والثالثة
قوله: "ومن يتصبر يصبره الله".
ثم ذكر في الجملة الرابعة:
أن الصبر إذا أعطاه الله العبد
فهو أفضل العطاء وأوسعه
وأعظمه، إعانة على الأمور.
قال تعالى:
{ وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ }(1)
أي: على أموركم كلها.
والصبر كسائر الأخلاق
يحتاج إلى مجاهدة للنفس وتمرينها.
فلهذا قال:
"ومن يتصبر"
أي: يجاهد نفسه على الصبر
"يصبره الله"
ويعينه
وإنما كان الصبر أعظم العطايا،
لأنه يتعلق بجميع أمور العبد وكمالاته
وكل حالة من أحواله تحتاج إلى صبر.
فإنه يحتاج إلى الصبر على طاعة الله،
حتى يقوم بها ويؤديها.
وإلى صبر عن معصية الله حتى يتركها لله
وإلى صبر على أقدار الله المؤلمة، فلا يتسخطها.
بل إلى صبر على نعم الله ومحبوبات النفس،
فلا يدع النفس تمرح وتفرح الفرح المذموم،
بل يشتغل بشكر الله،
فهو في كل أحواله يحتاج إلى الصبر.
وبالصبر ينال الفلاح.
ولهذا ذكر الله أهل الجنة
فقال:
{ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ،
سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ
فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ }(1)
وكذلك قوله:
{ أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا }(2)
فهم نالوا الجنة بنعيمها،
وأدركوا المنازل العالية بالصبر.
ولكن العبد يسأله الله العافية من الابتلاء
الذي لا يدري ما عاقبته،
ثم إذا ورد عليه فوظيفته الصبر.
فالعافية هي المطلوبة بالأصالة
في أمور الابتلاء والامتحان.
والصبر يؤمر به عند وجود أسبابه ومتعلقاته.
والله هو المعين.
******************
(1) سورة البقرة – آية 45 .
(1) سورة الرعد – الآيتان 23 ، 24 .
(2) سورة الفرقان – آية 75 .