏{‏وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ‏}‏ وقاية من الخوف في الأمر الظاهر؛ لأن الخوف ظاهر، إذا كانت البلاد محوطة بالعدو، وخاف أهلها وامتنعوا عن الخروج، وبقوا في ملاجئهم، فذكرهم الله بهذه النعمة، ‏{‏وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ‏}‏ آمن مكان في الأرض هو مكة، ولذلك لا يُقطع شجرها، ولا يُحش حشيشها، ولا تُلتقط ساقطتها، ولا يصاد صيدها، ولا يسفك فيها دم، وهذه الخصائص لا توجد في البلاد الأخرى حتى المدينة، محرمة ولها حرم، لكن حرمها دون حرم مكة بكثير، حرم مكة لا يمكن أن يأتيه أحد من المسلمين لم يأتها ولا مرة إلا محرمًا، والمدينة ليست كذلك، حرم مكة يحرم حشيشه وشجره مطلقًا، وأما حرم المدينة فرخص في بعض شجره للحرث ونحوه‏.‏ صيد مكة حرام وفيه الجزاء، وصيد المدينة ليس فيه الجزاء، فأعظم مكان آمن هو مكة، حتى الأشجار آمنة فيه، وحتى الصيود آمنة فيه، ولولا أن الله تعالى يسر على عباده لكان حتى البهائم التي ليست صيودًا تحرم، لكن الله تعالى رحم العباد وأذن لهم أن يذبحوا وينحروا في هذا المكان‏.‏ وهذه النعمة ذكرهم الله بها في قوله‏:‏ ‏{‏أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ‏}‏ ‏[‏العنكبوت‏:‏ 67‏]‏‏.‏ يعني أفلا يشكرون الله على هذا‏؟‏‏!‏ فهذه السورة كلها تذكير لقريش بما أنعم الله عليهم في هذا البيت العظيم، وفي الأمن من الخوف، وفي الإطعام من الجوع‏.‏ فإذا قال قائل‏:‏ ما واجب قريش نحو هذه النعمة‏؟‏ وكذلك ما واجب من حلّ في مكة الان من قريش أو غيرهم‏؟‏ قلنا‏:‏ الواجب الشكر لله تعالى بالقيام بطاعته، بامتثال أمره واجتناب نهيه‏.‏ ولهذا إذا كثرت المعاصي في الحرم فالخطر على أهله أكثر من الخطر على غيرهم، لأن المعصية في مكان فاضل أعظم من المعصية في مكان مفضول، ولهذا قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏ 25‏]‏‏.‏ فتوعد الله تعالى من أراد فيه أي من هم به فيه بإلحاد فضلًا عمن ألحد‏.‏ والواجب على المرء أن يذكر نعمة الله عليه في كل مكان، لا في مكة فحسب، فبلادنا - ولله الحمد - اليوم من آمن بلاد العالم، وهي من أشد بلاد العالم رغدًا وعيشًا‏.‏ أطعمنا الله تعالى من الجوع، وآمننا من الخوف، فعلينا أن نشكر هذه النعمة، وأن نتعاون على البر والتقوى، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى الدعوة إلى الله على بصيرة وتأنٍ وتثبت، وأن نكون إخوة متآلفين، والواجب علينا ولاسيما على طلبة العلم إذا اختلفوا فيما بينهم أن يجلسوا للتشاور، وللمناقشة الهادئة التي يقصد منها الوصول إلى الحق، ومتى تبين الحق للإنسان وجب عليه اتباعه، ولا يجوز أن ينتصر لرأيه؛ لأنه ليس مشرعًا معصومًا حتى يقول إن رأيه هو الصواب، وأن ما عداه هو الخطأ‏.‏ الواجب على الإنسان المؤمن أن يكون كما أراد الله منه، ‏{‏وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 36‏]‏‏.‏ أما كون الإنسان ينتصر لرأيه ويصر على ما هو عليه، ولو تبين له أنه باطل فهذا خطأ، وهذا من دأب المشركين الذين أبوا أن يتبعوا الرسول وقالوا‏:‏ ‏{‏إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 22‏]‏‏.‏ نسأل الله أن يديم علينا نعمة الإسلام، والأمن في الأوطان، وأن يجعلنا إخوة متآلفين على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إنه على كل شيء قدير‏.‏










توقيع : همة داعية

رحم الله بوح قلمي



يقظة الضمير بقلم الداعية بوح قلمي رحمها الله




هااااااااام وعااااااااجل لكل غيور


رحمكِ الله وأسكنكِ فسيح جناته

عرض البوم صور همة داعية   رد مع اقتباس