شهدت مدينة تبوك وعدد من المراكز المجاورة لها بالإضافة إلى محافظتي أملج وتيماء استمرار هطول الأمطار لليوم الثاني على التوالي بكميَّات كبيرة، نتج عنها جريان أهم أكبر أربعة أودية تمرُّ بالمنطقة، وهي أودية أبونشيفة وضبعان والبقار والإثيلي.
وقد أسفر ذلك عن إخلاء سكان أربعة أحياء، وإيواء 250 أسرة في الشقق والفنادق الموجودة، فيما تمَّ استضافة البقية في اثنين من أكبر قصور الأفراح بالمنطقة.
من جهته، أوضح الناطق الإعلامي في مديرية الدفاع المدني بمنطقة تبوك، العقيد ممدوح بن سليمان العنزي، أن طائرات الأمن تمكَّنت مساء البارحة من إنقاذ 23 شخصاً من نساء ورجال وأطفال من حي دمج الذي تضرَّر من سيول وادي البقار، وفي الساعة الثانية من فجر أمس، دخلت سيولٌ من امتداد وادي الإثيلي إلى أحياء أبوسبعة وحي كريم وأبودميك الجنوبية، فأصدر الدفاع المدني توجيهات بإخلاء هذه الأحياء، وتم إيواء مَن يرغب من سكانها في شقق مفروشة وقصور أفراح.
وذكر العقيد العنزي أنه تمَّ تسجيل 273 حالة احتجاز لسيارات ومواطنين داخل الأودية ونقاط تجمع المياه، كما تم تسجيل بلاغات حوادث ماس كهربائي في المنازل. مضيفاً بأنه تم كذلك إخلاء حي الإثيلي التابع للقوات البرية من قِبَل قيادة المنطقة الشمالية الغربية، وتباشر لجنة حصر الأضرار أعمالها لحصر جميع الأسر التي تم إخلاؤها، كما أن اللجنة الفوريَّة برئاسة مدير الدفاع المدني بالمنطقة ومندوبين من الجهات الحكومية لازالت منعقدةً بغرفة العمليات المركزية للدفاع المدني، ولازالت فِرَقُ ووحدات الدفاع المدني تباشر أعمالها داخل مدينة تبوك والأودية المحيطة بها.
وعلى الصعيد الميداني، واصلت أمانة تبوك أعمالها لتصريف مياه السيول، حيث وجَّه أمين المنطقة المهندس محمد بن عبدالهادي العمري، كافة الوكالات والإدارات إلى استنفار جهودها وإمكاناتها لتقديم أفضل الخدمات والتعامل مع الوضع القائم بالسرعة التي تتطلبها الحاجة، وقد تم تشكيل غرفة عمليات تعمل على مدار الساعة وتتلقى البلاغات على 940، وترتبط بالفرق الميدانية حيث ينتشر ما يزيد عن 450 عاملاً لشفط المياه وأكثر من 60 آلية ومعدة شاركت في عمل عقوم ترابية في بعض الأودية، ومنها وادي الضبعان.
وفي تصريح لـ «الشرق»، قال المواطن سعد سعيد العطوي، أحد سكان حي أبوسبعة في تبوك، إنه تم إخلاؤه من منزله، في تمام الساعة الثالثة فجر أمس، بعدما طلبت فرق الدفاع المدني منَّا سرعة إخلاء المنازل، وذلك عن طريق مكبِّرَات الصوت وصافرات الإنذار، وذلك لقرب منازلنا من أحد السيول، وقمنا بمساعدة رجال الدفاع المدني بنقل عائلاتنا إلى قاعة للأفراح لإيوائهم لفترة بشكل مؤقَّت إلى حين حصولنا على شقة مفروشة من قِبَل لجنة حصر الأضرار التي تقوم بتسجيل أسماء المواطنين المتضرِّرِين، مؤكداً أنَّ الأوضاع في هذه الأجواء الماطرة سيئة، وأغلب السكان تضرر بعد أن غمرت المياه المنازل.
وفي أملج، هطلت أمطار غزيرة استنفرت على إثرها جميع الجهات الحكومية بكامل طاقتها، حيث تسبَّبَت الأمطار التي استمرت أقلَّ من ساعة في امتلاء جميع الشوارع والتقاطعات ومداهمة عدد من المنازل في الأحياء الجنوبية، وتعطل كثيرٍ من السيارات داخل البلد وخارجها، فيما تسبَّبَ جريان وادي الغمير بمداهمة عدد من المنازل بجنوب المدينة، وقد بادرت فرق الدفاع المدني والبلدية وانتشلت عدداً من السيارات وأنقذت المحتجزين، وأخلت منزلين في حيي البطحاء والجنوبي.
وقد شهدت الشقق المفروشة والفنادق في تبوك إقبالاً كبيراً حيث تمَّ شغلُها بنسبة 100%، وذلك بعد أن تمَّ إخلاء المواطنين من منازلهم الواقعة في الأحياء الجنوبية، وتوافد غالبية السكان البدو وسكان القرى إلى تبوك، وذلك خوفاً من جريان الأودية القريبة من مساكنهم، حيث قام فرع وزارة المالية بتبوك بدفع مصاريف هذه الشقق التي تم إيواء المواطنين بها.
وأكد العقيد العنزي أن الفنادق والشقق المفروشة بتبوك، شهدت إشغالاً تاماً، وأن بعضها كان يعتذر عن عدم توفر أماكن شاغرة، وقد تدخَّلت هيئة السياحة بصفتها الجهة المشرفة على الفنادق والشقق المفروشة، وتحقَّقَت من قوائم النُّزلاء.
وفي خطوة لافتة، قامت جامعة تبوك بالمشاركة في عمليات الإخلاء والإنقاذ من خلال جوَّالة الجامعة في مساعدة وإنقاذ بعض المحتجَزِين في الأحياء الجنوبية وبعض الأودية .
وقد توجَّه أمير منطقة تبوك، صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز، بالشكر لله، عز وجل، على ما تشهده أجزاءٌ كبيرة من المنطقة من أمطار خير وبركه سالت على أثرها معظم الأودية الرئيسة. وقال سموه في تصريح صحفي: إن اللجنة المحلية للدفاع المدني في المنطقة في حالة انعقاد دائم، كما أن اللجان الفرعية المتخصصة تباشر عملها في إطار تنسيق كامل، وأن الجميع يعمل وفق الإجراءات الاحترازية المعدَّة مسبقاً، والمعتمَدَة لدى اللجنة في اجتماعاتها الدوريَّة.
وأضاف سموُّه أنَّه تمَّ التوجيه لكافة الإدارات الحكومية ببذل كافة جهودها القُصوى لمواجهة أي طارئ، وتقديم الخدمات الوافية للمواطنين، علماً بأن جميع الأمور تسير بالشكل الطبيعي في مثل هذه الظروف.
وختم سموُّه بالقول: إنني بهذه المناسبة الخيِّرة والمباركة أهنىء إخواني أهالي المنطقة بأمطار الخير والبركة سائلاً المولى القدير أن يجعلها أمطار خير، ويعمَّ بنفعها البلاد والعباد.