خَلَف الصوفية كَسَلَفِهم
قد يقول قائل:
ما لنا، ولابن عربي وغيره،
فتلك أمة قد خلت،
ومالها من أثر!
ولكني أقول لهذا
الذي خدعته الصوفية عن سُـمِّها،
فسقته إياه يحسبه عسلاً مصفى:
نحن لا نحارب أناساً،
وإنما نحارب تراثاً وثنياً،
آمن به سلف الصوفية
على أنه الروحانية القدسية في الإسلام،
وعاثوا به فساداً في عقائد المسلمين.
والصوفية المعاصرة،
تدين بما دان به سلفُها كابن عربي وابن الفارض.
وفي تقديس كهنةِ الصوفية لذكراهما،
وفي التغني بشعرهما الوثني
في نشوة سكرى.
في ذلك كله بُرْهانٌ على أن الصوفية المعاصرة،
امتدادٌ طويل عريض عميق
لدين ابن عربي والشعراني!
إنها تتعبد بكل ما خلفت
الصوفية السالفة من تراث،
وتُقدِّس ما كتب أحبارها،
وتبشر به على أنه تجليات الروح الإلهي،
وتؤمن به إيماناً عميقاً،
يسلب الفكر، ويختلب البصيرة،
ويهوي بالنفس إلى غَوْرٍ سحيق من الإلحاد،
بل ربما أذنت لك الصوفية
في الطعن على كتاب الله،
وتثور وترغي وتزبد
إذا مسست كتاب صوفي زنديق بسوء.
ولئن أنكرت مرة على طبقات الشعراني
ما فيها من خطايا،
لرموك بعمى البصيرة.
كل صوفي هو ابن عربي في زندقته،
وابن الفارض في وثنيته،
والشعراني في خباله وخطاياه،
تدبر أورادهم اليوم،
وقصائدهم التي يرقصون بها
رواد حانات الذكر!
تدبر نعيبهم في كل لحظة بالهامدين،
تجد دليل ما أقول.
ألا تسمع منهم:
مدد يأهل التصريف ؟
مدد يا رئيسة الديوان ؟ ( 1 )
واستمع إلى أولئك "المُخَمِّرِين ( 2 )
بعد حلقات الذكر،
تجدهم يتسابقون إلى القول بأنهم :
"يهود نصارى، مجوس"
والدراويش يصيحون من الفرحة الطروب:
"إكْفَرْ، اكفر" يامْرَبِّي !
*****************
( 1 ) تأمل الحجاج قبل الحج وبعده ترهم يطوفون حول الأضرحة في مصر،
كأنما يريدون طمأنة أوثانهم أنهم على العهد مقيمون!!
بل تأمل الأسطورة التي يبتدعها سدنة كل صنم؛
إذ يزعمون أن من زار هذا الوثن،
أو ذاك سبع مرات ماشياً كتب له ثواب حجة!!
زعموا هذا للبدوي في طنطا،
وللدسوقي في دسوق،
ولشبل في الشهداء !!
( 2 ) هم طائفة من الدراويش يجلسون بعد الذكر،
ثم يتبارون في إنشاد أزجال أو أشعار يزعمون أنها إلهام ساعتهم،
وما زلت أذكر ذلك الرجل الهرِم في قريتي "زاوية البقلي" وهو يقول عن الأقطاب:
ساعة يجونا عرب **ساعة يجونا اعجام
ساعة يجونا نصارى ** لابسين زنار
ساعة يجونا سكارى ** من حدا الخمار