بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه .
وبعد:
فإن الاعتذار وطلب العفو دليل رجحان العقل وصحة المسلك,
وسلامة الطريق, والاعتراف بالخطأ برهان صدق وشجاعة,
فالإنسان لبشريته لا بد أن يقع في الخطأ إما جهلا أو عمدا.
في الحديث الصحيح:"كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون".
فليس الاعتذار دليل ضعف كما يفهمه كثير من الناس,
بل هو رفعة لصاحبه, لأنه علامة تواضعه ورجوعه.
قال
![[خاطرة الاعتذار]](images/smilies/mohmad1.gif "[خاطرة الاعتذار]")
:" وما تواضع أحد لله إلَّا رفعه الله".
قال القاضي عياض رحمه الله:" فيه وجهان:أحدهما:
أنَّ الله تعالى يمنحه ذلك في الدُّنْيا جزاءً على تواضعه له،
وأنَّ تواضعه يُثْبِتُ له في القلوب محبَّةً ومكانةً وعزَّةً.
والثَّاني: أن يكون ذلك ثوابه في الآخرة على تواضعه".
وقال
:
"إنَّ الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحد، ولا يبغي أحدٌ على أحدٍ".
قال أبو حاتم كما في روضة العقلاء: "الاعتذار يذهب الهموم, ويجلي الأحزان,
ويدفع الحقد, ويذهب الصد ...
فلو لم يكن في اعتذار المرء إلى أخيه خصلة تحمد إلا نفى التعجب عَن النفس في الحال؛
لكان الواجب على العاقل أن لا يفارقه الاعتذار عند كلّ زلة ".
إن الأصل في عمل العبد أن لا يفعل ما يكون سببا للاعتذار,
فإذا وقع منه الخلل وجب عليه الرجوع والاعتراف والتصويب,
وكان على المعتذر إليه قبول عذره وعدم رده وصده,
قال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا ".
قال الخرائطيّ- رحمه الله تعالى-:
أنشدني محمّد بن إسماعيل الإسحاقيّ:
إذا اعتذر الجاني محا العذر ذنبه
وكان الّذي لا يقبل العذر جانيا.
رزقنا الله صلاح القلوب وغفر لنا التقصير والذنوب,
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه:
محمد بن غالب العمري
صبيحة الخميس
30 محرم 1437
12 نوفمبر 2015