السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في رائعته الميمية :
وجاء في شرح هذا البيت للإمام ابن عثيمين رحمه الله :
- (( حيَّ )) أقبل ، و (( جنات عدنٍ )) جنات الإقامة ، وسميت بذلك لأن المقيم فيها لا يبغي عنها حولا ، في هذه الدنيا في أي قصر نزلت ترى قصرا أحسن منه فتقول : ليت هذا لي وتطلب الرحيل إن تيّسر لك ، ولكن في الجنة أبدا لا تتمنى منزلة غير منزلتك " لا يبغون عنها حولا " ، ولا يرى أن غيره أنعم منه ، ولهذا سميت جنات عدن ، أي إقامة ، فلا موت ولا مرض ولا سآمة ولا نظر إلى الغير .
يقول : (( منازلك الأولى )) كيف هي المنازل الأولى ؟
لأن آدم أُخرج من الجنة ، وهذا دليل على أن المؤلف – رحمه الله – يرى أن الجنة التي أُخرج منها آدم هي جنة الخلد ، وهذا أحد القولين للعلماء – والخلاف في هذا مشهور – والراجح أنها هي جنة الخلد ، ولكن آدم عليه الصلاة والسلام لحكمة أرادها الله – عز وجل – حصلت منه المخالفة فأُخرج منها ، ولكن أتدري أن هذه المخالفة فيها مصلحة لآدم ولبني آدم ؟
لو لم ينزل من الجنة ما صار هناك ابتلاء وامتحان ، ولكان كل الناس في الجنة إن كان الله قد قدر له الذرية ، ولو لم ينزل ما حصل له هذا الوصف العظيم (( وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى (121) ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ )) .
الإجتباء والإصطفاء حصل بعد أن عصى ربه فتاب ، وهذه منزلة رفيعة حصلها بعد ذلك ، فالله عز وجل حكيم فيما قدره على آدم ، فكان مصلحة له ومصلحة لذريته .
---
المصدر : شرح ميمية ابن القيم لابن عثيمين رحمهما الله .