( هامش )
تابع للحلقة الثانية عشر
وأما هذه القصّة فلم افهم ما فيها كما ذكرتُ لكم . وقد ذكرتها لما ستجدونه في آخرها من تساؤلات غريبة وقعت في نفسي . وسوف اشرح لكم القصّة بكل تفاصيلها المملّة لعلّكم تفهمونها انتم . فالى القصّة .
ذات مرّة وقد كُنّا في عطلة نهاية الاسبوع وعليها زيادة يوم الجمعة , وقد منحوا طلبة ما وراء البحار ( غير الامريكيين ) اعطوهم نصف يوم الخميس زيادة منهم على تلك العطلة الطويلة ..
كان الوقتُ طويلاً ومملاّ خاصّة لمن ليس لديه أي اصدقاء فلم نكن سوى اثنين سعوديين وكان صديقي السعودي قد احضر اسرته معه ( متأهل ).
فكنتُ وحيدا وقد اصابني الضّجر والملل . فقلتُ في نفسي :
لماذا لا أذهب الى المكان الذي يبيعون فيه المخدرات ...!!!!؟؟؟
فاشتري شيئا منها واجرّبها , ( ما عاد ناقصني إلاّ هي )
ولقد رأيتُ الأمريكان وهم في نشوة ومرح وصخب , بعد تعاطي تلك المخدّرات . وانا اعرف المكان الذي تُباع فيه تلك السموم , فقد ذهبتُ من قبل مع احد الامريكان ممن كانوا في نفس دورتي الى ذلك الشارع في واشنطن دي سي .
ورأيتُ كيف اشترى المخدّرات وكم هي بسيطة العمليّة . فما عليك سوى ان تركن سيّارتك في ذلك الشارع وسيأتي اليك شخص ويقول لك :
(( ماذا يمكن ان اقدّم لك يا سيّدي ..!!؟؟))
وحينها تدلّل على كيفك , واشتري ما شئتَ .
ولم افكّر كثيراً فسيارتي جاهزة واعرف المكان جيّدا ولديّ المال .
فانطلقتُ الى هناك مسرعا , وحين ركنتُ سيارتي , ابصرتُ شخصين زنوج , يجلسان على جانب الشارع , نظرتُ اليهما وعرفا القصد فتقدّم احدهم نحوي وقال لي الجملة المشهورة لديهم
( كيف اخدمك ..؟؟)
فقلتُ له ابغى شيئا لرأسي ...ههههه هم يقولون كذا
ثم حدّدتُ النوع بقولي : مروانا ( مرجوانا ) ..!!!!!!
وضع يده في جيبه ثمّ اطرق قليلاً وسحب يده من جيبه وقال . أنا آسف فهذا النوع ليس عندي ولكني اقدر اخدمك , انتظر لحظة ..!!!
فقلتُ في نفسي ساخراً : يا سلام على الاخلاق .
ابديتُ له امتناني على هذه المساعدة .
رجع الرجل ( الزنجي ) الى المكان الذي كان يجلس فيه بجانب صاحبه . وتحدّثا مع بعضهما قليلاً وهو يشير اليّ بيده أن اصبر , فصبرتُ .. وانا يهمّني ...هههههه
وبعد دقائق قلائل . جاء شخص نحيف وقصير ووقف عند باب السائق لسيارتي . وقال لي انت الذي يريد مروانا ... فأجبتُ بنعم .
فقال لي انها قليلة اليوم . وان النوع الذي معي فاخر ولكن سعرها غالي جداً فقلتُ بكم .
فقال : بخمسين دولار للكيس ( كيس صغير ) .
وحينها وانا اطلب منه التخفيض طرق الرجل الأوّل ( الزنجي ) طرق زجاج سيارتي من جهة الرّاكب . فأرخيتُ الزّجاج قليلاً لكي اسمعه , فقال وكأنّه يكلّم صاحب المروانا قال له , ارجوك ان تساعد صديقنا , فهو صديق الجميع وزبون دائم , فأرجوك ان تخفّض له السعر . لكنّ صاحب المروانا مصر على الخمسين . وحينها بدأ الزنجي يتكلّم اليّ بصوت منخفض ويقول لا لا تعطيه اكثر من عشرين دولار . المهم
في الأخير اتفقنا على ثلاثين . فأخرج من جيبه كيسا وبدأ يناولني إياه وطلب مني ان اعطيه الفلوس ( المال ) ..... وهنا رَكِّزوا
ناولته المال وانتولتُ منه الكيس فألْتقط مني المال وابقى على المخدّرات في يده . وتراجع قليلاً ولكنّه لم يبعد واخذ يسبني ويسب امي , فسحبتُ مفتاح السيّارة من السويتش واغلقت الباب وزِرْ الأمان وانطلقتُ اليه فأخذ يبتعد قليلاً ويسب ويشتم فاسرعتُ اليه اطارده الى ان قطعنا الجهة الثانية من الشارع , وهو يقترب مني قليلاً ثم يبتعد لا استطيع اللحاق به ولكنه لم يبتعد عني كثيرا ...!!!
حينها أدركتُ ان في الأمر خُدعة ..
ولكني ظننته يريد ان يستدرجني لمكان مظلم , او مكان بعيد عن المارّة . فتوقفتُ عن مطاردته وبقيتُ واقفاً ابادله السب والشتيمة لدقائق قليلة , وفي هذه الأثناء إلْتَفتُ الى الخلف .
وإذا بسيّارتي مفتوحة وفيها الرجلين الأولين الزنوج الإثنين ..!!!
يا الهي ... تثبّتُ في مكاني لم استطع تحريك رجلي ّ
نظرتُ الى يدي وإذا المفتاح معي فتطمّنتُ قليلاً , ثم ماذا بقي يا الهي المحفظة ... محفظة النّقود ليست في جيبي .
لقد تركتها في السيّارة . وضعتها هناك على مرتبة الرّاكب . فيها كل بطاقاتي وتصاريحي العسكرية , ورخصة القيادة و كل معلوماتي وفوق كل ذلك ففي المحفظة حوالي 400 دولار .!!
فقد كانت الصرّافة بعيدة عن المدرسة ولذا نصرف اكبر مبلغ ممكن .
اربعمائة دولار هي كل ما املك لذلك الشهر ...!!
رجعتُ الى السيّارة أمشي بخطى ثقيلة .. ثقيلة جداً ,
فالرجلان لم يعبها بي ولم يكونا خائفين ..
كيف يخافون , وممن ..!!؟؟
فأحدهم كان عملاقاً طول وعرض . لو قسّموه الى اشخاص كل شخص في حجمي فسيكون الناتج هو : ثلاثة اشخاص مثلي ويزيد طفل في الصف الثالث ابتدائي ..ههههههه
اما الثاني فهو ضخم اقصر من صاحبه لكنّه متين مفتول العضلات .!!
حينما اقتربتُ وتأكّدتُ لم اطق قول شيء . فقط تنهدتُ وقلتُ
حسبيَ الله ونعم الوكيل ..!
قلتها وكلنا نقول تلك الكلمة , ولكنّها صدرت من اعماق اعماقي
سيارتي لها بابين ( سبور ) وحين اقتربتُ منهما خرجا من السيارة واغلق احدهما الباب الذي عنده وهو باب الراكب وبقي الثاني ممسكا بباب السائق . فوصلتُ عندهما وانا اشعر كأني في غيبوبة ...
والآن اطلب منكم التركيز أكثر ..
بادرني الذي يمسك بالباب بقوله كيف تترك سيارتك مفتوحة وتذهب . فقلتُ لقد نست ان اغلقها ... فقال هذا التصرف منك خاطئا .
نظرتُ الى داخل السيارة واذا بهم قد فتّشوا كل شيء فيها ولم يبقى فيها شيء في مكانه . حتى كوب القهوة أخذوه ونضّارة شمسيّة ...!!
دخلتُ الى داخل السيارة واستأذنتُ من الرجل الذي يمسك الباب وقلتُ له لو سمحت دع الباب اريد ان اذهب .
فكرر قوله لي : كيف تترك باب سيارتك مفتوحا وتذهب .؟؟
اعتذرتُ منه ( مجاملة ) وسحبتُ الباب لاغلقه .. لكن الرجل أمسكه بقوة
فقلتُ : يا الله ... لا حول ولا قوّة الا بك .
كان الوضع صعباً للغاية , فقد كان الشّرُ يلوح من اعينهم . وفي هذه الأثناء
طرق الرجل الثاني العملاق ( ابن ال ..... ) الذي كان عند باب الراكب طرق الزجاج فالتفتُّ اليه بهدوء فقال لي :
هل عنّدك ولّاعة ..؟؟؟
فقلتُ نعم بالتأكيد ..!! ونظرنا انا وهو سويّا نحو مرتبة الراكب . وقع نظرنا تقريبا سواء على المرتبة ..... وإذا بمحفظتي على المرتبة .
كنتُ قد وضعتُ الدخان والولاّعة والمحفظة على مرتبة الراكب . ظاهرة واضحة.
وقد اخذ دخاني وهو الآن يمسك بكت الدخان امامي وفي يده اليسرى سيجارة من دخاني . فحرّكتُ المحفظة وإذا بالولّاعة تحتها .
فننظتُ انها خدعة ثانية , ولكني ناولته الولاّعة بهدوء وقلتُ له تفضل .
كان لا يزال ينظر الى المحفظة وهو يكرر كلمات وسخة يقولونها عند التعجّب . فاشرتُ اليه بالولّاعة واقول له تفضل .
كان مندهشاً جداً , ولا اعلم لماذا كان مندهشا .
نظر اليّ وحدّق بعينيه في وجهي وقال ( أي جحيم أنت ) .!
What the hell are you
فناولته الولاّعة فأخذها بهدوء وبطؤ , ثم اعاد السيجارة التي كانت في يده الى بكت الدخان , وضم بكت الدّخان والولاّعة بيده اليمنى ثمّ رمى بها بدهشة على المرتبة بجانب المحفظة . وهو يمعن النظر فيّ ويحدّق .
وخيّم صمت قليل ....
ثم وبصوت عادي قال : اغرب عن وجهي .. get lost
اغرب عن وجهي .. ثم رفع صوته بقوله : اذهب الى الجحيم .
تحرّك من هنا .. تحرّك من هنا فوراً ..
ألا تسمعني تحرّك . وارتفع صوته كثيرا.
فقلتُ له ان صديقك يمسك الباب ولا يسمح لي بإغلاقه .
فصاح في صاحبه باعلى صوته قائلا: بحق الجحيم اتركه يذهب .. الا تسمعني ..... يا غبي . !!
ولم اعلم فيما كان يقصدني بكلمة ( غبي ) او يقصد صاحبه . ولكن صاحبه بدأ يندهش ويسأل بقوله :
ما الخطب يا رجل . what is going on man
هل فقدتَ عقلك ؟؟ يسأل صاحبه
فيقول له ( العملاق ) يقول :
اترك الباب ألا تسمعني أترك هذا الرجل يذهب ...
دعه يذهب الى الجحيم . دعه يغيب عن وجهي ....
وكان ينظر في وجهي تارة وهو مندهش وتبدوا عليه علامات الرّعب والحيرة ,,,
بينما انا يقشعر بدني وشعري يشوّك ( يصبح كالشوك ) من القشعريرة
واصبحتُ لا اعلم شيئا ...!!
فلم يعد عقلي يستوعب شيئا . فمرّة يتساءل ,هل هي خطة ثالثة ولماذا اعاد الدّخان والولّاعة لماذا المحفظة هناك وتبدوا حتى الآن سليمة . والآن يطلب مني الذهاب وهو كان يخطط لكل شيء ... هو رئيس العصابة او قل صاحب الفكرة .!؟
ما الذي غيّر ذلك الرجل العملاق ..!!؟؟
أوصد الرجل المبهور باب السيّارة بقوّة فضغطتُ زر الأمان فوراً ولم استطع ان اتنفّس الصعداء فذلك العملاق يضرب بيده على سقف السيارة ويقول تحرّك ... امش من هنا .... فشغّلتُ سيّارتي وانطلقتُ في رعب لم انظر حتى الى السيارة القادمة ولكن الله ستر فقد كان الطريق خالياً .
ابتعدت عنهما حوالي 200 متر وانا لا أزال أراهما من خلال مرآة السيارة واقفين بجانب بعضهما وهما ينظران نحْوي ومن خلال ايديهما يبدوا كأنّهما في شجار او عراك خفيف . فترى الأيادي تارة على الرأس وتارة تشير نحوي وتارة اخرى تراه يرفع احداهما ويخفض الثانية ...
وهكذا خرجتُ بأقل خسائر ممكنه .
بعد كيلومتر وجدتُ موقفاً جانبيّا , فهُرعتُ اليه فكل عضلة في جسدي كانت ترتجف وكأنّها مستقلّة بذاتها عن باقي الجسم ....ههههههه
حسبنا الله وتعم الوكيل .
أوقفتُ سيّارتي وارخيتُ ظهري للخلف لأخذ نفسي واعيد ترتيبات تفكيري . وهدأتُ قليلاً . ثمّ نظرتُ في مرآة السيّارة ... اتأمّل تقاسيم وجهي لأتأكّد انها لا تزال على ما هي عليه من قبل . اتحسس ضلوعي الحمد لله سليمة ...... لم اكن مصدّقاً اني نجوت ...
وتذكّرتُ المحفظة ...!!!
ههااااااااااااااااه المحفظة
وبسرعة التقطتها وفتحها . ابحث عن .... عن .. عن أي شيء
فتحتها وإذا بها سليمة .. كاملة مكمّلة لم يصبها شيء .!!!
يا الهي .... ما الذي جرى ,؟؟
كيف سَلِمَتْ المحفظة ..!!؟؟؟
لم يبصروها ... لا اصدّق . فقد كانت ابرز شيء في السيارة .
انوار السيارة الداخلية مضاءة وانوار الشارع ساطعة ...!!!
لقد اخذ الدخان من جانبها .. كيف لم يرَها ..!!!
وحين ارخيتُ له الزجاج في المرّة الأولى وكان يطلب صاحبه التخفيض لي .. حينها كان يبصر كل شيء وكان يجول بنظره في داخل السيارة . نعم هو كان يقصد أن حينما اخرج من السيارة واطارد من اتفق معه فأنسى واترك زجاج السيارة مفتوحاً فيدخل يده ويفتح الباب .
وكان اول ما يفتح الباب سيرى المحفظة على المرتبة انها وضاحة فهي لم تكن بلون مراتب السيارة ...
فهذه سوداء والمراتب ازرق فاتح جداً ....!!!
لو قلنا انه لم يبصرها . فكيف اخذ الدّخان من عندها ..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هذا الموقف حيّرني كثيراً ..!!!
أما الذي حيّرني أكثر فهو :
أني حينما لم استطع ان اواصل سيري الى المدينة التي كنتُ اسكن فيها رغم قربها فذهبتُ الى اقرب فندّق واستأجرتُ فيه غرفة .
وهناك بقيتُ افكّر فيما حدث وكيف حصل ذاك ..
هل تعلمون ما الذي تبادر فورا الى ذهني ...!!!؟؟؟
لقد خطر على بالي وسواس لم اعهده من قبل ولم يدر في خلدي .
فقد تبادر الى ذهني انّ
( جَدِّي ) السيّد فلان .... هو السبب في انقاذي من تلك المشكلة .
هل لاحظتم ..!!؟؟
والله ان هذا هو الذي حدث ... مع العلم ان ذلك الوسواس لم يكن ينتابني عندما كنتُ في القرية فأنا ولله الحمد لم اعتقد يوما ان الأموات يلبّون دعاء الأحياء . كيف هذا ..؟؟ وسترون في نهاية الحلقات موقفي من هذا بالتفصيل والبيان ان شاء الله .
وحتى لو افترضنا ( جدلا ) ان الأموات لهم دخل بالاحياء , فأنا لم ادعو احداً .... ثمّ ما المطلوب مني لو كان جدّي هو من تدخّل وجعل ذلك الرجل يبدو مرعوبا وخائفاً ... هات ما عندك . ما المطلوب .!؟
كنتُ اعلم المطلوب . ولكني سخرتُ من ذلك وقلتُ في نفسي ان جدي ليس لديه جواز سفر ومن الصعب يحصل على جواز سفر وعلى تأشيرة بهذه السرعة .. ثم هو ميّت اصلاً ... ( رحمه الله ) .
وقد عرفتُ بعض هذا فيما بعد . ولكن كان متأخراً ولكني عرفته .
المهم هل لاحظتم الآن رحمة الله سبحانه .!!!؟؟؟
على الأقل على الأقل أني لم اقع في المخدّرات .
فلو ان البيعة تمّت لكان الأمر مختلفاً الآن .
بينما انا لم ألاحظ فقط الوقوع في المخدرات ولكن سلامة قفصي الصدري وتفاصيل وجهي وبقاء جمجمتي وذراعي ..... وفوقها مالي 400 دولار . هههههههه لم تكن بتلك الاهميّة ولكنه مالي .
باقي لي عندهم 30 دولار هههه
اعتقد ان 30 دولار ليست بشيء امام الفضل الكبير الذي منّ الله به عليّ
لكم التقدير والاحترام والله يرعاكم .