عرض مشاركة واحدة
قديم 24-03-11, 01:18 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
كآشف الحقآئق
اللقب:
عضو


البيانات
التسجيل: Mar 2011
العضوية: 2014
المشاركات: 18 [+]
الجنس:
المذهب:
بمعدل : 0.00 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 10
كآشف الحقآئق على طريق التميز

الإتصالات
الحالة:
كآشف الحقآئق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كآشف الحقآئق المنتدى : بيت المكتبـة الإسلاميـة
افتراضي

الفصل الثالث
دراسات في الشخصية الفارسية

تمتاز الشخصية (الفارسية) بخصائص نفسية معينة، اتفق على ملاحظتها وذكرها الخاص والعام ممن تعامل مع الإيرانيين، وخبر حياتهم وأخلاقهم، وكيف أعدت، أو تعدت هذه الأخلاق إلى المتأثرين بهم والمتشيعين لهم، سوى أن العالِم يختلف عن غيره في عمق النظرة والقدرة على الرصد والتحليل، وربط الأسباب بالمسببات والنتائج بالمقدمات.

قام بدراسة هذه الشخصية عدد من العلماء، وثبتوا ملاحظاتهم العلمية في بحوث ميدانية، مدعومة بالأدلة الاستبيانية والشواهد التجريبية. ذكرت بعض هذه الدراسات في كتابي (لا بد من لعن الظلام)؛ فلن أذكرها هنا تفصيلاً مرة أخرى، تجنباً للإطالة والتكرار.
من هذه الدراسات:

1. (الشخصية الإيرانية ومكوناتها) للأمريكي جاك ميلوك([1]) ضمن كتاب (الثورة الإيرانية والتمدن الحديث). استخلصها – كما جاء في الدراسة - من:
أ‌. بحث تجريبي قام به الأستاذ (البروفسور) مارفن زونيس طبقه على ثلاثمائة شخصية إيرانية تمثل النخبة السياسية الممتازة في إيران، بغض النظر عن كون تلك الشخصيات داخل الحكم أو خارجه. من أجل التأكيد على صحة بعض الانطباعات الخاصة، وذلك بواسطة استبيانات أعدت بعناية لذلك الغرض.

ب‌. ودراسة مفصلة في سنة 1964 قام بها (معهد الإيمان والدراسات الاجتماعية) في جامعة طهران.

وجد الأستاذ زونيس – كما ذكر ميلوك - أن هناك أربع خصائص متميزة تنتصب قائمة كعلامات خاصة دالة على الشخصية الإيرانية والسلوك الإيراني. وهي:

أ. الإيمان بأن السلوك البشري تهيمن عليه المصالح الذاتية وحدها.
ب. سوء الظن أو الارتياب.
ج. القلق وعدم الاستقرار.
د. الاستغلال الشخصي للأفراد بعضهم البعض.

ونقل انطباع شاه إيران نفسه عن الشخصية الإيرانية بأنها مولعة بالنفاق والمراءاة، وبعدم الرغبة في العمل الجماعي، وبعدم الإحساس بوجود الآخرين. وتتمتع بضعف المبادئ.

2. بحث للفرنسي أدور سابيليه[2] بعنوان (إيران من الجانب الآخر) في كتابه (إيران مستودع البارود).

3. بحث قام به المؤرخ العراقي الأستاذ (البروفسور) عماد عبد السلام رؤوف، في مقدمة كتاب (الصراع العراقي الفارسي)، لنخبة من المؤرخين.

أهم الخصائص النفسية التي تميز الشخصية الفارسية

لقد تطرق هؤلاء العلماء إلى جملة من الخصائص النفسية، التي تميز الشخصية الإيرانية، أهمها:

· الغدر: بسبب شكوك الإيراني وعدم ثقته بالآخرين فليس لديه القدرة على الامتزاج. انه يبحث عن الأمان في الانعزالية عن الناس، أو بواسطة توجيه ضربته الأولى.

· الشك والارتياب وسوء الظن: فالشعور بعدم الأمان مغروس عميقا عند الإيرانيين. إن هذا الشعور بالارتياب يجعل الإيراني يعتقد بأنه ليس هناك شيء بنفس البساطة والاستفادة التي ربما يظهر عليها، وأنه لا يمكن قبول الأمور على أساس قيمتها السطحية أو الظاهرية.

· الوقاحة:في قطعة أدبية مشهورة في الأدب الفارسي ينصح أحد الحكام الإيرانيين من ذوي العقل الراجح ابنه حول الكيفية التي يتوجب على الابن اتباعها من أجل أن يكسب حياته في إيران قائلاً:
(لا تتخوف من سوء استعمالك للحق أو السلطة ولا من الإذلال أو تشويه السمعة والافتراء… وعندما يجري طردك خارج أحد الأبواب تعال وادخل بابتسامة من باب آخر… كن وقحاً ومتغطرسا وغبياً، لأنه من الضروري في بعض الأحيان التظاهر بالغباوة لأن في ذلك فائدة. حاول أن تقيم علاقات مع أولئك الذين يتبوأون مناصب عالية. اتفق في الرأي مع أي شخص بغض النظر عن ماهية رأيه، وذلك من أجل أن تجتذب تأييد عطفه الأكبر).

· الشعور بالتفوق أو الاستثنائية: الفذة التي لا مثيل لها. يصبح هذا الشعور مثل درع يحتمي وراءه الفرد ويخفي نفسه أثناء فترة التطور الثقافي السريع. وهذا يجعل الهوية الإيرانية قادرة على البقاء بالرغم من تعرضها لموجات مختلفة من الغزوات، وقادرة على امتصاص مؤثرات ثقافية كانت تواجهها بدون أن تغوص الهوية الإيرانية الذاتية إلى القعر. وعلى خلاف الشعوب الأخرى لم يمتزج الفرس بوشائج الصلة الوثيقة مع العرب حملة الراية الإسلامية، بل حافظ الفرس على شخصيتهم الذاتية حتى في ظل الإسلام. ففي مقابل المذهب السني الشائع بين العرب اخترعوا المذهب الشيعي. وعندما كان مجموع المسلمين يخضعون لسلطان الخليفة فان الإيرانيين اتخذوا من المذهب الشيعي ذريعة لمناهضة شرعية الخلافة باعتبار عدم جواز الإمامة إلا حصراً بسلالة علي. واستعان الفرس بالتكتل الشيعي لتحقيق مآربهم. إن الفرس مسلمون، ولكنهم يختلفون عن المسلمين الآخرين. ومن هذا المنطلق استطاعوا الاستمرار على تحصين أنفسهم ضد الانصهار.

· الكذب: إن المعنيين بدراسة إيران وشؤونها متفقون عموماً على الاستنتاج القائل بأن الارتياب وعدم الاطمئنان والتخفي الديني تحت مظهر كاذب هي مميزات الإيرانيين. حتى إن محمد رضا بهلوي قد ذكر هذه المميزات بصورة فظة وذلك بقوله: (ان الفرس يكذبون). وقد اشتكى الشاه السابق أيضاً من أن الكذب ذاته يجري تمجيده على أساس أنه فضيلة، مقتبساً في شكواه ما جاء في كتاب الشاعر الفارسي سعدي:
(إن الكلمات التي تخدعك وتضللك، ولكنها تسعد قلبك هي أغلى من الصدق.وتزيدفي قيمتها عن الشيء الذي يجعلك حزينا ويعكر مزاجك).
إن المثل
القائل:
(احجب عن العيون ذهابك وذهبك ومذهبك) هو واحد من عدد كبير من تحذيرات شرعية مماثلة موجودة في الجعبة التجارية الفارسية.

· الملق والتلون والمداهنة: إن الملق والمداهنة والغش يجب أن تكون جميعا الأدوات التي يحتاجها الفرد لأجل أن يتقدم ويصعد إلى أعلى. لقد قال زعيم إيراني: إن الإيرانيين هم مثل الحرباء. إنهم يغيرون ألوانهم كل يوم وتتلون سياساتهم بما يتناسب مع ألوانهم المتغيرة. إن استعمال تعبيرا مثل:(إنني عبدك المطيع)أو(إنني التراب الذي تطأه قدماك) أو (دعني أقبل رجليك ألف مرة) هي جزء صغير من مفردات قياسية للغة اليومية التحادثية.

· المراوغة والخداع والباطنية: يرى الأجنبي في الفارسي مسلماً يمارس شعائر الدين غير أنه لا يمكن له أن يجزم بأنه من المؤمنين. وقد تعلم الناس أن لا يظهروا معتقداتهم بصورة علنية. وكانوا عند الضرورة لا يترددون في التظاهر بإنكارها ويلجأون إلى التحايل والمراوغات لخداع خصومهم. ولا يزال يوجد حتى الآن فئات يمكن اعتبارها مسلمة من الناحية الرسمية غير أن أفراد عوائلها يمارسون الطقوس الزرادشتية المتوارثة.

· الازدواجية: الثنائية عند الفارسي هي صفته المميزة ففي أعماق نفسه حماس منقطع النظير، ومشاعر أشبه ما تكون بالأعراض المرضية، أما في الظاهر فهو متحلل من كل ارتباطاته بالقيم والأعراف والتقاليد. متصوف في قرارة نفسه، مخاتل وماكر في تصرفاته الظاهرية.

· الطبيعة الإيحائية: يتأثر الفارسي كثيراً بالأساليب الإيحائية كالصور والتمثيل ،
ويندمج تماماً فيها، بحيث يبدو وكأنه يعيش ذاتياً الحالة المعروضة أمامه. في ليلة صافية الأديم وفي قرية صغيرة تقع جوار رضائية عرضت إحدى السينمات المتجولة فلماً غربياً على شاشة نصبت في الهواء الطلق. وعندما اختطف أحد أفراد العصابة بطلة الفلم بوحشية وأردفها على جواده سارع الحاضرون إلى امتطاء خيولهم واندفعوا لمطاردة الخاطف!

· الغطرسة واحتقار الغير: إن الفارسي إنسان متغطرس، وأكثر ميلاً من غيره لاحتقار الغريب فيما إذا اعتقد بأنه يحاول إخضاعه وإذلاله، أو أنه يتحاشاه عند الاقتضاء. والفارسي بطبيعته المتغطرسة لا يتردد في إظهار إعجابه بنفسه. وعندما يحس الفارسي بالسعادة يتظاهر دائماً بالمرارة والألم!

نظرة تحليلية في جذور الأمراض النفسية الفارسية

أما الأستاذ الدكتور عماد عبد السلام رؤوف فقد رصد صفات مرضية أخرى في الشخصية الفارسية. لكنه لم يكتف بالعرض أو التوصيف الخارجي، إنما غاص وراء الأسباب الكامنة لها، ووضع أيدينا على الجذور الضاربة في أعماق النفس (الفارسية). سيأتي لاحقاً تلخيص ما قاله بهذا الصدد. إلا أني سأقف قليلاً عند أهم ما رصده من صفات:

· الفرس أقل عدداً وأدنى حضارة: الفرس هم الوحيدون – من بين القوميات الفارسية الأخرى - الذين ليست لهم إمتدادات قومية خارج إيران.
لقد كانوا فعليا مجرد قومية وسط قوميات متعددة لكل منها تراثها وحضارتها ووطنها.
ولم يكن الفرس على مستوى حضاري مكافئ للحضارات الموجودة إلى الغرب منهم، لذا فقد اخذوا موقعهم كـ(متلق) للحضارة لا صانع لها فالديانة الزرادشتية لم تكن فارسية وإنما ميدية… بل إن اللغة الفارسية لم تكتب قط بأحرف فارسية وإنما بالمسمارية العراقية فالآرامية والعربية.
وامتد تأثير الحضارات العربية منذ قبل الإسلام وبعده إلى معظم مناحي الحياة الاجتماعية الفارسية وتركت آثارها واضحة في مجالات الفنون والعمارة فضلاً عن الإدارة والقوانين حتى عد الباحثون - ومنهم أكثر تعصبا للفرس - دولهم القديمة بأنها مجرد استمرار للدول الرافدينية.

·العدوانية والتوجس والشك:لقد أدرك الفرس أن تحقيق سيطرتهم على عدد كبير من القوميات يفوقهم بعضها عددا وحضارة ، لا يكون إلا بإخضاعها إلى ضغط تحد خارجي، وإثارة شعور التوجس لديها من خطر ما يأتي من الخارج. وكانالتحدي الحقيقي أمام الفرس هو ذلك التحدي القادم من غرب إيران أي من الوطن العربي.

· مركب الشعور بالنقص:إن إحسـاس الفرس بتخلفهم تجاه الفعل الحضاري الآتي من الغرب يتخذ وضعا حادا ينعكس على شكل رد فعل غير حضاري نحوه يستهدف تدمير الحضارة فيه، أو مكافأة تأثيره على الأقل، ولكن بالفعل العسكري وحده.

· (الفارسية) عقدة وعقيدة توسعية: وهكذا تحولت (الفارسية) من كونها إحدى قوميات (إيران) إلى عقيدة توسعية تعبر عن جيوبولوتيكية لا تحقق أغراضها إلا بالتوسع المستمر أكثر من تعبيرها عن إرادة أمة قومية بذاتها. وهذا ما يفسر ظهور سلالات حاكمة في إيران من غير الفرس التزمت بسياسة الفرس نفسها.

· عقيدة وعقدة عداء ضد العرب: لقدتحول مركب النقص الحضاري هذا على مر العصور إلى عقيدة راسخة معادية لكل الحضارات العربية أو التي وجدت في الأرض العربية. بل انه تحول في اللاوعي الفارسي إلى نزعة عدوانية مدمرة لكل فكرة بل قيمة تأتي من هذا الاتجاه.

· اللؤم ونكران الجميل: ولما لم يكن هذا الغرب يمثل إلا مصدر إشعاع للحضارة، لا خطرا ماديا حقيقيا فإن العقلية الفارسية تعودت أن تنظر إلى هذه الحضارة بعين واحدة. إنها تتأثر بها لأنها مضطرة إلى ذلك لنقص في مستواها الحضاري، وتعاديها في الوقت نفسه لأنها تمثل خطراً يهدد سيطرتها على القوميات العديدة التي تحيط بها، فلقد اعتنق الفرس الإسلام كسائر شعوب المشرق لكنهم حاربوه من داخله، وتعلموا الآداب العربية لكنهم حاربوها بما تعلموه منها، وكتبوا بالحرف العربي لكنهم شنوا حرباً على اللغة العربية نفسها[3].

· المسكنة والشعور بالاضطهاد : إن التاريخ لم يسجل أية أعمال عدائية قام بها العرب ضد إيران بل العكس دائماً. وعلى الرغم من ذلك فان الفرس كانوا يصورون أي عدوان يقومون هم به على الأمة العربية بأنه (دفاع عن النفس) ، حتى اصبح هذا قانوناً ثابتاً في السياسة الخارجية الفارسية في مختلف مراحل التاريخ. ومعنى هذا أنهم إن لم يجدوا خطرا حقيقياً يهدد بلادهم من الغرب فإن عليهم أن يوحوا إلى شعوبهم بمثل هذا الخطر)[4].



_________________
(1) جاك ميلوك باحث أقدم في جامعة (الدفاع الوطني الأمريكية) شغل منصب نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية ومستشار الوزير في الوزارة نفسها، ورئيس البعثة الدبلوماسية الأمريكية في طهران. وهو اختصاصي في الشؤون السياسية والاقتصادية لمنطقة الشرق الأدنى الآسيوية.

2 باحث متخصص في شؤون الشرق الأوسط والقضايا الإسلامية والساحة الإيرانية. كان صديقاً للشاه والدكتور مصدق.

3حدثني أحد الدارسين في النجف، قال: كنا في حوزة النجف سنة 2002 نحضر درساً في جامع الراس. سأل واحد منا الشيخ يوماً: إن مادة درس العربية صعبة جداً؟ مشيراً إلى كتاب (قطر الندى). فأجابه: إن هذه العلوم قد ألفها أبناء العامة؛ لذلك تراها صعبة معقدة مثلهم. قال: ألا يوجد عندنا علماء يؤلفون لنا مصنفات أسهل؟ فقال الشيخ متحسراً: مع كل الأسف لم يخرج فينا نحن الشيعة إلى الآن أحد يصنف لنا كتاباً في اللغة العربية!.علماً أن الكتب المعتمدة لتدريس اللغة في مدارس الحوزة هي: التحفة السنية، قطر الندى، شرح ابن عقيل.

[4]الصراع العراقي الفارسي ، ص11-17 ، المقدمة.










عرض البوم صور كآشف الحقآئق   رد مع اقتباس