الحديث الحادي والسبعون
عن أبي هريرة
قال:
"جاء رجل،
فقال: يا رسول الله، أوصني.
فقال: لا تغضب.
ثم ردَّدَ مراراً.
فقال: لا تغضب"
رواه البخاري.
هذا الرجل ظن أنها وصية بأمر جزئي.
وهو يريد أن يوصيه النبي
بكلام كلي.
ولهذا ردد.
فلما أعاد عليه النبي 
عرف أن هذا كلام جامع.
وهو كذلك؛
فإن قوله: "لا تغضب"
يتضمن أمرين عظيمين:
أحدهما:
الأمر بفعل الأسباب،
والتمرن على حسن الخلق،
والحلم والصبر،
وتوطين النفس على ما يصيب الإنسان من الخلق،
من الأذى القولي والفعلي.
فإذا وفِّق لها العبد،
وورد عليه وارد الغضب
احتمله بحسن خلقه،
وتلقاه بحلمه وصبره،
ومعرفته بحسن عواقبه؛
فإن الأمر بالشيء أمر به،
وبما لا يتم إلا به.
والنهي عن الشيء أمر بضده.
وأمر بفعل الأسباب
التي تعين العبد على اجتناب المنهي عنه.
وهذا منه.