الشبهة الثانية عشر: التبديل
سؤال: هل المبدل للشريعة يكون كافرا ؟
الجواب:
التبديل في الحكم، في اصطلاح العلماء، هو الحكم بغير ما أنزل الله على أنه من عند الله. أو هو أن يأتي باحكام من عند غير الله، ثم ينسبها إلى الله، كمن حكم بالقوانين الوضعية المخالفة للشريعة، وقال: هي من عند الله، أو من شرعه تعالى.
ولا يخفى أن الحكام بغير ما أنزل الله، اليوم، لا يزعمون ذلك، بل هم يصرحون أن هذه القوانين محض نتاج عقول البشر القاصرة.
والتعريف الذي ذكرناه للتبديل واضح، تمام الوضوح، في كلام الإمام ابن العربي، إذ يقول: "إن حكم بما عنده على أنه من عند الله، فهو تبديل له، يوجب الكفر. وإن حكم به هوى ومعصية، فهو ذنب تدركه المغفرة، على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين"[1].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
" الشرعُ المبدَّل، وهو الكذبُ على الله ورسوله، أو على الناس بشهادات الزور، ونحوها والظلم البيِّن؛ فمن قال: (إن هذا من شرع الله) فقد كفر بلا نزاع "[2].
وانظر كيف استخدم ابن حزم مصطلح التبديل، فقال: " وبرهان ضروري لا خلاف فيه، وهو أن الأمة مجمعة كلها، بلا خلاف من أحد منهم، أن كل من بدل آية من القرآن عامدا، وهو يدري أنها في المصاحف بخلاف ذلك، أو أسقط كلمة عمدا كذلك، أو زاد فيها كلمة عامدا، فإنه كافر بإجماع الأمة كلها. ثم إن المرء يخطئ في التلاوة، فيزيد كلمة وينقص أخرى، ويبدل كلامه جاهلا مقدرا أنه مصيب، ويكابر في ذلك، ويناظر، قبل أن يتبين له الحق، ولا يكون بذلك عند أحد من الأمة كافرا ولا فاسقا ولا آثما. فإذا وقف على المصاحف، أو أخبره بذلك من القراء من تقوم الحجة بخبره. فإن تمادى على خطئه، فهو عند الأمة كلها كافر بذلك لا محالة، وهذا هو الحكم الجاري في جميع الديانة"[3].
_______________________
[1] "أحكام القرآن(2/624)
[2] (الفتاوى3/26)
[3] الفصل في الملل والنحل- 3/253]