عرض مشاركة واحدة
قديم 06-05-14, 11:23 AM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
أبو فراس السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبو فراس السليماني


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 11232
المشاركات: 1,339 [+]
الجنس: ذكر
المذهب: سني
بمعدل : 0.32 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 14
نقاط التقييم: 34
أبو فراس السليماني على طريق التميز

الإتصالات
الحالة:
أبو فراس السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو فراس السليماني المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

{ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ
امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ
قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا
إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ *

فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ
وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً
وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا
وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ
فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ
وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ
وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا
إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ *

قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ
وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ
وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ
لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ *

قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ
وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ
أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ *

فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ
فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ *

ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ
لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ }
{ 30 - 35 }




يعني: أن الخبر اشتهر وشاع في البلد،
وتحدث به النسوة فجعلن يلمنها،

ويقلن: { امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا }
أي: هذا أمر مستقبح،
هي امرأة كبيرة القدر، وزوجها كبير القدر،
ومع هذا لم تزل تراود فتاها الذي تحت يدها
وفي خدمتها عن نفسه،

.ومع هذا فإن حبه قد بلغ من قلبها مبلغا عظيما.




{ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا }
أي: وصل حبه إلى شغاف قلبها،
وهو باطنه وسويداؤه،
وهذا أعظم ما يكون من الحب،

{ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }
حيث وجدت منها هذه الحالة التي لا تنبغي منها،
وهي حالة تحط قدرها وتضعه عند الناس،
وكان هذا القول منهن مكرا،

ليس المقصود به مجرد اللوم لها والقدح فيها،
وإنما أردن أن يتوصلن بهذا الكلام إلى رؤية يوسف
الذي فتنت به امرأة العزيز
لتحنق امرأة العزيز، وتريهن إياه ليعذرنها،
ولهذا سماه مكرا،

فقال: { فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ }
تدعوهن إلى منزلها للضيافة.



{ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً }
أي: محلا مهيأ بأنواع الفرش والوسائد،
وما يقصد بذلك من المآكل اللذيذة،
وكان في جملة ما أتت به وأحضرته في تلك الضيافة،
طعام يحتاج إلى سكين، إما أترج، أو غيره،

{ وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا }
ليقطعن فيها ذلك الطعام

{ وَقَالَتِ } ليوسف:
{ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ } في حالة جماله وبهائه.



{ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ }
أي: أعظمنه في صدورهن،
ورأين منظرا فائقا لم يشاهدن مثله،

{ وَقَطَّعْنَ } من الدهش
{ أَيْدِيَهُنَّ }بتلك السكاكين اللاتي معهن،

{ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ } أي: تنزيها لله

{ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ }
وذلك أن يوسف أعطي من الجمال الفائق والنور والبهاء،
ما كان به آية للناظرين،
وعبرة للمتأملين.




فلما تقرر عندهن جمال يوسف الظاهر،
وأعجبهن غاية،
وظهر منهن من العذر لامرأة العزيز،
شيء كثير - أرادت أن تريهن جماله الباطن
بالعفة التامة

فقالت معلنة لذلك ومبينة لحبه الشديد غير مبالية،
ولأن اللوم انقطع عنها من النسوة:
{ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ }
أي: امتنع وهي مقيمة على مراودته،
لم تزدها مرور الأوقات إلا قلقا ومحبة
وشوقا لوصاله وتوقا.



ولهذا قالت له بحضرتهن:
{ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ
وَلَيَكُونَ مِنَ الصَّاغِرِينَ }
لتلجئه بهذا الوعيد إلى حصول مقصودها منه،


فعند ذلك اعتصم يوسف بربه،
واستعان به على كيدهن
و { قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ }
وهذا يدل على أن النسوة،
جعلن يشرن على يوسف في مطاوعة سيدته،
وجعلن يكدنه في ذلك.



فاستحب السجن والعذاب الدنيوي
على لذة حاضرة توجب العذاب الشديد،

{ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ }
أي: أمِل إليهن،
فإني ضعيف عاجز،
إن لم تدفع عني السوء،

{ وَأَكُنْ }إن صبوت إليهن
{ مِنَ الْجَاهِلِينَ }
فإن هذا جهل،
لأنه آثر لذة قليلة منغصة،
على لذات متتابعات وشهوات متنوعات
في جنات النعيم،

ومن آثر هذا على هذا،
فمن أجهل منه؟"

فإن العلم والعقل يدعو إلى تقديم أعظم المصلحتين
وأعظم اللذتين،
ويؤثر ما كان محمود العاقبة.




{ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ }حين دعاه
{ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ }
فلم تزل تراوده وتستعين عليه بما تقدر عليه من الوسائل،
حتى آيسها، وصرف الله عنه كيدها،

{ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ }لدعاء الداعي
{ الْعَلِيمُ }
بِنيته الصالحة،
وبُنيته الضعيفة
المقتضية لإمداده بمعونته ولطفه.



فهذا ما نجى الله به يوسف
من هذه الفتنة الملمة والمحنة الشديدة،


.وأما أسياده فإنه لما اشتهر الخبر وبان،
وصار الناس فيها بين عاذر ولائم وقادح.



{ بَدَا لَهُمْ } أي: ظهر لهم
{ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ } الدالة على براءته،

{ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ }
أي: لينقطع بذلك الخبر ويتناساه الناس،
فإن الشيء إذا شاع لم يزل يذكر ويشاع مع وجود أسبابه،
فإذا عدمت أسبابه نُسي،
فرأوا أن هذا مصلحة لهم،

فأدخلوه في السجن.










عرض البوم صور أبو فراس السليماني   رد مع اقتباس