المسألة الثالثة: دلالة أل التعريف أل التعريف إما أن تكون جنسية أو عهدية، من معانيها: الاستغراق، والدلالة على الكمال في الصفة، والموصولية وغير ذلك. (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) (115) النساء (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) (18) الفتح (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) (26) الفتح دلالة أل التعريف على إيمان الصحابة وبقائهم على الإيمان إذا سألنا: من الرسول حال نزول الآيات؟ سؤال بديهي جدا، هو رسولنا حسنا من المؤمنون الذين عُطِفوا على الرسول؟ ج/ هم الصحابة بلا شك، كلنا نتفق على ذلك. ما الذي يزيدنا دلالة على أن المؤمنين في الآية هم الصحابة ؟ 1-السياق، والحال. 2-أل التعريف لأنها دلت على العهد والاستغراق، وتدل على الجنس فتشمل كل مؤمن وبالتالي دخول الصحابة فيها أولى. 3-لأنه لا يوجد في عهد الرسول مؤمنون غير الصحابة . ما دلالة أل في كلمة المؤمنين؟ أل التعريف إذا دخلت على الجمع فإنها تدل على معانٍ منها: تكون بمعنى الموصولية أي: الذين آمنوا فدلت كلمة المؤمنين على إيمان وقع من الصحابة، مثل (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات...) أي إن الذين أسلموا واللاتي أسلمن والذين آمنوا واللتي آمن... وهكذا، وقد ذكرنا سابقا دلالة الفعل الماضي على ثبوت هذه الصفة إذا كانت خبرا من الله تعالى؛ لأن أخبار الله لا يمكن أن يناقضها الواقع ومن يقول بذلك فإنه ينسب الكذب والجهل لله تعالى! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. تكون بمعنى الاستغراق أي: كما في آية النساء؛ فتشمل كل المؤمنين ويدخل الصحابة من باب أولى لأنهم أول من آمن. تكون بمعنى الكمال في الصفة أي: كما نقول: زيد الرجل، أي قد بلغ الكمال في صفة الرجولة، فتأمل الآيات السابقة، (المؤمنون) أي الذين بلغوا الكمال في صفة الإيمان، تأملها في آية النساء حيث أضاف السبيل للمؤمنين، ولا يمكن أن يأمرنا الله باتباع سبيل المؤمنين إلا وقد بلغوا كمال الإيمان. (تنبيه) كمال الإيمان في الصحابة لا يعني العصمة من الذنوب، لكنه يعني بالضرورة العصمة من الردة إذ لا يمكن أن يصف تعالى الصحابة بكمال الإيمان وهو يعلم أنهم سيرتدون!. الآن ليتأمل كل شيعي منصف الآيات التي يستشهدون بها على ردة الصحابة هل يمكن أن تجتمع مع هذه الآيات؟! لا يمكن، لأن هذه الآيات محكمة أي لا تتغير، ولا يناقضها الواقع، وهي خاصة بالصحابة من المهاجرين والأنصار، بينما آيات الردة لم يذكر الله قط أنهم من المهاجرين والأنصار، وكل من ارتد في زمن الرسول أو بعد وفاته لا يدخل في آيات الثناء على الصحابة وإلا لوقع التناقض في أخبار الله، ولأن المرتد خارج عن وصف الصحابة الاصطلاحي، فالمرتد ليس صحابيا إلا من حيث اللغة فهو صحب النبي صلى الله عليه في زمنه لكنه لم يصحبه بالإيمان فلا يدخل في آيات وعد الصحابة بالجنات، ومن يقول بأن الصحابة الذين بلغوا الدين هم الذين ارتدوا فهو يصف القرآن بالتناقض، ويطعن في علم الله بالغيب، فتأمل أيها المنصف ختام آية الفتح (وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) (26) الفتح أسأل الله أن يفتح قلوبنا وقلوب الشيعة للحق