وتمام ذلك :
أن يجاهد نفسه على الأمر الثاني:
وهو الاستغناء بالله،
والثقة بكفايته،
فإنه من يتوكل على الله فهو حسبه.
وهذا هو المقصود.
والأول وسيلة إلى هذا.
فإن من استعف عما في أيدي الناس
وعما يناله منهم:
أوجب له ذلك أن يقوى تعلقه بالله،
ورجاؤه وطمعه في فضل الله وإحسانه،
ويحسن ظنه وثقته بربه.
والله تعالى عند حسن ظن عبده به
إن ظن خيراً فله:
وإن ظن غيره فله.
وكل واحد من الأمرين يمد الآخر فيقويه.
فكلما قوي تعلقه بالله
ضعف تعلقه بالمخلوقين
وبالعكس.
ومن دعاء النبي
:
"اللهم إني أسألك الهدى والتقى،
والعفاف والغنى"
فجمع الخير كله في هذا الدعاء.
فالهدى: هو العلم النافع.
والتقى: العمل الصالح،
وترك المحرمات كلها.
هذا صلاح الدين.
وتمام ذلك
بصلاح القلب،
وطمأنينته بالعفاف عن الخلق،
والغنى بالله.
ومن كان غنياً بالله فهو الغني حقاً،
وإن قلت حواصله.
فليس الغني عن كثرة العَرَض،
إنما الغنى غنى القلب.
وبالعفاف والغنى
يتم للعبد الحياة الطيبة،
والنعيم الدنيوي،
والقناعة بما آتاه الله.