عرض مشاركة واحدة
قديم 03-02-14, 01:31 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
جارة المصطفى
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية جارة المصطفى


البيانات
التسجيل: Mar 2011
العضوية: 1225
المشاركات: 5,141 [+]
الجنس: ذكر
المذهب: المذهب السني
بمعدل : 1.00 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 28
نقاط التقييم: 326
جارة المصطفى عطاءه مستمرجارة المصطفى عطاءه مستمرجارة المصطفى عطاءه مستمرجارة المصطفى عطاءه مستمر

الإتصالات
الحالة:
جارة المصطفى غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جارة المصطفى المنتدى : بيت موسوعة طالب العلم
افتراضي

الأثر الثاني
صرف الناس عن العلم والعلماء


من آثار الفتن وعواقبها: أنَّها تصرف الناس عن مجالس العلم ومُجالسة العلماء، وتعلُّم الأحكام، ومعرفة الدِّين وتكوين القلوب مشغولة، وفيها نارُ الفتنة متأجِّجَة، فلا يطمئنُّ لطلب علم، ولا يُقبل على مجالس العلماء، بل يكون منصرفاً عن ذلك كلِّه.
بل أَزيدَ من ذلك وأعظم أنها تُفضي –أي الفتنة- بكثيرٍ من النَّاس إلى انتقاص العلماء واحتقارهم، وعدم معرفة أقدارهم، والوقيعة فيهم، وفي أعراضهم، والنَّيل منهم.
قد جاء في الحديث عن نبيِّنا –عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه قال: ( لَيْسَ مِن أُمتِّي من لم يَرحمْ ضَغِيرَنَا، وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالمِنَا حَقَّهُ ) (1)
ففي الفتنة يقع كثيرٌ من الناس في انتقاص العلماء واحتقارهم ولمزِهم وهَمزِهِم والطَّعن فيهم والتَّقليل من شأنهم ورميهم بالأوصاف العظيمة، يتجرَّأ على مقام العلماء جرأةً سَافِرَة، جرأةً سيِّئةً، وذلك كلُّه من آثار الفتن، والعياذ بالله.
وممَّا جاء في هذا المعنى من الأخبار التي تُروى في التَّاريخ: أنَّه لَّما كانت فتنة عبد الرحمن بن الأشعت، وقد دخل في هذه الفتنة عددٌ من القرَّاء وكثيرٌ من الناس، لَّما كانت هذه الفتنة: انطلق نفرٌ من النَّاس، فدخلوا على الحَسَن البَصْري، وهو إمام من أجلَّة أهل العلم، وفقيهٌ من كبار فقهاء الإسلام، دخلوا على الحسن البصري فقالوا، ما تقول في هذا الطَّاغية –أي الحجَّاج– الَّذي سفك الدَّم الحرام وأخذ المال الحرام وترك الصَّلاة وفعل وفعل..؟! وذكروا له من أفعال الحَجَّاج، فقال الحسن البصري رحمه الله: ( أرى أَلاَّ تُقاتلوه: فإنَّها إن تَكُنْ عقوبةً من الله –أي تسلط الحجاج-: فما أنتم برادِّي عقوبة الله بأسيافكم، وإن يكنْ بلاء: فاصبروا حتَّى يحكم الله، وهو خير الحاكمين )، فخروجا من عنده، وهم يقولون:
نطيع هذا العِلْجَ؟!(2).
فلما تأجَّجت الفتنة في نفوسهم: عندما يقول العالم قولاً لا يوافِق أهواءهم ولا يمشي مع ميُلاتهم وتوجُّهاتهم رأساً: يطعنون به.
والطُّعون ممَّن أُشربوا الفتنة في أهل العلم لا حدَّ لها في قديم الزَّمان وحديثِه، ربَّما رموه بمُداهنةٍ، وربَّما رموه بعَمَالَةٍ، ربما رموه بأوصافٍ وألقابٍ لا حدَّ لها.
فالفتنُ تُجَرِّئُ الناس على مقام العلماء، وانتقاص العلماء، وتحقيرِ العلماء، والوقيعة في أهل العلم، وهذا من أخطر ما يكون على الإنسان، حمانا الله جميعاً من ذلك.
ثمَّ إن هؤلاء النَّفر الذين قالوا للحَسَن هذه المقالة ولم يستجيبوا لنصحه: خرجوا مع ابن الأشعت فَقُتِلُوا جميعاً، فلم يحصِّلوا خيراً، ولم يستفيدوا –أيضًا- من نصائح أهل العلم: لأنَّ أهل العلم أصبح ليس لهم مقامٌ عندهم، وليس لكلامهم أيُّ اعتبار أو أيُّ شأنٍ.

______________
1. أخرجه أحمد (22755)، والحاكم (1/211) من حديث عبادة ابن الصَّامت نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة، وقال الألباني في (صحيح الجامع) (1/211): حسن.
2. (الطبقات الكبرى) لابن سعد (7/164-163)، و(الكنى والأسماء) للدولابي (3/1035)، و (تاريخ دمشق) (12/178 ).




*****










توقيع : جارة المصطفى

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عرض البوم صور جارة المصطفى   رد مع اقتباس