الحديث الثالث والثلاثون
عن أبي سعيد
قال:
قال رسول الله
:
"ومن يستعفف يُعفّه الله.
ومن يستغن يُغنه الله.
ومن يَتَصَبَّر يُصّبِّره الله.
وما أعطِيَ أحد عطاء خيراً
وأوسع من الصبر"
متفق عليه.
هذا الحديث اشتمل على أربع جمل جامعة نافعة.
إحداها:
قوله: "ومن يستعفف يعفه الله"
والثانية:
قوله: "ومن يستغن يغنه الله"
وهاتان الجملتان متلازمتان،
فإن كمال العبد في
إخلاصه لله رغبة ورهبة
وتعلقاً به دون المخلوقين،
فعليه أن يسعى لتحقيق هذا الكمال،
ويعمل كل سبب يوصله إلى ذلك،
حتى يكون عبداً لله حقاً
حُرّاً من رق المخلوقين.
وذلك بأن يجاهد نفسه عن أمرين:
انصرافها عن التعلق بالمخلوقين
بالاستعفاف عما في أيديهم.
فلا يطلبه بمقاله ولا بلسان حاله.
ولهذا قال
لعمر:
"ما أتاك من هذا المال
وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه.
ومالا فلا تتبعه نفسَك"
فقطع الإشراف في القلب والسؤال باللسان،
تعففاً وترفعاً عن مِنن الخلق،
وعن تعلق القلب بهم،
سبب قوي لحصول العفة.