أحسنت أبا العالية ، وشكر الله لك هذا التنبيه المفيد ، ولقد كنت قرأت في هذه العبارة نقدًا لبعض العلماء ، ومنه ما هو مسطور في مقدمة تفسير ابن عطية في باب عقده بعنوان ( في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى ) .
وهي عبارة قد شاعت بين المفسرين وغيرهم ، ولاشكَّ أن التأدب في التعبير عن الله هو المقام الأمثل ، وهو المطلب المرتجى ، لكن قد يجيء الإخبار عنه بعبارات مثل هذه العبارة ، وليس في ذهن القائل بها ذلك النقص المتوهم الذي أشرتم إليه ، فيوخذ هذا من باب المسامحة في التعبير ، والله أعلم .
ولعلي أتنبه لهذه اللفظة في ما يستجد ، فأبدلها بما ذكرتم من عبارة القرآن ما دامت موفية بالمقصود ، والله الموفق .
أخي أبا مجاهد ، أحسن الله إليك بهذه النقول النافعة ، ولازال الموضوع يحتاج إلى بحث ومدارسة ، ومن باب الفائدة أقول :
إن لبعض السلف مذهبًا ، وهو التحرُّز من الرواية عن بني إسرائيل ، ويشير إلى هذا ما رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (5 : 476 ) ، قال : ( قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش قال: قلت للأعمش ما لهم يتقون تفسير مجاهد؟ قال: كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب) .
ولا يخفى ما سبق طرحه من قول ابن عباس فيما رواه البخاري بسنده عن ابن عباس 
قال كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم أحدث تقرؤونه محضا لم يشب وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ؟ ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم ؟ لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم ) . ( رقم الحديث :6929 ) .
ومن النقول في اعتذار العلماء لمن يروي الإسرائيليات ماقال الذهبي ـ في ميزان الاعتدال في ترجمة محمد بن إسحاق ـ : ( وقال ابن أبي فديك: رأيت ابن إسحاق يكتب عن رجل من أهل الكتاب.
قلت: ما المانع من رواية الاسرائيليات عن أهل الكتاب مع قوله
: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج.
وقال إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فهذا إذن نبوى في جواز سماع ما يأثرونه في الجملة، كما سمع منهم ما ينقلونه من الطب، ولا حجة في شئ من ذلك، إنما الحجة في الكتاب والسنة.
ولعلنا نشترك في استخراج نصوص العلماء في هذا الموضوع ، لتكون عونًا لمن أراد أن يحرر هذا الموضوع ، ويخرج برأي معتدل صائب ، بدلاً من النتائج المسيقة التي نراها في بعض الكتب التي كُتِبت عن الإسرائيليات ، والله الموفق .
د . مساعد الطيار