الزهد في الدنيا وحقوق اليتيم والجار والضيف وحكم القسم بالله
اعرِض عَن الدُنيا الدَنيَّةِ زاهِدا *** فالزُهدُ عِندَ أُولي النُهى زُهدانِ
زُهدٌ عَن الدُنيا وَزُهدٌ في الثَنا *** طوبى لِمَن أَمسى لَهُ الزُهدانِ
لا تَنتَهِب مالَ اليَتامى ظالِماً *** وَدَعِ الرِبا فَكِلاهُما فِسقانِ
واحفَظ لِجارِكَ حَقَّهُ وَذِمامَهُ *** وَلِكُلِّ جارٍ مسلِمٍ حَقّانِ
واضحَك لِضَيفِكَ حينَ يُنزِلُ رَحلَهُ *** إِنَّ الكَريمَ يَسُرُّ بالضَيفانِ
واصِل ذَوي الأَرحامِ مِنكَ وَإِن جَفوا *** فَوِصالُهُم خَيرٌ مِنَ الهِجرانِ
واصدُق وَلا تَحلِف بِرَبِّكَ كاذِباً *** وَتَحَرَّ في كَفّارة الأَيمانِ
وَتَوَقَّ أَيمانَ الغَموسِ فَإِنَّها *** تَدَعُ الدِيارَ بَلاقعَ الحيطانِ
النكاح وعدة المرأة والطلاق
حَدُّ النِكاحِ مِنَ الحَرائِرِ أَربَعٌ *** فاطلُب ذَواتِ الدين وَالإِحصانِ
لا تَنكِحَنَّ مُحِدَّةً في عِدَّةٍ *** فَنِكاحُها وَزِناؤُها شِبهانِ
عِدَدُ النِساءِ لَها فَرائِضٌ أَربَعٌ *** لَكِن يَضُمُّ جَميعَها أَصلانِ
تَطليقُ زَوجٍ داخِلٍ أَو مَوتُهُ *** قَبلَ الدُخولِ وَبَعدَهُ سِيّانِ
وَحُدودُهُنَّ عَلى ثَلاثَةِ اقرُؤٍ *** أَو أَشهُرٍ وَكِلاهُما جِسرانِ
وَكَذاكَ عِدَّةُ مَت تَوَفّى زَوجُها *** سَبعونَ يَوماً بَعدَها شَهرانِ
عِدَدُ الحَوامِلِ مِن طَلاقٍ أَوفَنا *** وَضعُ الأَجِنَّةِ صارِخاً أَو فاني
وَكَذاكَ حُكمُ السَقطِ في إِسقاطِهِ *** حُكمُ التَمامِ كلاهُما وَضعانِ
مَن لَم تَحِض أَو من تقلص حَيضُها *** قَد صَحَّ في كِلتَيهِما العَددانِ
كِلتاهُما تَبقى ثَلاثَةَ أَشهُرٍ *** حُكماهُما في النَصِّ مُستَويانِ
عِدَدُ الجَوار مِنَ الطَلاقِ بِحَيضَةٍ *** وَمِنَ الوَفاةِ الخَمسُ وَالشَهرانِ
فَبِطَلقتَينِ تَبينُ مِن زَوجٍ لَها *** لا رَدَّ إِلّا بَعدَ زَوجٍ ثاني
وَكَذا الحَرائِرُ فالثَلاثُ تُبينُها *** فَيُحِلُّ تِلكَ وَهَذِهِ زَوجانِ
فَلتَنكحها زَوجَيهِما عَن غِبطَةٍ *** وَرِضاً بِلا دَلسٍ وَلا عِصيانِ
حَتّى إِذا اِمتَزَجَ النِكاحُ بِدَلسَةٍ *** فَهُما مَعَ الزَوجَينِ زانيتانِ
إِيّاكَ وَالتَيسَ المُحَلِّلَ إِنَّهُ *** وَالمُستَحِلُّ لِرَدِّهاتَيسانِ
لَعَنَ النَبيُّ مُحَلِّلاً وَمُحَلَّلاً *** فَكلاهُما في الشَرعِ مَلعونانِ
لا تَضرِبَن أَمَةً وَلا عَبداً جَنى *** فَكِلاهُما في الشَرعِ مَلعونانِ
الجنة وصفتهاوصفة اهلها وحورها
اعرِض عَنِ النِسوانِ جُهدَكَ واِنتَدِب *** فَكِلاهُما بِيَدَيكَ مأسورانِ
في جَنَّةٍ طابَت وَطابَ نَعيمُها *** لِعِناقِ خَيراتٍ هُناكَ حِسانِ
أَنهارُها تَجري لَهُم مِن تَحتِهِم *** مِن كُلِّ فاكِهَةٍ بِها زَوجانِ
غُرُفاتُها مِن لُؤلؤٍ وَزَبَرجَدٍ *** مَحفوفَةً بِالنَخلِ وَالرُمّانِ
قُصِرَت بِها لِلمُتَقينَ كَواعِباً *** وَقُصورُها مِن خالِصِ وَالمَرجانِ
بيضُ الوجوهِ شُعورُهُنَّ حَوالِكُ *** حُمرُ الخُدودِ عَواتِقُ الأَجفانِ
فُلجُ الثَغورِ إِذااِبتَسَمنَ ضَواحِكاً *** هيفُ الخُصورِ نَواعِمُ الأَبدانِ
خُضرُ الثِيابِ ثَديُهُنَّ نَواهِدُ *** صُفُر الحُليِّ عَواطِرُ الأَردانِ
طُوبى لِقَومٍ هُنَّ ازواجٌ لَهُم *** في دارِ عَدنٍ في مَحَلِّ أَمانِ
يُسقَونَ مِن خَمرٍ لَذيذٍ شُربُها *** بِأَنامِلِ الخُدّامِ وَالوِلدانِ
لَو تَنظُر الحَوراءَ عِندَ وَليِّها *** وَهُما فُويقَ الفُرُشِ مُتَكِئانِ
يَتَنازَعانِ الكأسَ في أَيديهما *** وَهُما بِلَذَّةِ شُربها فَرِحانِ
وَلَرُبَّما تَسقيهِ كأساً ثانياً *** وَكِلاهُما بِرَضابِها حُلوانِ
يَتَحَدَّثانِ عَلى الأَرائِكِ خَلوَةً *** وَهُما بِثَوبِ الوَصلِ مُشتَمِلانِ
أَكرِم بِجَنّاتِ النَعيمِ وَأَهلِها *** إِخوانُ صِدقٍ أَيُّما إِخوانِ
جيرانُ رَبِّ العالَمينَ وَحِزبُهُ *** أَكرِم بِهِم في صَفوة الجيرانِ
هُم يَسمَعونَ كَلامَهُ وَيَرونَهُ *** وَالمُقلَتانِ إِلَيهِ ناظِرَتانِ
وَعَلَيهِمُ فيهما مَلابسُ سُندُسٍ *** وَعَلى المَفارِقِ أَحسَنُ التِيجانِ
تيجانُهُم مِن لؤلؤٍ وَزَبَرجَدٍ *** أَو فِضَّةٍ مِن خالِصِ العِقيانِ
وَخَواتِمٍ مِن عَسجَدٍ وَأَساوِرٍ *** مِن فِضَّةٍ كُسيت بِها الزَندانِ
وَطَعامُهُم مِن لَحمِ طَيرِ ناعِمٍ *** كالبُختِ يُطعم سائِرَ الأَلوانِ
وَصِحافُهُم ذَهَبٌ وَدُرٌّ فائِقُ *** سَبعونَ الفاً فَوقَ ألف خوان
إِن كُنتَ مُشتاقا لَها كَلِفاً بِها *** شَوقَ الغَريبِ لِرؤيَةِ الأَوطانِ
كُن مُحسِناً فيما اِستَطَعتَ فَرُبَّما *** تُجزى عَنِ الاحسانِ بالإِحسانِ
واِعمَل لِجَنّات النَعيمِ وَطيبِها *** فَنَعيمُها يَبقى وَلَيسَ بِفانِ
نصائح واحكام عامة لكل مسلم سني
آدِمِ الصِيامَ مَعَ القيامِ تَعَبُّداً *** فَكِلاهُما عَمَلانِ مَقبولانِ
قُم في الدُجى واتلُ الكِتابَ وَلا تَنَم *** إِلّا كَنَومَةِ حائِرٍ وَلهانِ
فَلَرُبَّما تأتي المَنيَّةُ بَغتَةً *** فَتُساقُ مِن فُرُشٍ إِلى الأَكفا
يا حَبَّذا عَينانِ في غَسَقِ الدُجى *** مِن خَشيَةِ الرَحمَنِ باكِيَتانِ
لا تَقذِفَنَّ المُحصِناتِ وَلا تَقُل *** ما لَيسَ تَعلَمُهُ مِنَ البُهتانِ
لا تَدخُلَنَّ بَيوتَ قَومٍ حُضَّرٍ *** إِلّا بِنَحنَحَةٍ أَوِ اِستِئذانِ
لا تَجزَعَنَّ إِذا دَهَتكَ مُصيبَةٌ *** إِنَّ الصَبورَ ثَوابُهُ ضِعفانِ
فَإِذا ابتُليتَ بِنَكبَةٍ فاِصبِر لَها *** اللَهُ حَسبي وَحدَهُ وَكَفاني
الحث على علم الفقه وعلى علم الميراث
وَعَلَيكَ بِالفِقهِ المُبَيِّنِ شَرعَنا *** وَفَرائِض الميراثِ وَالقُرآنِ
عِلمُ الحِسابِ وَعِلمُ شَرعِ مُحَمَّدٍ *** عِلمانِ مَطلوبانِ مُتَّبَعانِ
لَولا الفَرائِضُ ضاعَ ميراثُ الوَرى *** وَجَرى خِصامُ الوُلدِ وَالشّيبانِ
لَولا الحِسابُ وَضَربُهُ وَكُسورُهُ *** لَم يَنقَسِم سَهمٌ وَلا سَهمانِ
التحذير من علم الكلام
لا تَلتَمِس عِلمَ الكَلامِ فَإِنَّهُ *** يَدعو إِلى التَعطيلِ وَالهَيَمانِ
لا يَصحبِ البِدعيُّ إِلّا مِثلَهُ *** تَحتَ الدُخانِ تأَجُّجُ النيرانِ
عِلمُ الكَلامِ وَعِلمُ شَرعِ مُحَمَّدٍ *** يَتَغايَرانِ وَلَيسَ يَشتَبِهانِ
آخَذوا الكَلامَ عَنِ الفَلاسِفَةِ الأُولى *** جَحَدوا الشَرائِعَ غِرَّةً وَأَمانِ
حَمَلوا الأُمورَ عَلى قِياسِ عُقولِهِم *** فَتَبَلَّدوا كَتَبَلُّدِ الحَيرانِ
مَرجيِّهُم يُزري عَلى قَدَريَّهُم *** وَالفِرقَتانِ لَدَيَّ كافِرَتانِ
وَيَسُبُّ مُختاريُّهم دَوريَّهُم *** وَالقَرمَطيُّ مُلاعِنُ الرُفضانِ
وَيَعيبُ كَرّاميُّهُم وَهبيَّهُم *** وَكِلاهُما يَروي عَنِ ابنِ أَبانِ
لِحِجاجِهِم شُبَهٌ تُخالُ وَرَونَقٌ *** مِثلُ السَرابِ يَلوحُ لِلظَّمآنِ
دَع أَشعَريَّهُمُ وَمُعتَزِليَّهُم *** يَتَناقَرونَ تَناقُرَ الغُربانِ
كُلٌّ يَقيسُ بِعَقلِهِ سُبُلَ الهُدى *** وَيضتيهُ تَيهَ الوالِهِ الهَيمانِ
فَاللَهِ يَجزيهِم بِما هُم أَهلُهُ *** وَلَهُ الثَنا مِن قَولِهِم براني
مَن قاسَ شَرعَ مُحَمَّدٍ في عَقلِهِ *** قَذَفَت بِهِ أَلأَهواءُ في غَدرانِ
عقيدة اهل السنة في صفات الله عزوجل
لا تَفتَكِر في ذاتِ رَبِّكَ واِعتَبِر *** فيما بِهِ يَتَصَرَّفُ المَلوانِ
وَاللَهُ رَبّي ما تُكَيَّفُ ذاتُهُ *** بِخَواطِرِ الأَوهامِ وَالأَذهانِ
أمرِر أَحاديثَ الصِفاتِ كَما أَتَت *** مِن غَيرِ تأويلٍ وَلا هَذَيانِ
هُوَ مَذهَبُ الزُهري وَوافَقَ مالِكٌ *** وَكِلاهُما في شَرعِنا عَلَمانِ
لِلَّهِ وَجهٌ لا يُحَدُّ بِصورَةٍ *** وَلِرَبِّنا عَينانِ ناظِرَتانِ
وَلَهُ يَدانِ كَما يَقولُ إِلَهُنا *** وَيَمينُهُ جَلَّت عَنِ الأَيمانِ
كِلتا يَديَ رَبّي يَمينٌ وَصفُها *** وَهُما عَلى الثَقَلَينِ مُنفِقَتانِ
كُرسيُّهُ وَسِعَ السَمواتِ العُلا *** وَالأَرضَ وَهوَ يَعُمُّهُ القَدَمانِ
وَاللَهُ يَضحَكُ لا كَضِحكِ عَبيدِهِ *** وَالكَيفُ مُمتَنِعٌ عَلى الرَحمَنِ
وَاللَهُ يَنزِلُ كُلَّ آخِرِ لَيلَةٍ *** لِسَمائِهِ الدُنيا بِلا كِتمانِ
فَيَقولُ هَل مِن سائِلٍ فَأُجيبَهُ *** فَأَنا القَريبُ أُجيبَ مَن ناداني
حاشا الإِلَهَ بِأَن تُكَيِّفَ ذاتُهُ *** فالكَيفُ وَالتَمثيلُ مُنتَفيانِ
وَالأَصلُ أَنَّ اللَه لَيسَ كَمِثلِهِ *** شَيءٌ تَعالى الرَبُّ ذو الإِحسانِ
وَحَديثُهُ القُرآنُ وَهوَ كَلامُهُ *** صَوتٌ وَحَرفٌ لَيسَ يَفتَرِقانِ
لَسنا نُشَبِّهُ رَبَّنا بِعِبادِهِ *** رَبٌّ وَعَبدٌ كَيفَ يَشتَبِهانِ
فالصَوتُ لَيسَ بِموجِبٍ تَجسيمَهُ *** إِذ كانَتِ الصِفَتانِ تَختَلِفانِ
حَركاتُ السُنِنا وَصَوتُ حُلوقِنا *** مَخلوقَةٌ وَجَميعُ ذَلِكَ فاني
وَكَما يَقولُ اللَهُ رَبّي لَم يَزَل *** حَيّا وَلَيسَ كَسائِرِ الحَيوانِ
وَحَياةُ رَبّي لَم تَزَل صِفَةً لَهُ *** سُبحانَهُ مِن كامِلٍ ذي الشانِ
وَكَذاكَ صَوتُ الهِنا وَنِداؤُهُ *** حَقّاً آتى في مُحكَمِ القُرآنِ
وَحَياتُنا بِحَرارَةٍ وَبُرودَةٍ *** وَاللَهُ لا يُعزى لَهُ هَذانِ
وَقوامها بِرُطوبَةٍ وَيُبوسَةٍ *** ضِدّانِ أَزواجٌ هُما ضِدّانِ
سُبحانَ رَبّي عَن صِفاتِ عِبادِهِ *** أَو أَن يَكونَ مُرَكَّباً جَسَداني
أنّي أَقولُ فَأَنصِتوا لِمَقالَتي *** يا مَعشَرَ الخُلَطاءِ وَالأخوانِ
إِنَّ الَّذي هُوَ في المَصاحِفِ مُثبَتٌ *** بِأَنامِلِ الأَشياخِ وَالشُبّانِ
هُوَ قَولُ رَبّي آيُهُ وَحُروفُهُ *** وَمِدادُنا وَالرَقُّ مَخلوقانِ
مَن قالَ في القُرآنِ ضِدَّ مَقالَتي *** فالعَنهُ كُلَّ اقامَةٍ وَآذانِ
هُوَ في المَصاحِفِ وَالصُدورِ حَقيقَةً *** ايقِن بِذَلِكَ ايَّما اِيقانِ
وَكَذا الحُروفُ المُستَقِرُّ حِسابُها *** عِشرونَ حَرفاً بَعدَهُنَّ ثَماني
هيَ مِن كَلامِ اللَهِ جَلَّ جَلالُهُ *** حَقّاً وَهُنَّ اُصولُ كُلِّ بَيانِ
حاءٌ وَميمٌ قَولُ رَبّي وَحدَهُ *** مِن غَيرِ أَنصارٍ وَلا أَعوانِ
مَن قالَ في القُرآنِ ما قَد قالَهُ *** عَبدُ الجَليلِ وَشيعَةُ اللِحيانِ
فَقَدِ اِفتَرى كَذِباً وَإِثماً واِقتَدى *** بِكِلابِ كَلبِ مَعَرَّةِ النُعمانِ
خالطتهم حيناً فَلَو عاشَرتُهُم *** لَضَربتُهُم بِصَوارمي وَلِساني
تَعِسَ العَميُّ أَبو العَلاءِ فَإِنَّهُ *** قَد كانَ مَجموعاً لَهُ العَمَيانِ
وَلَقَد نَظَمتُ قَصيدَتَينِ بِهَجوِهِ *** أَبياتُ كُلِّ قَصيدَةٍ مِئَتانِ
الرد على الاشاعرة وبيان معتقدهم
وَالآنَ أَهجو الآشعَريَّ وَحِزبَهُ *** وَأُذيعَ ما كَتَموا مِنَ البُهتانِ
يا مَعشَرَ المُتَكَلِّمينَ عَدَوتُمُ *** عُدوانَ أَهلِ السَبتِ في الحيتانِ
كَفَّرتُمُ أَهلَ الشَريعَةِ وَالهُدى *** وَطَعَنتُمُ بِالبَغي وَالعُدوانِ
فَلأَنصُرَنَّ الحَقَّ حَتّى أَنَّني *** اسطو عَلى ساداتِكُم بِطِعاني
اللَهُ صَيَّرَني عَصا مُوسى لَكُم *** حَتّى تَلَقَّفَ افكَكُم ثُعباني
بِأَدِلَّةِ القُرآنِ أُبطِلُ سِحركُم *** وَبِهِ أُزَلزِلُ كَلَّ مَن لاقاني
هُوَ مَلجَئي هُوَ مَدرَئي هُوَ مُنجني *** مِن كَيدِ كُلِّ مُنافِقٍ خَوّانِ
إِن حَلَّ مَذهَبُكُمُ بِأَرضٍ أَجدَبَت *** أَو أَصبَحَت قَفرا بِلا عُمرانِ
وَاللَهُ صَيَّرَني عَلَيكُم نِقمَةً *** وَلِهتَكِ سِترِ جَميعِكُم أَبقاني
أَنا في حُلوقِ جَميعِهِم عودا الحَشا *** اعيى أَطِبَّتَكُم غُموضُ مَكاني
أَنا حَيَّةُ الوادي أَنا اسَدُ الشَرى *** أَنا مُرهِفٌ ماضي الغِرارِ يَماني
بَينَ ابنِ حَنبَلَ وابنِ إِسماعيلِكُم *** سخط يذيقكم الحَميم الآن
دارَيتُم عِلمَ الكَلامِ تَشَزُّراً *** وَالفِقهُ لَيسَ لَكُم عَلَيهِ يَدانِ
الفِقهُ مُفتَقِرٌ لِخَمسِ دَعائِمٍ *** لَم يضجتَمِع مِنها لَكُم ثِنتانِ
حِلمٌ وَإِتباع لِسُنَّةِ أَحمَدٍ *** وَتُقىً وَكَفُّ أَذىً وَفَهمُ مَعانِ
أَثَرتُمُ الدُنيا عَلى اديانِكُم *** لا خَيرَ في دُنيا بِلا أَديانِ
وَفَتَحتُمُ أَفواهَكُم وَبُطونَكُم *** فَبَلَغتُمُ الدُنيا بِغَيرِ تَوانِ
كَذَّبتُمُ أَقوالَكُم بِفِعالِكُم *** وَحَمَلتُمُ الدُنيا عَلى الأَديانِ
قُرّاؤُكُم قَد أَشبَهوا فُقَهاءَكُم *** فِئَتانِ لِلرَحمَنِ عاصيَتانِ
يَتَكالبانِ عَلى الحَرامِ وَأَهلِهِ *** فِعلَ الكِلابِ بِجيفَةِ اللُحمانِ
يا اشعَريَّةُ هَل شَعَرتُم أَنَّني *** رَمَدُ العُيونِ وَحِكَّةُ الأَجفانِ
أَنا في كُبودِ الأَشعَريَّةِ قَرحَةٌ *** آربو فَأَقتُلُ كُلَّ مَن يشناني
وَلَقَد بَرَزتُ إِلى كِبارِ شُيوخِكُم *** فَصَرَفتُ مِنهُم كُلَّ مَن ناواني
وَقَلَبتُ أَرضَ حِجاجِهِم وَنَثَرتُها *** فَوَجَدتُها قَولاً بِلا بُرهانِ
وَاللَهُ أَيَّدَني وَثَبَّتَ حُجَّتي *** وَاللَهُ مِن شُبُهاتِهِم نَجّاني
وَالحَمدُ لِلَّهِ المُهَيمِنِ دائِماً *** حَمداً يُلَقِّحُ فِطنَتي وَجَناني
أَحَسِبتُمُ يا اشعَريَّةُ أَنَّني *** مِمَّن يُقَعقِعُ خَلفَهُ بِشنان
أَفتستر الشَمسُ المُضيئَةُ بِالسُها *** أَم هَل يُقاسُ البَحرُ بِالخلجانِ
عُمري لَقَد فَتَّشتُكُم فَوَجَدتكم *** حمرا بِلا عنن وَلا أَرسانِ
احَضرَتُكُم وَحَشَرتُكُم وَقَصَدتُكُم *** وَكَسَرتُكُم كَسراً بِلا جُبرانِ
أَزَعَمتُمُ أَنَّ القُرآنَ عِبارَةٌ *** فَهُما كَما تَحكونَ قُرآنانِ
إِيمانُ جِبريلَ وَايمانُ الَّذي *** رَكِبَ المَعاصيَ عِندَكُم سيّانِ
هَذا الجُوَيهرُ وَالعُرَيضُ بِزَعمِكُم *** أَهُما لِمَعرِفَةِ الهُدى أَصلانِ
مَن عاشَ في الدُنيا وَلَم يَعرِفُهما *** وَأَقَرَّ بالإِسلامِ وَالفُرقانِ
أَفَمُسلِمٌ هُوَ عِندكُم أَم كافِرٌ *** أَم عاقِلٌ أَم جاهِلٌ أَم واني
عَطَّلتُمُ السَبعَ السَمواتِ العُلا *** وَالعَرشَ اخلَيتُم مِنَ الرَحمَنِ
وَزَعَمتُم أَنَّ البَلاغَ لأَحمَدٍ *** في آيَةٍ مِنَ جُملَةِ القُرآنِ
هَذي الشَقاشِقُ وَالمَخارِفُ وَالهَوى *** وَالمَذهَبُ المُستَحدَثُ الشَيطاني
سميتُم عِلمَ الأُصولِ ضَلالَةً *** كاسمِ النَبيذِ لِخَمرَةِ الأَدنانِ
وَنَعَت مَحارِمُكُم عَلى أَمثالِكُم *** وَاللَهُ عَنها صانَني وَحَماني
إِنّي اِعتَصَمتُ بِحَبلِ شَرعِ مُحَمَّدٍ *** وَعَضَضتُهُ بِنَواجِذِ الأَسنانِ
اشَعَرتُمُ يا اشعَريَّةُ أَنَّني *** طوفانُ بَحرٍ أَيُّما طوفانِ
أَنا هَمُّكُم أَنا غَمُّكُم أَنا سُقمُكَم *** أَنا سُمُّكُم في السِرِّ وَالإِعلانِ
أَذَهَبتُمُ نورَ القُرآنِ وَحُسنَهُ *** مِن كُلِّ قَلبٍ والهٍ لَهفانِ
فَوَحَقَّ جَبّارٍ عَلى العَرشِ اِستَوى *** مِن غَيرِ تَمثيلٍ كَقَولِ الجاني
وَوَحَقِّ مَن خَتَمَ الرِسالَةَ وَالهُدى *** بِمُحَمَّدٍفَزَها بِهِ الحَرَمانِ
لأَقطَعَنَّ بِمِعولي أَعراضَكُم *** ما دامَ يَصحَبُ مُهجَتي جُثماني
وَلأَهجُوَنَّكُمُ واثلِبُ حِزبَكُم *** حَتّى تُغَيِّبَ جُثَّتي أَكفاني
وَلأَهتِكَنَّ بِمَنطِقي أَستاركُم *** حَتّى أُبَلِّغَ قاصياً أَو داني
وَلأَهجُوَنَّ صَغيركُم وَكَبيركُم *** غَيظاً لِمَن قَد سَبَّني وَهَجاني
وَلأُنزِلَنَّ إِلَيكُم بِصَواعِقي *** وَلَتُحِرقَنَّ كُبودكُم نيراني
وَلأَقطَعَنَّ بِسَيفِ حَقّي زورَكُم *** وَلَيُخمِدَنَّ شواظَكُم طوفاني
وَلأَقصِدَنَّ اللَه في خِذلانِكُم *** وَلَيَمنَعَنَّ جَميعَكُم خِذلاني
وَلأَحمِلَنَّ عَلى عُتاةِ طُغاتِكُم *** حَملَ الأُسودِ عَلى قَطيعِ الضانِ
وَلأَرميَنَّكُمُ بِصَخرِ مَجانقي *** حَتّى يَهُدَّ عُتُوَّكُم سُلطاني
وَلأَكتُبَنَّ إِلى البِلادِ بِسَبِّكُم *** فَيَسيرُ سَيرَ البُزُلِ بالرُكبانِ
وَلأُدحِضَنَّ بِحُجَّتي شُبُهاتِكُم *** حَتّى يُغَطّي جَهلَكُم عِرفاني
وَلأَغضَبَنَّ لِقَولِ رَبّي فيكُمُ *** غَضَبَ النُمورِ وَجُملَةِ العُقبانِ
وَلأَضربَنَّكُم بِصارِمٍ مِقوَلي *** ضَرباً يزَعزِعُ أَنفُسَ الشَجعانِ
وَلأَسعَطَنَّ مِنَ الفُضول أُنوفَكُم *** سَعطاً يُعَطَّسُ مِنُه كُلُّ جَبانِ
إِنّي بِحَمدِ اللَهِ عِندَ قِتالِكُم *** لَمُحكِمٌ في الحَربِ ثَبتَ جَنانِ
وَإِذا ضَربتُ فَلا تَخيبُ مَضارِبي *** وَإِذا طَعَنتُ فَلا يَروغُ طِعاني
وَإِذا حَمَلتُ عَلى الكَتيبَةِ مِنكُمُ *** مَزَّقتُها بِلَوامِعِ البُرهانِ
الشَرعُ وَالقُرآنُ أَكبَرُ عُدَّتي *** فَهُما لِقَطعِ حِجاجِكُم سَيفانِ
ثَقُلا عَلى أَبدانِكُم وَرؤوسِكُم *** فَهُما لِكَسرِ رُؤوسِكُم حَجَرانِ
إِن أَنتُمُ سالَمتُمُ سُولِمتُم *** وَسَلِمتُمُ مِن حَيرةِ الخِذلانِ
وَلَئِن أَبَيتُم واعتَدَيتُم في الهَوى *** فَنِضالُكُم في ذِمَّتي وَضَماني
يا اشعَريَّةُ يا أَسافِلَة الوَرى *** يا عُميُ يا صُمٌّ بِلا آذانِ
أَنّي لأُبغِضَنَّكُم وَأُبغِضُ حِزبَكُم *** بُغضاً أَقَلُّ قَليلِهِ أَضغاني
لَو كُنتُ أَعمى المُقلَتَينِ لَسَرَّني *** كَيلا يَرى إِنسانَكُم إِنساني
تَغلي قُلوبُكُم عَلَيَّ بِحَرِّها *** حَنَقاً وَغَيظاً أَيَّما غَلَيانِ
موتوا بِغَيضِكُم وَموتوا حَسرَةً *** وَأَساً عَلَيَّ وَعَضوا كُلَّ بَنانِ
قَد عِشتُ مَسروراً وَمُتُّ مخفَّرا *** وَلَقيتُ رَبّي سرَّني وَرَعاني
وَأَباحَني جَنّاتِ عَدنٍ آمِناً *** وَمِنَ الجَحيمِ بِفَضلِهِ عافاني
وَلَقيتُ أَحمَدَ في الجِنانِ وَصَحبَهُ *** وَالكُلُّ عِندَ لِقائِهِم أَدناني
لَم أَدَّخِر عَمَلاً لِرَبّي صالِحاً *** لَكِن بإِسخاطي لَكُم أَرضاني
اعتزاز وافتخار الشاعر بعلمه وعشيرته
أَنا تَمرَةُ الأَحبابِ حَنظَلَةُ العِدا *** أَنا غُصَّةٌ في حَلقِ مَن عاداني
وَأَنا المُحِبُّ لِأَهلِ سُنَّةِ أَحمَدِ *** وَأَنا الأَديبُ الشاعِرُ القَحطاني
سَل عَن بَني قَحطانَ كَيفَ فِعالُهُم *** يَومَ الهياجِ إِذا اِلتَقى الزَحفانِ
سَل كَيفَ نَثرُهُمُ الكَلامَ وَنَظمُهُم *** وَهُما لَهُم سَيفانِ مَسلولانِ
نَصَروا بِألسِنَةِ حِدادٍ سُلّقٍ *** مِثلَ الآسِنَّةِ شُرِّعَت لِطِعانِ
سَل عَنهُمُ عِندَ الجِدالِ إِذا التَقى *** مِنهُم وَمِن أَضدادِهم خَصمانِ
نَحنُ المُلوكُ بَنو المُلوكِ وِراثَةً *** أُسدُ الحُروبِ وَلا النِسا بِزَوانِ
تتمة الرد وهجاء الأشاعرة
يا أَشعَريَّةُ يا جَميعُ مَن أَدعى *** بِدَعاً وَأَهواءً بِلا بُرهانِ
جاءَتكُمُ سُنِّيَّةٌ مأمونَةٌ *** مِن شاعِرٍ ذَرِبِ اللِسانِ مَعانِ
خرِز القَوافي بالمَدائِحِ وَالهِجا *** فَكأَنَّ جُملَتَها لَديَّ عَواني
يَهوي فَصيحَ القَولِ مِن لَهَواتِهِ *** كالصَخرِ يَهبِطُ مِن ذُرى كَهلانِ
خاتمة ونهاية النونية
إِنّي قَصَدتُ جَميعَكُم بِقَصيدةٍ *** هَتَكتَ سُتوركُمُ عَلى البُلدانِ
هيَ لِلرَوافِض دِرَّةٌ عُمَريَّة *** تَرَكَت رؤوسَهُمُ بِلا آذانِ
هيَ لِلمُنَجِّمِ وَالطَبيبِ مَنيَّةٌ *** فَكِلاهُما مُلقانِ مُختَلِفانِ
هيَ في رُؤوسِ المارِقينَ شَقيقَةٌ *** ضَرِبَت لِفَرطِ صِداعِها الصُدغانِ
هيَ في قُلوبِ الأَشعَريَّةِ كُلِّهِم *** صاب وَفي الأَجسادِ كالسَعدانِ
لَكِن لأَهلِ الحَقِّ شهدٌ صافياً *** أَو تَمرُ يَثرِبَ ذَلِكَ الصَيحاني
وَأَنا الَّذي حَبَّرتُها وَجَعَلتُها *** مَنظومَةً كَقلائِدِ المَرجانِ
وَنَصَرتُ أَهلَ الحَقِّ مَبلَغَ طاقَتي *** وَصَفَعتُ كُلَّ مُخالِفٍ صَفعانِ
مَعَ أَنَّها جَمَعَت عُلوماً جَمَّةً *** مِمّا يَضيقُ لِشَرحِها ديواني
أَبياتُها مِثلُ الحَدائِقِ تُجتَنى *** سَمعاً وَلَيسَ يَمَلُّهُنَّ الجاني
وَكأَنَّ رَسمَ سُطورِها في طِرسِها *** وَشيٌ تُنَمِّقُهُ أَكُفُ غَواني
وَاللَه أَسأَلُهُ قَبولَ قَصيدَتي *** مِنّي وَأَشكُرُهُ لِما أَولاني
صَلّى الإِله عَلى النَبي محمد *** ما ناحَ قَمريٌّ عَلى الأَغصانِ
وَعَلى جَميع بَناتِهِ وَنِسائِهِ *** وَعَلى جَميعِ الصَحبِ وَالإِخوانِ
باللَه قولوا كلما أَنشدتُمُ *** رَحِمَ الإِلَه صَداكَ يا قَحطاني
رحم الله صداك يا قحطاني وجعل ما قدمت في موازين حسناتك
وأخيراً
شرح نونية القحطاني للشيخ صالح السحيمي حفظه الله
هنا