{ لوثـات شيعيــة /28/ في أمريكا }
في أحد الأيام توفّي أحــد معـارفنـــا .. وذهبنا لدفنه في المقبرة .. وبعد أن انتهينا من
الدفن .. وأثناء سيرنا للخروج من المقبرة .. لاحظت ذلك الرجل ...... ذو اللحيـــة
الطويلة .. والإزار القصير .. يبشـّرك وجهه أنه من أهـــل السنـّة .... يمشي بهدوء
وبطء ... لكأنني أعرفه ..!! فأردت التأكـّد ...
(( أليــس هذا سعــود ..؟؟ هل تعرف هذا الرجل ..؟؟ )) .. قلت ذلك هامساً لأقرب
الموجودين ... (( لا والله ماأعرفه ))..(( أول مرّه أشوفه ))..(( يمكن واحـــد من
معارف الميّت )) .. كانت هذه إجابات من حولي ..!!
ولكنه سعود .. انـا متأكّد من أنه سعــود ..!! سبحان الله ..!! كيف اصبـح سنيـًّا ..!!
كل الناس قد يتسنـّنون إلا هــذا..!!!
مشيت إليه وعندما اقتربت منه .. وضعت يدي على كتفه وقلت ..(( السلام عليكم ))
فالتفت إلى .. (( وعليكم السلام .. ياأهلاً .. يامرحباً .. كيف حالك )) ..... كأنك لــم
تعرفني ..؟؟ (( قلت له ذلك )) ... فأجاب لا والله من أنت ...؟؟
قلت عجيب ..!! نسيت تلاميذك الذيــــن تحفظهم مرثيات اللطم على الحسين ...!!!!!
أعــوذ بالله .. أعــوذ بالله .. لقد كنـّا على ضلال ......... لقد كنـّا ضائعين ...!!!!
الحمدلله الذي هدانــــا .. أنت منو ..؟؟ فأجبته أنا فلان ... ضحك كثيراً .. واستبشــر
وقال .. الحمدلله الذي أنقذنا .. لقد كنـّا في الضياع المبيــن ..... كيف حالك .. وكيف
حال والدتك ..؟؟ قلت أبشرك هي بخير وأصبحت وهابيّة .... ضحك وتعجّـب أكثر وقال
.. الحمدلله .. والدتك لها معـزّة خاصة .. سكـت قليلاً كأنما يتذكّر شيئاً ثــمّ قال لطالمــا
كانت تتحفنا بــ (( قدور الهريس وعيش الزهراء )) أيــّام عاشوراء.. !!
قلت لــه ومن العجائب أنها ومنذ خمس سنــوات تسكن الآن على مسافة أقل من نصف
كيلو متر عن مرقــد علي بن أبي طالب
.......... ولا تعرف الطريق
المؤدي إليه ...!!
قال ياأخي ..ليش قاعدين هناك .. أخرجوا من النجف مدينة الشرك والمشركين ....!!
قلت له هذه نيّتنا إن شاء الله تعالى .. وأنت ياشيخي ياصاحب العصــا ..(( عندما كان
يدرسنا كان يحمل بيده خيزرانة للضرب )) .. كيف هداك الله ولماذا انقطعت ..؟؟
قال كنت في ذلك الوقت أخطط للخروج من العــراق واللجــــوء إلى إحدى الدول الغربية
.... وعندما تهيئت لي الفرصة لم أتريث ..وكان سفري فجــأة .... فتركت كل شيء ..
وكانت نهاية المطاف هي أمريكا ...... لاأخفيك أنني لم أكن مهتمّــا بالدين الشيعي هناك
وإنما كان ذلك في السابق أتكسّب من ورائه لقمة العيش .... أمـّا في أمريكا فقد حصلت
على عمل ولم يكن التشيّع أو اي أي دين آخر من اهتماماتي ..... وعشت حياة اللهــــو
والمجون لعدّة سنوات .. لقد مللت من الحياة السيئة .. وأخذت أفكّر في وضعي وكيف
كنت ؟؟ وكيف أنا الآن ؟؟؟
احتقرت هذه الحياة وقررت أن أرجـــع إلى ربيّ .. أخذت أصلى ودعوت الله ان يهديني ..
وكان معي مجموعة من العرب يعيشون نفس حياة اللهو والغفلة .. إلى أن جاء رمضــان
فقررت المواظبة على صيام الشهر كله ..
بحكم اختلاطي مع أصدقائي العرب لم أستطــع أن أنظر إليهم تلك النظــرة العنصرية أو أنهم
ينتمون إلى المذهب السنـّى مثلاً وأنا من الشيعة ... لأن ذلك سوف يؤدي إلى الإنعزال وأنا
محتاج لهم بحكم الغربة ...
عندما جاء العيد .. عرفنا أنه ستقام الصلاة في أحد أكبر المساجد الإسلامية في أوكلاهوما
فذهبنا إلى هناك وصلينا العيد .. وشعرت براحة تامّة ...... إنها أول مرّة أصلى الجماعة
مع أهل السنـّة ... أهكذا هم .. إنهم طيبون ومتعاونون وأصحاب عشرة ...!!
بعد ذلك واظبت على الحضور إلى هذا المسجد ولكن في أوقات متقطعة ....... ولكنها كانت
مثمرة وهاأنذا الآن كما تراني ... لقد هدانـــي الله للإسلام والسنة وأنا في بلد كافر وأعيش
بين الكفار .... إنها من أكبر نعم الله عزو جل ...