10) فكلّ من تعلّق بشيء غير اللَّه انقطع به أحوجَ ما كان إليه
كما قال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ )
فالأسباب التي تقطعت بهم هي العلائق التي كانت بغير اللَّه ولغير اللَّه، قُطِعت بهم أحوجَ ما كانوا إليها،
وذلك لأن تلك الغايات لما اضمحلّت وبطلت اضمحلّت أسبابها وبطلت،
فإنّ الأسباب تبطل ببطلان غاياتها وتضمحل باضمحلالها.
وكلُّ شيء هالكٌ إلّا وجهه سبحانه، فكل عمل باطلٌ إلّا ما أريد به وجهه، وكلّ سعي لغيره فباطل ومضمحل.
وهذا كما يشاهده الناس في الدنيا من اضمحلال السعي والعمل والكدّ والخدمة التي يفعلها العبد لمتولٍّ أو أمير أو صاحب منصب أو مال، فإذا زال ذلك الذي عمل له وعُدِمَ ضلّ ذلك العمل،
وبطل ذلك السعي، ولم يبق في يده سوى الحرمان.
ولهذا يقول اللَّه تعالى يوم القيامة: "أليس عدلًا منّي أن أُولِّيَ كلَّ رجلٍ منكم ما كان يتولّى في الدنيا؟ (1)
فيتولّى عُبّاد الأصنام والأوثان أصنامَهم وأوثانَهم، فتتساقط بهم في النار. ويتولّى عابدو الشمس والقمر والنجوم آلهتهم،
فإذا كوّرت الشمس، وانتثرت النجوم اضمحلّت تلك العبادة، وبطلت، وصارت حسرةً عليهم
{كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (ظ،ظ¦ظ§)} [البقرة/ ظ،ظ¦ظ§].
ولهذا كان المشرك من أخسر الناس صفقةً وأغبنهم يوم معاده، فإنه يحال على مفلس كلَّ الإفلاس بل على عدم، والموحّد حوالته على المليء الكريم، فيا بُعدَ ما بين الحوالتين!
--------------------------
(1) أخرجه عبد اللَّه في السنة وابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة ، والطبراني والحاكم في المستدرك وغيرهم
مطوَّلًا من حديث ابن مسعود.
والحديث صحَّحه ابن منده والحاكم. وقد اختلف في رفعه ووقفه، ورجَّح الدَّارقطني رفعه.
وقال الذهبي: ما أنكره حديثًا على جودة إسناده!