المسألةُ الأخيرة : وهي عن بعض المظاهر السَّيئة الَّتي تحصُلُ في العِيد.
العيد من أجمل المظاهر الِّتي امتنَّ الله I بها علىٰ عباده؛ ففيه يجتمع المسلمون في مصلَّياتهم، ويتقرَّبون بعبادات شتَّىٰ، ويكبِّرون الله ويشكرونه علىٰ ما أنعم عليهم، ويواسِي غنيُّهم فقيرهم، ويصل القريب فيه قريبه، والجار جاره، وتصفُو النفوس، ويُصفَح ويُتَجَاوز، وتحلُّ الألفة، ويظهر الكرم، ويكون السُّرور، ويُهنِّـأ النَّاسُ بعضهم بعضًا، فحمداً لله علىٰ ما أنعم. أيـُّها المسلم ويا أيـُّـتها المسلمة:
ثَمة مظاهر كثيرة تُرىٰ في العيد لا يليق بالمسلمين أو المسلمات أن تقع منه، وأن يكونوا من أهلها، أو من العاملين بها، وهٰذا شيء منها:
1- من الرِّجال مَن يتشاغل عن أهمِّ شعائر العيد وهي صلاة العيد بالنَّوم أو التبضُّع أو التَّجمُّل أو الزَّبائن أو أمور ضيافة الزُّوَّار والمهنئين.
2- من النِّساء من تجعل العيد مظهرًا من مظاهر التَّبرج والسُّفور والتَّكشُّف، وإظهار المفاتن والعورات، فَتَفْتِن وتُفتَن، وتأثم وتتسبَّب في الإثم، وذٰلك في وقت التَّزاور أو حضور العزائم والولائم, أو عند الشَّواطئ والحدائق وأماكن التَّنـزُّه.
3- مِن النَّاس مَن يكون في العيد من الضَّارِّين لأنفسهم وأهليهم وأصدقائهم بحضور تجمُّعات الغناء والموسيقَى والرَّقص وحفلات أهلها، بل قد يُسافر بعضهم في طلبها، فيُفسد نفسه ويُكثر وِزره، ويبُدِّد ماله الَّذي أنعم الله عليه به، وما هٰكذا تُشكر النِّعم.
4- من النَّاس مَن واقعه في العيد سهرٌ بالَّليل يُمتَّع النَّفس مع الأهل أو الأصحاب، ثمَّ نومٌ بالنَّهار تضيع به الصَّلوات في أوقاتها، فَيُهلك النَّفس بالإثم، ويُسخط ربَّه الِّذي أنعم عليه بهٰذه النَّفس، وباقي النِّعم.
5- مِن الذُّكور والإناث من يجعل عيده محلًا للتَّشبُّه بأهل الكفر والفجور والفساد في ألْبستهم وشعورهم وأفعالهم وعاداتهم.
6- مِن الرِّجال والنِّساء من يُؤثم نفسه عند اللِّقاء في العيد والتَّزاور، وذٰلك بمصافحة من ليس أو ليست بمحْرَم.
7- مِن النَّاس من يُبدِّد الكثير من المال في شراء المفرقعات - الألعاب النَّـارية - لأولاده، فيتعلَّمون منه تبديد المال، وقد يكون سببًا في إيذاء النَّاس بها، أو إلحاق الضَّرر بعياله، والمستشفيات والمطافئ تشهد.
8- من النَّاس من يقْلِب لقاءه في العيد مع أهله وإخوانه وقرابته إلىٰ تشاحن وتخاصم وتهاجُر وزيادة في التَّباغض.
9- مِن النَّاس مَن يجعل العيد موسمًا لزيارة المقابر والجلوس فيها والتَّجمع عندها، وما جعلها موسمًا للزِّيارة في العيد، ولا خصَّصها بالزِّيارة فيه رسولُ الله r ولا صحابته y ولا بقيَّـة السَّلف الصَّالح بعدهم، فإن لم نقتدِ بهؤلاء الأكابر الأجلَّاء فبمَننقتدي؟!
10- مِن النَّاس مَن يخصُّ ليلة العيد بالإحياء ببعض العبادات من صلواتٍ وأورادٍ أو غيرها، ولو كان هٰذا هو الخير فيها لفعله رسول الله r وخلفاؤه الراشدون y ، أو أمر به أو رغَّب فيه، فقِفْ حيث وقف النَّبي r , و سِرْ علىٰ طريقه وطريق أصحابه y ؛ فإنَّ الخير لكَ هو في ذٰلك.
11- مِن النَّاس مَن أنعم الله عليه بِبُـنَـيَّـاتٍ، فتراه يُخرجهنَّ في العيد بألْبسة إن رأيتها لم تتذكَّر إلَّا ألْبسة الكاسيات العاريات المفسدات، وإن رأيتهنَّ سألت الله أن يُسلمهنَّ ويحفظهنَّ من الفِتن وأهلها، وخشِيت عليهنَّ من الشَّرِّ، وأن يَكْبَرن علىٰ هذه الألْبسة ويتعوَّدْنَ عليها، فيكُنَّ مِعْوَل إفسادٍ لبُلدانهنَّ ومجتمعاتهنَّ.
12- مِن النَّاس مَن يضيِّع ماله، ويضرّ نفسه ويُؤثِّمها في العيد بالنَّظر إلىٰ الفضائيات ومكالمة أهلها لطلب الأغاني ومشاهد الفساد والتَّعرِّي فيها، فيراها ويُهدِيها، ويتسبَّب في أن يَسمعها ويراها غيره مِن النَّاس بسبب طلبه لها فيُؤثِّمهم معه، ويحمل أوزارًا مع أوزاره.
13- من الشُّبان والشَّابات من يُعايد غيرَه عبر الهاتف الجوَّال بكلماتٍ ماجنة، وأصواتٍ هابطة، وصور فاتنة، والجميع لا يضرّ إلَّا نفسه وأخاه وصاحبه.
14- مِن النِّساء مَن تَظهر في الأعياد والمناسبات أمام أخواتها من النِّساء بألْبسة فاضحة إن رأيتها لم تتذكَّر إلَّا نساء أهل الكفر والفجور والفساد والإفساد، وتتعجَّب وقوعه ممَّن أنعم الله عليها بدينه وشرعه، وستره وحفظه، وأفضاله الكثيرة.
وفي الختــام:
أسأل الله - جلَّ وعلا - أن يرزقنا توبةً صادقة، وحسناتٍ متزايدة، وقلوبًا تخشع، وإقبالًا علىٰ الطَّاعة يكثر، وبعدًا عن المعاصي، وتركًا لأماكنها وأهلها وأسبابها.
وكتبه: عبدُ القادر بن محمَّد بن عبد الرَّحمٰن الجنيد