16-11-15, 03:00 PM
|
المشاركة رقم: 1
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
عضو |
الرتبة |
|
البيانات |
التسجيل: |
Apr 2011 |
العضوية: |
2735 |
المشاركات: |
6,427 [+] |
الجنس: |
انثى |
المذهب: |
سني |
بمعدل : |
1.26 يوميا |
اخر زياره : |
[+] |
معدل التقييم: |
33 |
نقاط التقييم: |
729 |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
بـاب السيـرة النبـويـة
رحمة النبي ( )
إن الرحمة فضيلة إسلاميَّة تدل على قوة صاحبها ونُبله، وتقديره لمشاعر الآخرين، ومعاونتهم والتخفيف عنهم، ولِين الجانب لهم، وقد بلَغ منها رسول الله -  - الدرجة القُصوى، فكان -  - رحيمًا بالكبير والصغير، بالرجال والنساء، حتى بالحيوانات والطيور، وبكل ما يحيط به، وصدق الله العلي العظيم إذ يقول: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]، وقال تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]، وقال - سبحانه -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، إلى غير ذلك من الآيات التي تُثبت صفة الرحمة في أرْوَع صُوَرها وأعلاها لرسول الله -  . وجاءت السنة النبوية مؤكِّدة هذا المعنى بالأدلة والشواهد التي تدلُّ على أن رحمته - - اتَّسعت حتى شمِلت جوانب عديدة، ومن تلك الأمثلة: ما ورد عن أبي هريرة -  - أنه قال: قبَّل رسول الله -  - الحسنَ بن علي وعنده الأقرعُ بن حابس التميمي جالسًا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلتُ منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله -  - ثم قال: ((مَن لا يَرحم، لا يُرحم))[1].
وما ورَد عن عائشة -  ا - أنها قالت: جاء أعرابي إلى النبي -  - فقال: تُقَبِّلون الصِّبيان؟ فما نُقبِّلهم، فقال النبي -  -: ((أوَأمْلِك لك أن نزَع الله من قلبك الرحمة؟!))[2].
وذكر الرسول - - أن الرحمة صفة من صفات الله تعالى، وأنه على الناس أن يتراحَموا فيما بينهم: فعن أبي هريرة -  - قال: سمِعت رسول الله -  - يقول: ((جعل الله الرحمة مائة جزءٍ، فأمسَك عنده تسعة وتسعين جزءًا، وأنزل في الأرض جزءًا واحدًا، فمن ذلك الجزء يتراحَم الخَلقُ، حتى تَرفَع الفرس حافرَها عن ولدها؛ خشية أن تُصيبه))[3]. ومن رحمته -  - بأصحابه أنه كان يتعهَّدهم بالموعظة؛ فعن عبدالله بن مسعود -  - قال: "كان النبي -  - يتخوَّلنا بالموعظة في الأيام؛ كراهة السآمة علينا"[4]. أي: إنه -  - كان يعِظ الصحابة في حين بعد حينٍ، لا في كل حين. وعن أنس -  - أن النبي -  - قال: ((يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا))[5]. وأنه -  - ما خُيِّر بين أمرين قط، إلا أخَذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا، كان أبعدَ الناس منه، وما انتقَم -  - لنفسه في شيءٍ قط، إلا أن تُنتهك حُرمة الله، فينتَقم بها لله"[6]. أي: كان -  - يتلقَّى الناس بوجهٍ بَشوش، ويُباسطهم بما لا يُنكره الشرع، أو يُرتكَب فيه الإثم. وكان -  - أحسنَ الأُمة أخلاقًا، وأبسطهم وجهًا؛ لذلك كان -  - يُلاطف أصحابه بطلاقة الوجه والمُزاح، ويتواضع معهم، ويَزورهم، ويُداعب صغارهم؛ فهذا أنس -  - كان له أخٌ صغير، كان له طائر صغير، فمات الطائر، فكان رسول الله -  - يُلاطفه كلما رآه بقوله: ((يا أبا عُمَير، ما فعَل النُّغَير؟))[7]. • ومِن صُوَر رحمته -  - بالخَدم: ما رواه أنس بن مالك -  - قال: خدَمت النبي -  - عشر سنين، فما قال لي: أُفٍّ، ولا: لِمَ تَصنع؟ ولا: ألاَ صَنعت"[8]. • ومن رحمته -  - بأنس -  - أنه كان يناديه قائلاً: ((يا بني))؛ أي: إنك عندي بمنزلة ولدي في الشفقة[9]. ومما يؤكد هذا المعنى: ما ورَد في الحديث عن عائشة -  ا - قالت: "ما ضرَب رسول الله -  - شيئًا قط بيده، ولا امرأة ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نِيل منه شيء قطُّ، فينتَقم من صاحبه، إلا أن يُنتهك شيءٌ من محارم الله - عز وجل - فينتَقم لله"[10].
• وتبلغ الرحمة أيضًا مَداها، فيُنكر على مَن يدعو قائلاً: اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا تَرحم معنا أحدًا؛ كما ثبت عن أبي هريرة -  - قال: قام رسول الله -  - في صلاة، وقمنا معه، فقال أعرابي وهو في الصلاة: اللهمَّ ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا، فلما سلَّم النبي -  - قال للأعرابي: ((لقد حجَّرت واسعًا))[11].
فرحمة الله - عز وجل - واسعة وَسِعت كلَّ شيء. ولم تَقتصر رحمته -  - على البشر، بل امتدَّت لتشمل الحيوانات والطيور، وكل ذات كبدٍ رَطْبة. فهذا أبو هريرة -  - يروي أن رسول الله -  - قال: ((بينما رجل يمشي بطريقٍ، اشتدَّ عليه العطش، فوجد بئرًا فنزل فيها، فشرِب ثم خرج، فإذا كلب يَلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلَغ هذا الكلبَ من العطش مثلُ الذي كان بلَغ بي، فنزل البئر، فملأ خُفَّه، ثم أمسكه بفِيه، فسقى الكلب، فشكَر الله له، فغفَر له))، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟! فقال -  -: ((في كل ذات كبدٍ رَطْبة أجْر))[12]. وأخبر أن امرأة دخلَت النار في هِرَّة حبسَتها، فلم تُطعمها، ولم تَدَعها تأكل من خَشاش الأرض[13]. ونهى -  - مَن همُّوا بإحراق قرية النمل، وأنكر على من أخَذ أفراخ الطيور من أُمهاتها، وأمرهم بردِّها إليها، فقد ثبت عن ابن مسعود -  - أنه قال: كنا مع رسول الله -  - في سفرٍ، فانطلَق لحاجته، فرأينا حُمَّرة - طائر صغير كالعصفور أحمر اللون - معه فرخان، فأخذنا فَرْخَيها، فجاءت الحُمَّرة، فجعلت تَفرُش، فجاء النبي -  - فقال: ((مَن فجَّع هذه بولدها؟! ردُّوا إليها ولدها))، ورأى قرية نمل قد حرَّقناها، فقال: ((مَن حرَّق هذه؟))، قلنا: نحن، قال: ((إنه لا ينبغي أن يُعذِّب بالنار إلا ربُّ النار))[14]. وأخبر -  - بأن مَن لا يَرحم لا يُرحم، وأن الرحمة لا تُنزع إلا من شقي، وبشَّر -  - الراحمين بالرحمة من الله تعالى. فقال -  -: ((إنما يَرحم الله - عز وجل - من عباده الرحماء))[15]. وقال -  -: ((الرحم شِجْنَة، فمَن وصَلها وصَلتُه، ومن قطَعها قطَعتُه)) [16]. إلى غير ذلك مما لا يتَّسع المجال هنا لاستقصائه، فصلى الله وسلَّم على نبي الرحمة والهدى، وسلَّم تسليمًا كثيرًا. [1] رواه البخاري 5997، مسلم 2318. [2] رواه البخاري 5998، مسلم 2317. [3] رواه البخاري 6000، مسلم 2752. [4] رواه البخاري 68، مسلم 2821. [5] رواه البخاري 69، مسلم 1734. [6] رواه البخاري 3560، مسلم 2327. [7] رواه البخاري 6129، مسلم 2150. [8] رواه البخاري 6038 مسلم 2309. [9] رواه مسلم 2151 عن أنس -  . [12] رواه البخاري 2363 ، مسلم 2244. [13] رواه البخاري 3318، مسلم 2242، عن ابن عمر -  ا. [14] رواه أبو داود (2675- 5268) عن ابن مسعود -  - وصححه الألباني في الصحيحة 25. [15] رواه البخاري 1284، مسلم 923 عن أسامة بن زيد -  . [16] رواه البخاري 5989، مسلم 2555 عن عائشة -  ا.
|
|
|