اتجهت الجوازم لمُواجهة الفعل المضارع، فبدأت المعركة مع
الفعل المضارع الصحيح، واستطاعت الجوازم تغيير حركة
الفعل المضارع مِن مرفوع بالضمة إلى مجزوم بالسكون، ثم اتجهت إلى
الفعل المضارع المعتل، وهنا قامت باستخدام سلاح المقص، فبدأت تَحذف حروف العلة حرفًا حرفًا؛ حتى وصلت إلى الألف، الذي أمكنها بواسطة المقص قطعه وحذفه دون عناء، وذلك كله جاء على النحو الآتي:
لم يذهبْ: فعل مضارع مجزوم بالسكون.
لم يدعُ: فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة (
الواو).
لم يرمِ: فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة (
الياء).
لم يسعَ: فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العِلة (
الألف).
عادت الجوازم إلى قواعدها سالمة غانمة، وقد حظيت بالنصر الكامل، وأتمَّت عملياتها الموكلة إليها بنجاح تام.
وبعد كل ما حصل للفعل المضارع، فإنه لا يزال مُصِرًّا على البقاء في عالَم الإعراب، وفي هذه المرة توصَّل إلى حيلة جديدة؛ حيث استعان بعالَم الإعراب على أساس أنه فرد مِن أفراده، وله حقٌّ عليهم، فقام عالم الإعراب بتلبية طلبه وتزويده بثلاثة أعضاء جديدة تنوب عن أعضائه المقطوعة، فزوده بواو الجماعة بدلاً مِن حرف العِلة (
الواو)، وألف الاثنين بدلاً مِن حرف العلة (
الألف)، وياء المُخاطَبة بدلاً من حرف العلة (
الياء)؛ فأصبح
الفعل المضارع بذلك يتَّصف بشكل جديد، واسم جديد: (
الأفعال الخمسة)، وأصبحت علامة رفعه
"ثبوت النون" بدلاً مِن الضمة، وذلك كله على النحو الآتي:
يذهبان: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون.
يذهبون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون.
تذهبين: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون.
وبموجب هذه التطورات عقدت مملكة النحو اجتماعًا طارئًا مع النواصب والجوازم؛ لتوحيد جهودهما في مواجهة
الفعل المضارع الجديد، وقد خرج الاجتماع بتوصيات، مِن أهمها:
أولاً: اتحاد النواصب والجوازم تحت راية واحدة، وبسلاح واحد، هو سلاح المقص.
ثانيًا: إلغاء رفعه بثبوت النون، ووجوب نصبه أو جزمه بحذف النون عند سبقه بناصب أو بجازم.
انطلقت النواصب والجوازم لخوض معركة قوية مع
الفعل المضارع الذي تضاعَفَت قوته، وبعد احتدام الصراع والْتحام الفريقَين، استطاعت النواصب والجوازم أن تحذف النون مِن آخر
الفعل المضارع، وذلك على النحو الآتي:
لن / لم يذهبا: فعل مضارع منصوب/ مجزوم بحذف النون.
لن / لم يذهبوا: فعل مضارع منصوب/ مجزوم بحذف النون.
لن / لم تذهبي: فعل مضارع منصوب/ مجزوم بحذف النون.
وهكذا انتصرت النواصب والجوازم؛ فعادت إلى أدراجها سالمة فَرِحَة بما حقَّقتْه مِن نصر عظيم.