- روى مالكٌ عن نافع عن ابن عمر قال: "تعلّم عمرُ البقرةَ في اثنتي عشرة سنة، فلما ختمَها نحر جزوراً"[نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء1/35]. وطولُ المدة ليس عجزاً من عمر ولا انشغالاً عن القرآن؛ فما بقي إلا أنه التدبر.
2- عن ابن عباس قال: "قدم على عمر رجلٌ فجعل عمرُ يسألُ عن الناس فقال: يا أمير المؤمنين! قد قرأ القرآنَ منهم كذا وكذا، فقلت: والله ما أحبُ أن يسارعوا يومهم هذا في القرآنِ هذه المسارعة. قال: فزبرني عمر، ثم قال: مه! فانطلقتُ لمنزلي حزيناً فجاءني، فقال: ما الذي كرهتَ مما قال الرجل آنفاً؟ قلت: متى ما يسارعوا هذه المسارعة يحتقّوا - يختصموا: كلٌ يقول الحق عندي - ومتى يحتقّوا يختصموا، ومتى اختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا، فقال عمر: لله أبوك! لقد كنت أكتمها الناس حتى جئتَ بها"[نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء1/279].
وقد وقع ما خشي منه عمرُ وابن عباس-
ا-فخرجت الخوارجُ الذين يقرؤون القرآن؛ لكنه لا يجاوز تراقيهم .
3- عن ابن عمر-
-قال: "كان الفاضل من أصحاب رسول الله -
- في صدر هذه الأمة لا يحفظُ من القرآن إلا السورة ونحوها، ورُزقوا العمل بالقرآن، وإنّ آخر هذه الأمة يقرؤون القرآن، منهم الصبي والأعمى ولا يُرزقون العمل به.
وفي هذا المعنى قال ابن مسعود: إنّا صعبٌ علينا حفظُ ألفاظ القرآن، وسهلٌ علينا العمل به، وإن مَنْ بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به"[الجامع لأحكام القرآن1/39-40].
4- قال الحسن البصري: "إن هذا القرآن قد قرأه عبيدٌ وصبيان لا علم لهم بتأويله، وما تدبُّر آياته إلا باتـبـاعه، وما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إنّ أحدهم ليقول: لقد قرأتُ القرآنَ فما أسقطت منه حرفاً وقد-والله!-أسقطه كله، ما يُرى القرآن له في خلقٍ ولا عمل، حتى إنَّ أحدَهم ليقول: إني لأقرأ السورة في نَفَسٍ! والله! ما هؤلاء بالقراء ولا العلماء ولا الحكماء، ولا الوَرَعة، مـتى كانت القراء مثل هذا؟ لا كثَّر الله في الناس أمثالهم"[الزهد 276-وانظر مفاتيح للتعامل مع القرآن للخالدي ص46].
5- وقال الحسن أيضاً: "نزل القرآن ليُتَدَبَّر ويُعملَ به؛ فاتخذوا تلاوته عملاً"[مدارج السالكين1/485]. أي أنّ عمل الناس أصبح تلاوةَ القرآن فقط، بلا تدبّر ولا عمل به.
6- كان شعبة بن الحجاج بن الورد يقول لأصحاب الحديث: "يا قوم! إنكم كلما تقدّمتم فـي الحديـث تأخّرتم في القرآن"[نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء2/582]. وفي هذا تنبيهٌ لمن شغلته دراسةُ أسانيد الحديث ومسائل الفقه عن القرآن وتدبّره أنه قد فَقَدَ توازنَه واختلّ ميزانُه.
7-عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: "لأن أقرأَ في ليلتي حتى أصبح بـ (إذا زلزلت) و (القارعة) لا أزيد عليهما أحب إليَّ من أن أهذَّ القرآن ليلتي هذّاً. أو قال: أنثره نثراً"[الزهد لابن المبارك97-وانظر نضرة النعيم913].