أوصى أعرابي ابنه فقال: يا بني؟ اغتنم مسالمة من لا يدان لك بمحاربته، وليكن هربك من السلطان إلى الوحش في الفيافي وأطراف البلدان، حيث تأمن سعاية الساعي، وطمع الطامع منك، ولا تغرنك بشاشة امرئٍ حتى تعلم ما وراءها؛ فإن دفائن الناس في صدورهم، وخدعهم في وجوههم، ولتكن شكاتك الدهر، إلى رب الدهر، واعلم أن الله إذا أراد بك خيراً أو شراً أمضاه فيك على ما أحب العباد أو كرهوا، وأرح نفسك من التعب بقبول القيل والقال، فإن كلمة السوء حبة القلب، كما أن الحنطة حبة الأرض، إذا أصابها الماء نبتت، وكذلك الكلمة السوء إذا زرعت في صدرك نبتت منها الضغائن والبغضاء والعداوة