وهاك آخر:
"إلهي عليك توكلت، فلا أخزى إلى الأبد،
عرفني يا رب طرقك، وسُبُلَكَ،
علمني، أرشدني إلى حقك،
وعلمني؛ لأنك أنت هو إلهي ومُخَلِّصي،
وإياك رجوت اليوم كله،
إذا تَصَوَّرْتُ كثرة أفعالي الرَّدِيَّة أنا الشقي،
فإني أرتعد من يوم الدَّيْنُونَةِ الرهيب ( 1 )،
لكن إذ أنا واثق بِتَحَنُّنِ إشفاقك،
أهتف إليك مثل داود:
ارحمني ياألله كعظيم رحمتك " ( 2 )
وهذه النجوى الحنون،
ألا تجدها رَفَّافَةً تروح الحب الآمل في رحمة المعبود؟
ألا ترى فيها الهتاف بدعاء :
"ياألله".
ولكن أتدري ما هي؟
إنها صلاة رومية أرثوذكسية!
والله تعالى يقول عن هؤلاء،
ومن دان دينهم:
( لقد كَفَرَ الذين قالوا:
إن الله ثالث ثلاثة
وما من إله
إلا إله واحد)
فهل شفع،
أو يشفع هذا الدعاء، ومثله لهم ؟
أتراه ينسخ عنهم حكم الله بأنهم كافرون ؟!
كلا،
وإن تجاوبت بأصدائه جنبات الوجود!
فقد آمنوا برب هو ثالث ثلاثة،
فلم يناجوا بها "الله" حقاً،
وإنما ناجوا بها رباً،
يزعمون أنه تجسد في ثلاثة مظاهر!
وكُفْر الصوفية أَشَدُّ شناعة؛
فقد آمنت بربٍّ هو عينُ كل شيء!
أو كما يقولون في تسبيحتيهم المقدَّسَتَيْن:
"المظاهر عين الظاهر"
يعنون بالمظاهر أنواعَ الخلق،
وبالظاهر الله تعالى وتقدس
والأخرى:
"ذات ما ترى، عين ما لا ترى"
يعنون أن ما تراه بعيـنـيـك
من مظاهر الوجود
هو عين الإله الصوفي!.
*****************
( 1 ) قارن بهذا زعم ابن عربي
أن الوعد في الآخرة عين الوعيد،
وأن النار عين الجنة!!
( 2 ) ص 241 ،268 كتاب خلاص النفوس في الصلوات والطقوس