البرهان 182
من سورة الإسراء
{ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ
وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا *
اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا*
مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى
وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا }
{ 13 - 15 }
وهذا إخبار عن كمال عدله أن كل إنسان يلزمه طائره في عنقه،
أي: ما عمل من خير وشر يجعله الله ملازما له لا يتعداه إلى غيره،
فلا يحاسب بعمل غيره ولا يحاسب غيره بعمله.
{ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا }
فيه ما عمله من الخير والشر حاضرا صغيره وكبيره
ويقال له: { اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا }
وهذا من أعظم العدل والإنصاف أن يقال للعبد:
حاسب نفسك ليعرف بما عليه من الحق الموجب للعقاب.
{ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ
وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى
وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا }
أي: هداية كل أحد وضلاله لنفسه لا يحمل أحد ذنب أحد،
ولا يدفع عنه مثقال ذرة من الشر،
والله تعالى أعدل العادلين لا يعذب أحدا
حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة ثم يعاند الحجة.
وأما من انقاد للحجة أو لم تبلغه حجة الله تعالى
فإن الله تعالى لا يعذبه.
واستدل بهذه الآية
على أن أهل الفترات وأطفال المشركين لا يعذبهم الله
حتى يبعث إليهم رسولا لأنه منزه عن الظلم.