بسم الله الرحمن الرحيم
قالَ الإمام أبُو مُحمَّد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسيّ (ت: 620هـ) -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ-: "السُّنَّة أنْ يأكل في الفطر قبل الصَّلاة، ولا يأكل في الأضحىٰ حتَّىٰ يُصلِّي"، وهذا قول أكثر أهل العلم، منهُم: عليّ، وابن عبَّاس، ومالك، والشَّافعيّ، وغيرهم، لا نعلم فيه خلافًا.
قالَ أنسٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "كانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْدُو يَوْمَ الفِطْر حتَّىٰ يأكُلَ تمرات".(رواه البُخاري).
وفي رواية اسْتشهد بها: ((ويأكلهنَّ وترًا)).
ورُوي عن بريدة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قالَ: "كانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يخرج يوم الفطر حتَّىٰ يُفطر، ولا يُطعم يوم الأضحىٰ حتَّىٰ يُصلِّي".(رواه الأثرم والتِّرمذي).
ولفظ رواية الأثرم: ((حتَّىٰ يضحي))، ولأنَّ يوم الفطر يوم حُرم فيه الصِّيام عقيب وجوبه، فاستحبَّ تعجيل الفطر لإظهار المبادرة إلىٰ طاعة الله تعالىٰ، وامتثال أمره في الفطر علىٰ خلاف العادة.
والأضحى بخلافه، ولأنَّ في الأضحى شرع الأضحية والأكل منها فاستحبَّ أنْ يكون فطره علىٰ شيء منها، قالَ أحمد -رَحِمَهُ اللهُ-: "والأضحىٰ لا يأكل فيه حتَّى يرجع إذا كان لهُ ذبح، لأنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكلَ مِنْ ذبيحته، وإذا لم يكن لهُ ذبح لم يُبال أنْ يأكل".اهـ.
«فصلٌ»:"والمستحب أنْ يُفطر علىٰ التَّمر، لأنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ يُفطر عليه، ويأكلهنَّ وترًا، لقول أنس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "ويأكلهنَّ وترًا"، ولأنَّ الله تَعَالَىٰ وترٌ يحب الوتر، ولأنَّ الصَّائم يستحبّ لهُ الفطر كذلك".اهـ
(["المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشّيباني" / (2/228)])