الرواية الحادية والأربعون: الطوسي: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبومحمد الفضل بن محمد بن المسيب الشعراني بجرجان، قال: حدثنا هارون بن عمر بن عبدالعزيز بن محمد أبو موسى المجاشعي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه أبي عبدالله، عن علي أمير المؤمنين، قال: سمعت رسول الله يقول: بني الإسلام على خمس خصال، فذكر الصلاة والزكاة والصيام والحج وختم ذلك بالولاية، فأنزل الله عز وجل: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) [المائدة:3] ([93]). أقول: أبو المفضل مرَّ الكلام عنه، والشعراني لم أجد له ترجمة، والمجاشعي مجهول([94])، ومحمد بن جعفر وإن كان ابن الصادق إلا أنه وردت في ذمه روايات([95]). الرواية الثانية والأربعون: الطوسي: أخبرنا أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن محمد بن الوليد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن المفضل بن عمر، عن الصادق قال: قال أمير المؤمنين: بولايتي أكمل الله لهذه الأمة دينهم، وأتم عليهم النعم، ورضي لهم إسلامهم، إذ يقول يوم الولاية لمحمد : يا محمد، أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم، وأتممت عليهم النعم، ورضيت لهم إسلامهم، كل ذلك مَنَّ الله به علي فله الحمد([96]). أقول: أبوالحسن بن الوليد مجهول الحال رغم توثيق البعض له دون مستند، حتى قال الخوئي في ذلك: لا يمكننا الحكم بوثاقته، ثم فنَّد أقوال القائلين بتوثيقه.. إلى أن خلص إلى القول: إنه لم تثبت وثاقة الرجل بوجه([97]). وقد التبس أمر صاحبنا أبي الحسن على مصنف كتاب معلم الشيعة الشيخ المفيد، فأورد في ترجمة شيوخه قول صاحب الكنى والألقاب في أبيه أبي جعفر محمد بن الحسن ابن الوليد من أنه شيخ القميين وفقيههم ومتقدمهم ووجههم ثقة ثقة عين مسكون إليه([98]). أما بقية رجال السند فقد تكلمنا فيهم، والمفضل بن عمر قيل فيه: فاسد المذهب، مضطرب الرواية، لايُعبأ به، ضعيف، متهافت، مرتفع القول، لا يجوز أن يكتب حديثه، بل كفر ولعن على لسان أبي عبدالله ودعا إلى لعنه والبراءة منه([99]). الرواية الثالثة والأربعون: الطوسي: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن علي بن محمد العلوي، قال: حدثنا الحسن بن العلي بن الصالح بن الصالح بن شعيب الجوهري، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن محمد، عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه قال: حدثنا الحسن بن علي قال في حديثٍ طويل: إن الله لما منَّ عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم قال: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)) [المائدة:3] الآية([100]). أقول: العلوي مجهول([101])، وكذا الجوهري([102])، وأما النيسابوري فإنما هو من أصحاب العسكري([103])، ولا أعرف وجهاً لروايته هنا عن الصادق، ولعل في السند انقطاعاً. وعلي أي حال، كتاب الأمالي نفسه -الذي نقلنا منه الروايات السابقة- فيه كلام ونظر عند القوم أنفسهم([104]). الرواية الرابعة والأربعون: الطوسي: الحسين بن الحسن الحسيني، قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا علي بن الحسين العبدي، قال: سمعت أبا عبدالله الصادق يقول: …فذكر حديثاً طويلاً في فضائل يوم غدير خم، وفيه: وأشهد أن محمداً عبدك ورسولك، وأشهد أن علياً صلوات الله عليه أمير المؤمنين ووليهم ومولاهم، ربنا إننا سمعنا بالنداء وصدقنا المنادي رسول الله ، إذ نادى بنداء عنك بالذي أمرته به أن يبلغ ما أنزلت إليه من ولاية ولي أمرك، فحذرته وأنذرته إن لم يبلغ أن تسخط عليه.. إلى أن قال: وإن الإقرار بولايته تمام توحيدك والإخلاص بوحدانيتك وكمال دينك وتمام نعمتك وفضلك على جميع خلقك وبريتك، فإنك قلت وقولك الحق: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) [المائدة:3] ([105]). آفة الرواية هذه الهمداني، فقد قيل فيه: إنه غال، وكان يضع الحديث، وإنه ضعيف، يروي عن الضعفاء، بل قال الصدوق في سند روايتنا هذه: فإن شيخنا محمد بن الحسن كان لا يصححه، ويقول: إنه من طريق محمد بن موسى الهمداني وكان غير ثقة، وفي نسخة: كذاباً([106])، والعبدي مجهول([107])، والحسين بن الحسن الحسيني مجهول، وفي الرواية انقطاع كبير، إذ إن الطوسي يروي الرواية عن جعفر الصادق بأربع وسائط، رغم أن بين وفاتيهما حوالي (300) سنة!! الرواية الخامسة والأربعون: علي بن عبدالله الزيادي، عن جعفر بن محمد الدوريستي، عن أبيه، عن الصدوق، عن أبيه، عن سعيد، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن زرارة قال: سمعت الصادق قال: فذكر أن جبرئيل جاء النبي ، فقال له: يا رسول الله، إن الله تعالى يقرئك السلام، وقرأ هذه الآية: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)) [المائدة:67]، فقال له رسول الله : يا جبرئيل، إن الناس حديثو عهد بالإسلام، فأخشى أن يضطربوا ولا يطيعوا، فعرج جبرئيل إلى مكانه ونزل عليه في اليوم الثاني، وكان رسول الله نازلاً بغدير، فقال له: يا محمد، قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)) [المائدة:67]، فقال له: يا جبرئيل، أخشى من أصحابي أن يخالفوني، فعرج جبرئيل ونزل عليه في اليوم الثالث وكان رسول الله بموضع يقال له: غدير خم، وقال له: يا رسول الله، قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ)) [المائدة:67]، فلما سمع رسول الله هذه المقالة قال للناس: أنيخوا ناقتي، فوالله ما أبرح من هذا المكان حتى أبلغ رسالة ربي.. فذكر بقية قصة الغدير([108]). أقول: الزيادي لم أجد له ترجمة، وكذا الدوريستي الأب، وابن أبي الخطاب الأب مجهول([109])، وابن سنان وزرارة سبق ذكرهما. الرواية السادسة والأربعون: الطبرسي، حدثنا أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني، قال: حدثنا أبوالقاسم عبيد الله بن عبدالله الحسكاني، قال أخبرنا أبو عبدالله الشيرازي، قال: أخبرنا أبو بكر الجرجاني، قال: حدثنا أبو أحمد البصري، قال: حدثنا أحمد بن عمار بن خالد، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله لما نزلت هذه الآية قال: الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الرب برسالتي وولاية علي بن أبي طالب من بعدي، وقال: من كنت مولاه... فذكر الحديث([110]). أقول: مرَّ بيان جهالة وضعف الحماني، وابن الربيع، والعبدي، وبقية رجال السند لم أقف على ذكر أكثرهم. الرواية السابعة والأربعون: الطبرسي، حدثني السيد العالم العابد أبوجعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي ، قال: أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن الشيخ السعيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، قال: أخبرني الشيخ السعيد الوالد أبوجعفر قدس الله روحه، قال: أخبرني جماعة، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، قال: أخبرنا أبوعلي محمد بن همام، قال: أخبرنا علي السوري، قال: أخبرنا أبومحمد العلوي من ولد الأفطس وكان من عباد الله الصالحين، قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني، قال: حدثنا محمد بن خالد الطيالسي، قال: حدثنا سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً، عن قيس بن سمعان، عن علقمة بن محمد الحضرمي، عن أبي جعفر محمد بن علي، أنه قال:..ثم ذكر رواية طويلة جداً جاوزت عشر صفحات لحديث لم يتجاوز الكلمات التي مرت بك في مقدمة هذا الاستدلال، والذي يهمنا منها ذكره أن جبرئيل قال لرسول الله عن الله تعالى: إني لم أقبض نبياً من الأنبياء إلا بعد إكمال ديني وحجتي وإتمام نعمتي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي، وذلك إكمال توحيدي وديني، وإتمام نعمتي على خلقي باتباع وليي وطاعته، وذلك أني لا أترك أرضي بغير ولي ولا قيّم ليكون حجة لي على خلقي، فاليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام ديناً بولاية وليي.. إلى أن قال: فخشي رسول الله من قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرقوا ويرجعوا إلى الجاهلية لما عرف من عدواتهم، ولما تنطوي عليه أنفسهم لعلي من العداوة والبغضاء، وسأل جبرئيل أن يسأل ربه العصمة من الناس، وانتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من الناس عن الله جل اسمه، فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف، فأتاه جبرئيل في مسجد الخيف فأمره بأن يعهد عهده ويقيم علياً علماً للناس يهتدون به، ولم يأته بالعصمة من الله جل جلاله بالذي أراد حتى بلغ كراع الغميم بين مكة والمدينة، فأتاه جبرئيل فأمره بالذي أتاه فيه من قبل ولم يأته بالعصمة، فقال: يا جبرئيل، إني أخشى قومي أن يكذبوني ولا يقبلوا قولي في علي، فرحل فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرئيل على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس، فقال: يا محمد، إن الله عز وجل يقرئك السلام، ويقول لك: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس، وكان أوائلهم قريباً من الجحفة، فأمره أن يرد من تقدم منهم، ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان؛ ليقيم علياً علماً للناس، ويبلغهم ما أنزل الله في علي... فذكر بقية القصة([111]). أقول: أغنانا محقق الاحتجاج عن دراسة سند روايتنا هذه، حيث ذكر([112]) أن فيها من ليس لهم ترجمة كالسوري وابن سمعان، ومجاهيل كالطيالسي والحضرمي، وضعفاء كالهمداني، الذي مر ذكره آنفاً، ولكن فاته أمور: منها: أنه لم يذكر قول ابن الغضائري وابن داود وغيرهما في صالح بن عقبة من أنه غالٍ كذاب لا يلتفت إليه، وليس حديثه بشيء، وأنه كثير المناكير([113]). ومنها: أن ولد الأفطس ليس هو يحيى المكنى أبا محمد العلوي كما استظهر الخوئي لاختلاف الطبقة([114])، والظاهر أن الرجل مجهول ولا عبرة بتوثيق الطبرسي له.