عرض مشاركة واحدة
قديم 03-04-12, 12:45 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
دآنـة وصآل
اللقب:
عضو
الرتبة


البيانات
التسجيل: Mar 2011
العضوية: 2325
المشاركات: 8,979 [+]
الجنس: انثى
المذهب: سنية ولله الحمد
بمعدل : 1.76 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 41
نقاط التقييم: 1070
دآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليلدآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليلدآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليلدآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليلدآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليلدآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليلدآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليلدآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليل

الإتصالات
الحالة:
دآنـة وصآل غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دآنـة وصآل المنتدى : البيــت العـــام
افتراضي

الحرية الدينية عند المشركين:
يفاخر الغرب بأن قوانينه وإعلانات حقوق الإنسان التي أصدرها وعممها على البشر تكفل حرية تدين الإنسان، ويكثر في كلام الليبراليين السعوديين الذي هاموا على وجوههم في الفكر الغربي وقيمه، وكرعوا منه حتى الثمالة التباهي بأن الغرب حفظ حق التدين لكل الأجناس والديانات بلا تفريق، ومع ما في هذا الإطلاق من مجازفة، وخاصة مع الإسلام؛ فإن الحقيقة التي يغفل عنها كثير من الناس هي أن حرية التدين كانت تطبق عند المشركين على أوسع نطاق، وأن التعددية الدينية عند العرب في جاهليتهم لا مثيل لها، حتى إنهم سعروا حروبا من أجل ناقة البسوس لما عقرت، وحروبا أخرى في خيل سبقت وهي حروب داحس والغبراء، وغيرها من الحروب التي كثيرا ما تكون أسبابها تافهة، ولم أقف على تسعيرهم لحرب واحدة بسبب الدين، رغم كثرة حروبهم، حتى أفردها أبو الفرج الأصبهاني بكتاب اسمه (أيام العرب) عدّ فيه من أيامهم ألفا وسبع مئة يوم([36]) وهذا يدل على تسامحهم في مسألة الدين، وخلوهم من التعصب الديني، وأنهم مارسوا التعددية في أظهر صورها.

وأدلة الحرية الدينية والتعددية عند المشركين كثيرة، منها:

أولا: انقسام العرب بين الأديان؛ فكانت النصرانية في ربيعة وغسان وبعض قضاعة، وكانت اليهوديه في حمير وفي كنانة وبني الحارث بن كعب وكنده، وكانت المجوسية في تميم، منهم زرارة بن عدس التميمي وابنه حاجب بن زرارة وكان تزوج ابنته ثم ندم، ومنهم الأقرع بن حابس وكان مجوسيا، وأبو سود جد وكيع ابن حسان كان مجوسيا، وكانت الزندقة في قريش أخذوها من الحيرة، وكان بنو حنيفة اتخذوا في الجاهلية إلها من حيس فعبدوه دهرا طويلا ثم أصابتهم مجاعة فأكلوه فقال رجل يعيرهم:
أكلت حنيفه ربها --- زمن التقحم والمجاعة

لم يحذروا من ربهم --- سوء العواقب والتباعة([37])
وهذا يدل على ما كان يتمتع به أهل الجاهلية من التعددية، وهي التي حاربها النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة، وقسرهم على معبود واحد هو الله تعالى، وعلى دين واحد وهو دين الإسلام، وعلى منهج واحد وهو شريعة الإسلام؛ ولذا استعظم المشركون أن يلغي النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة حريتهم الدينية، ويبطل ما تمتعوا به من التعددية ليقصرهم على ما جاء به [وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ] {ص:4-5}.

فالتعددية التي ينادي بها الغرب، ويصيح بها أتباع الغرب كان أهل الجاهلية يدعون إليها، ويمارسونها، وقد بعث النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة ليبطلها.

ثانيا: أن قوما من العرب رفضوا الشرك وعبادة الأوثان، وبقوا على ما توارثوا من الحنيفية، ولم ينقل أن المشركين آذوهم أو عذبوهم أو قهروهم على ما اختاروا، بل تركوهم وما يدينون ما داموا لم يلزموا غيرهم بما اختاروا، وهذا عين ما تقرره الليبرالية.

قال عالم السير ابن إسحاق: كان نفر من قريش: زيد بن عمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، وعثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى، وعبيد الله بن جحش بن رئاب...حضروا قريشا عند وثن لهم كانوا يذبحون عنده لعيد من أعيادهم، فلما اجتمعوا خلا بعض أولئك النفر إلى بعض وقالوا: تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض، فقال قائلهم: تعلمون والله ما قومكم على شيء، لقد أخطئوا دين إبراهيم نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة وخالفوه، ما وثن يعبد لا يضر ولا ينفع؟! فابتغوا لأنفسكم. فخرجوا يطلبون ويسيرون في الأرض يلتمسون أهل الكتاب من اليهود والنصارى والملل كلها الحنيفية دين إبراهيم نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة، فأما ورقة بن نوفل فتنصر فاستحكم في النصرانية واتبع الكتب من أهلها حتى علم علما كثيرا من أهل الكتاب، فلم يكن فيهم أعدل أمرا ولا أعدل شأنا من زيد بن عمرو بن نفيل اعتزل الأوثان وفارق الأديان من اليهود والنصارى والملل كلها إلا دين إبراهيم يوحد الله عز وجل ويخلع من دونه، ولا يأكل ذبائح قومه بادأهم بالفراق لما هم فيه.([38])
وفي أخبار حنيفية زيد رحمه الله تعالى روت أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الكَعْبَةِ يَقُولُ: يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ، وَالله مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي، وَكَانَ يُحْيِي المَوْءُودَةَ، يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ، لاَ تَقْتُلْهَا، أَنَا أَكْفِيكَهَا مَئُونَتَهَا، فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لِأَبِيهَا: إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَئُونَتَهَا.([39])

وله رحمه الله تعالى شعر تبرأ فيه من الأصنام، قال فيه:

تركت اللات والعزى جميعا --- كذلك يفعل الجلد الصبور
فلا العزى أدين ولا ابنتيها --- ولا صنمى بني غنم أزور
ولا هبلا أزور وكان ربا --- لنا في الدهر إذ حلمي صغير([40])
وكان زيد يمتنع عن أكل الذبائح التي يذبحونها لأصنامهم، وما كانوا يجبرونه على الأكل منها؛ كما في حديث عبد الله بن عُمَرَ نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةا أَنَّ النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة لَقِيَ زَيْدَ بن عَمْرِو بن نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحٍ قبل أَنْ يَنْزِلَ على النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة الْوَحْيُ فَقُدِّمَتْ إلى النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة سُفْرَةٌ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ منها ثُمَّ قال زَيْدٌ: إني لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ على أَنْصَابِكُمْ، ولا آكُلُ إلا ما ذُكِرَ اسْمُ الله عليه، وَأَنَّ زَيْدَ بن عَمْرٍو كان يَعِيبُ على قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ وَيَقُولُ: الشَّاةُ خَلَقَهَا الله، وَأَنْزَلَ لها من السَّمَاءِ الْمَاءَ، وَأَنْبَتَ لها من الأرض، ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا على غَيْرِ اسْمِ الله إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا له.([41])
وورد أن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة نهى زيد بن حارثة عن التمسح بالأصنام قبل أن يبعث، مما يدل على أن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة قبل بعثته نبيا رسولا لم يكن موافقا للمشركين في تعظيمهم للأصنام وعبادتها، ومع ذلك لم يكن المشركون يعادونه قبل الدعوة، بل كانوا يجلونه ويوقرونه، ويحكمونه بينهم كما في قصة بناء الكعبة، وكانوا يستودعونه أماناتهم، ولقبوه بالأمين.

روى زيد بن حارثة نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة قال: خرج رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة وهو مردفي إلى نصب من الأنصار فذبحنا له شاة ثم صنعناها في الأرة حتى إذا نضجت استخرجناها فجعلناها في سفرة، ثم أقبل رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة وهو يسير مردفي في يوم حار من أيام مكة، حتى إذا كنا بأعلى الوادي لقيه زيد بن عمرو بن نفيل فحيا أحدهما الآخر بتحية الجاهلية، فقال له رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة: يا ابن عم مالي أرى قومك قد شنفوك -أي: أبغضوك- فقال أما والله إن ذاك لغير ثائرة كانت مني فيهم، ولكني كنت أراهم على ضلال فخرجت أبتغي هذا الدين فأتيت على أحبار يثرب فوجدتهم يعبدون الله عز وجل ويشركون به، فقلت: ما هذا بالدين الذي أبغي، فخرجت حتى أتيت أحبار خيبر فوجدتهم يعبدون الله عز وجل ويشركون به، فقلت: ما هذا بالدين الذي أبغي، فخرجت حتى أتيت أحبار الشام فوجدتهم يعبدون الله عز وجل ويشركون به، فقلت: ما هذا بالدين الذي أبغي، فقال لي حبر من أحبار الشام: إنك لتسأل عن دين ما نعلم أحد يعبد الله تعالى به إلا شيخا بالجزيرة فخرجت فقدمت عليه فأخبرته بالذي خرجت له، فقال لي: إن كل من رأيت على ضلالة فمن أنت؟ قلت: أنا من أهل بيت الله تعالى ومن الشوك والقرظ، قال: فإنه قد خرج في بلدك نبي أو هو خارج قد خرج نجمه فارجع فاقصده واتبعه وآمن به، فرحلت فلم أخبر بشيء، فقدّمنا إليه السفرة فقال: ما هذا؟ فقلنا: ذبحناها لنصب من الأنصاب، قال زيد نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة: ما آكل شيئا ذبح لغير الله تعالى، فتفرقنا فجاء رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة فطاف بالبيت، قال زيد بن حارثة نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة: وأنا معه، وكان صنم من نحاس يقال له إساف ونائلة مستقبل القبلة يتمسح بهما الناس إذا طافوا بالبيت، فقال النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة: لا تمسهما ولا تسمح بهما، قال زيد: فقلت في نفسي لأمسهما حتى أنظر ما يقول، فمسستها فقال رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة: ألم تنه فلا والذي أكرمه ما مسستهما حتى أنزل الله عز وجل عليه الكتاب.([42])
فهذا الحديث يدل على أن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة لم يكن على دين قومه في تعظيمهم للأصنام، ويدل على أن قريشا أبغضوا زيد بن عمرو؛ لأنه صرح بضلالهم، والظاهر أنه أنكر عليهم عبادتهم للأصنام، ونهاهم عن ذلك، فناله منهم أذى بسبب إنكاره لا بسبب عبادته. ومما يدل على ذلك قول زيد في شعره:
سبحانه ثم سبحانا يعود له --- فقبلنا سبح الجودي والجمد
لا تعبدن إلها غير خالقكم --- وإن دعيتم فقولوا دونه حدد([43])
ثالثا: أن من المشركين من كان يؤمن بالبعث والنشور، مع أن عامتهم لا يؤمنون بذلك، ولم ينقل أن من لم يؤمن به كان يؤذي من يؤمن به ويقهره على إنكاره، بل كان كل واحد حرٌّ فيما يعتقد ويدين به على غرار ما تقرره الليبرالية الغربية، قال الله تعالى [وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ] {الرعد:5}
قال البغوي رحمه الله تعالى: وكان المشركون ينكرون البعث مع إقرارهم بابتداء الخلق من الله تعالى، وقد تقرر في القلوب أن الإعادة أهون من الابتداء، فهذا موضع العجب.([44])
والآيات الدالة على أن المشركين كانوا ينكرون البعث والنشور كثيرة في القرآن الكريم، مما يدل على أن هذا القول منتشر فيهم، ويمثل عقيدة في المجتمع الجاهلي، وبسبب تقرير النبي ^ للبعث والنشور في أوساطهم رموه بالجنون أو بالكذب، مما يدل على شدة تكذيبهم بالبعث، واستقرار ذلك عندهم، وانتشاره فيهم، قال الله تعالى [وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ * أَفْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ فِي العَذَابِ وَالضَّلَالِ البَعِيدِ] {سبأ:7-8}.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى: هذا إخبار من الله عن استبعاد الكفرة الملحدين قيام الساعة، واستهزائهم بالرسول نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة في إخباره بذلك.([45])
ومع كل هذا التكذيب واستبعاد البعث والنشور، والسخرية بالنبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة لأنه أخبرهم به؛ فإن من المشركين من كان يؤمن بالبعث والنشور، ولم ينلهم أي أذى، بل كفلت لهم حرية الفكر والمعتقد.

قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: وممن كان يقر بالخالق والابتداء والإعادة والثواب والعقاب: عبد المطلب بن هاشم، وزيد بن عمرو بن نفيل، وقس بن ساعدة، وعامر بن الظرب، وكان عبد المطلب إذا رأى ظالما لم تصبه عقوبة قال: تالله أن وراء هذه الدار لدارا يجزي فيها المحسن والمسيء.([46])
ومنهم زهير بن أبي سلمى الشاعر، وهو القائل:

يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر --- ليوم الحساب أو يعجل فينقم([47])
وكان زهير يمر بالعضاة وقد أورقت بعد يبس فيقول: لولا أن تسبني العرب لآمنت أن الذي أحياك بعد يبس سيحيى العظام وهي رميم.([48])
فهو صرح هنا بأنه يخاف من المسبة ليس إلا، والمسبة قد تندرج تحت حرية التعبير والنقد بحسب لفظها، وقد تعد تجريحا وتشهيرا، لكن الملاحظ أنه لم يخش شيئا غير المسبة مما يدل على مساحة واسعة من حرية الفكر والمعتقد عند المشركين.

ومن هؤلاء النابغة الذبياني آمن بيوم الحساب فقال:
مجلتهم ذات الإله ودينهم --- قويم فما يرجون غير العواقب
وأراد بذلك الجزاء بالأعمال.([49])
ومنهم قس بن ساعدة قال في موعظة له: مطرٌ ونبات، وآباءٌ وأُمهات، وذاهب وآت، وآيات في إثْر آيات، وأموات بعد أموات، وسعيد وشقي، ومحسن ومسيء، أين الأربابُ الفَعَلَةُ؟ إنّ لكل عامل عَمَلَهُ. بل هو والله واحد، ليس بمولود ولا والد، وإليه المآب غدا. أمّا بعدُ، يا معشر إياد، فأين ثمودُ وعادُ؟ وأين الآباء والأجداد؟ أين الحَسَنُ الذي لم يُشْكَرْ، والظلمُ الذي لم يُنْكَرْ؟ كلاَّ وربِّ الكعبة، ليعودَنَّ ما بادَ، ولئن ذهب يوماً ليعودَنَّ يوما ما.([50])
ومنهم علاف بن شهاب التميمي كان يؤمن بالله وبيوم الحساب وفيه قال:

ولقد شهدت الخصم يوم رفاعة --- فأخذت منه خطة المقتال
وعلمت أن الله جاز عبده - يوم الحساب بأحسن الأعمال ([51])
فإن قيل: إذا كان الأمر كذلك فلم عادى المشركون النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة لما جاءهم بالتوحيد؟!

فالجواب: أن المشركين كانوا يقرون بحرية الدين وممارسة شعائره، لكنهم يعادون من ينهاهم عما يعبدون، ويأمرهم بما يعبد هو، وقد تكون العداوة مجرد سب وشتم وهجاء إذا لم يؤثر الداعي في الناس؛ كما وقع لزهير بن أبي سلمى فإنه ذكر سبب عدم صدعه بعقيدة البعث خوف المسبة، وقد تصل إلى حد المقاطعة؛ كما وقع لأمية بن عوف القلمس؛ إذ كان يقوم بفناء البيت ويخطب العرب، وكانت العرب لا تصدر حتى يخطبها ويوصيها، فقال: يا معشر العرب، أطيعوني ترشدوا. قالوا: وما ذاك؟ قال: إنكم قوم تفرَّدتم بآلهة شتى، وإني لأعلم ما الله بكل هذا براض، وإن كان ربَّ هذه الآلهة إنه ليحبّ أن يعبد وحده. فنفرت العرب عنه ذلك العام، ولم يسمعوا له موعظة. فلما حجّ من قابل اجتمعوا إليه، وهم مزورون عنه، فقال: مالكم -أيها الناس- كأنكم تخشون مثل مقالتي عاما أول، إني والله لو كان الله تعالى أمرني بما قلت لكم ما أعتبتكم ولا استعتبت، ولكنه رأي مني، فإذا أبيتم فأنتم أبصر.([52])
فهذا يدل على أنهم قاطعوا مواعظه واكتفوا بذلك ليعود إليهم، فعاد إليهم في العام القابل معتذرا بأن ما قاله مجرد رأي رآه، وهذا يندرج تحت حرية التعبير وتركه لأجلهم.

فإن كان لمن ينكر عليهم تأثير على الناس بحيث كثر أتباعه، والتزموا أمره ونهيه، وكان مع ذلك يسفه آلهتهم؛ فإنه حينئذ يشكل خطرا على نفوذهم وسلطتهم على من هم تحتهم من جهة، وعلى الحرية التي ارتضوها من جهة أخرى، ووقع شيء من ذلك لزيد بن عمرو بن نفيل رحمه الله تعالى، قال جواد علي: فهو -أي زيد- من أولئك الرهط الثائرين على قومهم، والذين أدركوا أيام الرسول. وقد نسبوا إليه شعرًا في تسفيه عبادة قومه، وفي فراقه دينهم وما لقيه منهم. وكان قد أوذي لمقالته هذه في دين قومه، حتى أُكره على ترك مكة والنزول بحراء، وكان الخطاب بن نفيل عمه، وقد وكل به شبابًا من شباب قريش وسفهاء من سفهائهم كلفهم ألا يسمحوا له بدخول البلدة وبمنعه من الاتصال بأهلها؛ مخافة أن يفسد عليهم دينهم وأن يتابعه أحد منهم على فراق ما هم عليه. واضطر زيد إلى المعيشة في هذا المحل، معتزلًا قومه إلا فترات، كان يهرب خلالها سرًا، ليذهب إلى موطنه ومسكنه، فكانوا إذا أحسوا بوجوده هناك آلموه وآذوه.([53])
وذكر ابن حبيب البغدادي أن زيدًا رحمه الله تعالى هو أول من عاب على قريش ما هم عليه من عبادة الأوثان.([54])
ولو أن زيدا لم ينكر عليهم، ويسفه آلهتهم لما آذوه، ولتركوا له حرية المعتقد وممارسة الشعائر كما لم يؤذوا غيره من الحنفاء وغيرهم ممن كانوا مفارقين لهم في دينهم وشعائرهم.

رابعًا: أن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة كان يتعبد بغار حراء قبل بعثته، حتى نزل عليه الوحي وهو فيه، ولم ينقل أن المشركين منعوه من عبادته تلك، أو آذوه بسببها، أو انتقدوه بها، مع أن فيها مفارقة لما يعبدون، وخلوة بالله تعالى.

قالت عَائِشَةُ نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةا: كان أَوَّلَ ما بُدِئَ بِهِ رسول اللَّهِ نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ في النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إليه الْخَلَاءُ فَكَانَ يَلْحَقُ بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فيه قال وَالتَّحَنُّثُ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قبل أَنْ يَرْجِعَ إلى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ بِمِثْلِهَا([55])
فدل الحديث على أن خلوته كان فيها مفارقة لقومه وما يعبدون، وأنه نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة كان يتعبد عبادة تخصه، ونقل الحافظ ابن حجر الخلاف في تعبده هل كان بشريعة سابقة؟ وبشريعة مَن مِن الأنبياء عليهم السلام، وقوّى أنه كان يتعبد بما بلغه من شريعة إبراهيم نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة، قال رحمه الله تعالى:ولا سيما مع ما نقل من ملازمته للحج والطواف ونحو ذلك مما بقي عندهم من شريعة إبراهيم.([56])

خامسًا: أن التحول عن الدين إلى دين آخر كان مشهورًا عند أهل الجاهلية ولم يؤذوا من تحولوا من دينهم إلى دين آخر أو ينكروا ذلك عليهم، وممن تحول عن الشرك إلى النصرانية حنظلة بن أبي عفراء الطائي، وهو عم إياس بن قبيصة الذي كان ملك الحيرة، تنصر وبنى ديرا سمي دير حنظلة الطائي. ([57])قال البكري: وكان من شعراء الجاهلية ثم تنصر وفارق بلاد قومه ونزل الجزيرة مع النصاري حتى فقه دينهم وبلغ نهايته وابتاع ماله وبنى هذا الدير وترهب فيه حتى مات.([58])
وممن تنصر أيضاً داود بن هُبالة، وكان أول ملك للعرب في بلاد الشام، فغلبه ملك الروم على ملكه، فصالحه داود على أن يقره في منازله ويدعه فيكون تحت يده، ففعل، ثم تنصر وكره الدماء وبنى ديرًا سمي (دير اللثق) وأنزله الرهبان.([59])
واستعرض اليعقوبي حركة تغير الدين في العرب فقال: وكانت العرب في أديانهم على صنفين: الحمس والحلة، فأما الحمس فقريش كلها، وأما الحلة فخزاعة لنزولها مكة ومجاورتها قريشا...فهاتان الشريعتان اللتان كانت العرب عليهما، ثم دخل قوم من العرب في دين اليهود وفارقوا هذا الدين، ودخل آخرون في النصرانية، وتزندق منهم قوم فقالوا بالثنوية، فأما من تهود منهم فاليمن بأسرها، كان تُبَّعٌ حمل حبرين من أحبار اليهود إلى اليمن فأبطل الأوثان وتهود من باليمن وتهود قوم من الأوس والخزرج بعد خروجهم من اليمن لمجاورتهم يهود خيبر وقريظة والنضير، وتهود قوم من بني الحارث بن كعب، وقوم من غسان، وقوم من جذام. وأما من تنصر من أحياء العرب فقوم من قريش من بني أسد بن عبد العزى منهم عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى، وورقة بن نوفل ابن أسد، ومن بني تميم بنو امرئ القيس بن زيد مناة، ومن ربيعة بنو تغلب، ومن اليمن طيء ومذحج وبهراء وسليح وتنوخ وغسان ولخم وتزندق حجر بن عمرو الكندي.([60])










عرض البوم صور دآنـة وصآل   رد مع اقتباس