الحلقة الرابعة
خرجت بعد الصفعة المباركة من كف الشیخ المبارك ، ولاحظت
بعد الصفعة أني بحاجة إلى عطر قبل دخولي المنزل ؛ لان خدي عج
برائحة دخان السجائر بعد الصفعة المباركة ...
الیوم التالي وبعد الدرس الثاني أخذني إلى مكتبھ الشریف - أدامھ
االله ظلا لطلبة العلم أف - خذ الشیخ الطھراني نصیر السائل وشافي
المستفسر یسرد لي روایات عن مشروعیة التقیة وأسبابھا إلى أن قلت
أ: لھ عرف أعرف یا مولاي ، ولكن ھل خط سیر التقیة مثل خط سیر
النفاق بالنسبة للمتلقي ؟
قال لي : كیف ؟
قلت لھ : یعني أنا الآن أجبتك جواباً ولا تعرف ما في نفسي ، ھل أنا
صادق أم كاذب ؟
فھل لو تیقنت أنت من كذبي أكون منافقاً أم متقیاً ؟
قال لي : یا بني ، المسالة لیست على ھذا الفھم ، فالمنافق یبدي الدین
وھو كاذب ، والمتقي یبدي خلاف ما في قلبھ اتقاء الشر ..
قلت لھ : یا شیخي الطھراني ، وھل المتقي یبدي خلاف ما في قلبھ
اتقاء البشر وینسى رب البشر ؟
فقال إن : رب البشر أمره بذلك لكي یسلم بنفسھ .
فقلت لھ : وكأني اقتنعت بكلامھ ، وھل خطب أمیر المؤمنین - علیھ
السلام - یفھم منھا التقیة أم یفھم منھا ما في قلبھ ؟
فقال : حسب الوارد منھا ، فان وافقت المذھب فھي ما في قلبھ ، وان لم
توافق المذھب فھي تقیة لظروف مر بھا ھو ، وھذا یرجع إلى صحة
الروایة أولا ..
فقلت لھ : یا شیخي الطیب العزیز ، لو أن الإمام قال أنا الوصي ن أو
الصحابة فعلوا بنا كذا وكذا ، فھل ھذه تقیة ما أم في قلبھ ؟
فقال : ھو المذھب وھو الحق .
فقلت لھ : ولو قال الإمام أ نھ بایع أبو بكر وعمر طوعاً ولیس كرھاً ،
وأنھم من خیر الناس صحبة لھ ولسید آل البیت - صلى االله علیھ وآلھ -
فھل ھي تقیة ما أم في قلبھ ؟
فقال : بل ھي تقیة خشیة منھ على الفتنة ، على شرط أن تكون
الروایة صحیحة .
فقلت لھ : یا شیخي المولى ، وسید الأنام المفضال ، ھل المذھب أسس
الإمام أم الإمام أسس المذھب ؟
فقال : بل الإمام ھو من أسس المذھب .
فقلت لھ : إذن أ لیس الأولى أن نقول أن كل ما في المذھب من روایات
إن وافقت كلام الإمام فھي صحیحة إو، ن لم توافق كلام الإمام فھي
باطلھ ونضربھا بعرض الحائط ؟
قال لي : كیف !؟ الإمام ھو مؤسس المذھب ، والروایات آتت منھ عن
طریقھ وعن طریق أبنائھ الأئمة - علیھم السلام .
فقلت لھ : إذن یا شیخي ومولاي ، إن نظریة كلام الإمام إن وافق
المذھب فھو ما في نفسھ إو، ن خالفھ فھو تقیة منھ لأمر عارض
سیاسي ، إنما ھي نظریة ممزوجة بعضھا ببعض ..
فلا یمكن أن یتأسس المذھب على إمام مرة یتقي بقولھ ومرة یصدق فیھ
، لكي نجمع منھج متكامل لعلم آل البیت - علیھم السلام .
فالمذھب لیس كتاب واحد مثل القرآن ، ولكنھ علوم كبیرة وكثیرة
وأبواب كثیرة یحققھا كثیر من علمائنا بالشرح والتفنید ، فھذا یقول إن
الروایة تحتمل التقیة ، وذاك یقول إن الروایة صحیحة ولكن المعنى كذا
وكذا ..
فاختلطت الأمور بین الروایات ، فصار العلماء ھم من یعلمون ما في
نفس الإمام تحسباً وتوقعاً منھم ، واستناداً على مبدأ واحد فقط ـ وھو
أن الروایة تحتمل التقیة إن خالفت واقع المذھب الإثن ى عشري ،
وتحتمل الصواب والمعنى الظاھر إن وافقت المذھب والدین .
وھنا یا شیخي الطھراني ، یجب أن تقول لي لكي نعرف ظاھر
الأمر بان علیاً - علیھ السلام - مر ة نراه یبایع ویمدح أعدائھ ، ومر ة
نراه یذمھم ویطعن بھم ..
علماً أن الزمن والحقبة واحدة ، فلا یمكن للإمام أن یخشى أمراً
فیتقي بكلامھ ، ومن ثم یعارض مبد أ الخشیة فیذم علماً أ نھ في نفس
الزمن .
فذمھ لأبي بكر مثلاً جاء بزمن واحد ومدحھ لھ جاء بزمن واحد ،
فكیف نقول أن مدیحھ لھ تقیة ، وفي نفس الوقت نرى لھ روایات یذمھ
فیھا !؟
أین الخشیة إذن !؟ وھل الروایات التي یذم فیھا بعض الصحابة لم
تصل لأسماعھم ، وقفزت من زمنھ قفزة واحدة إلى زمن أبي عبد االله
الصادق - علیھ السلام ؟! . .
فقال لي : یا بني ، قلت لك نأ التقیة نعرفھا من خلال موافقتھا للمذھب
إن صحت الروایة ..
وأنت تتخبط ولا تعرف ماذا تقول ..
قلت : عذراً یا شیخي ، ممكن لا اعرف ماذا أقول ، ولكن اسمح لي
بالاختصار فقط ..
قال : تفضل .
قلت إن : جاءك عالم سني وقال لك ھل القرآن ھذا ھو القرآن الذي
أنزل على محمد - صلوات ربي علیھ وآلھ - ماذا ستقول لھ ؟
ستقول نعم ..
وما ھي الحقیقة التي تعلمناھا ..
تعلمنا أن القرآن الصحیح ھو ما أخذه المھدي - عجل االله فرجھ
الشریف - وسیظھر لنا بخروجھ ..
فأنت ھنا استخدمت التقیة صحیح یا شیخي ؟
فقال : نعم ؛ لأ ن النقاش حول ھذا الموضوع عقیم معھم ، ولنا معھم
وقفة بین یدي المھدي إن شاء االله ..
فقلت لھ : لماذا اتقیتھ؟
ھل یوجد سبب من أسباب الخشیة وأنت تعیش في مدینة منیعة وشعب
منیع وزمن ظھر بھ المذھب بكل وضوح بلا خوف وصرنا نجبر
الدول بعد إن كانت تجبرنا ؟
فلم لا نقول الحق ؟
قال : لأنھم یكفرون من یقول بھذا ، ونحن لا نرید تأجیج الفتنة بیننا
وبینھم .
فالأمر أن نعیش معھم وفیھم ومنھم إلى أن یقوم القائم ..
قلت لھ : نعم الآن فھمت وشكراً شیخي ، لان الدرس الثالث بدأ ،
ولكني أخشى أن لا یكون المھدي - عجل االله فرجھ الشریف - یتقي
علینا بقولھ أنھ سینصرنا ویحمینا !.؟
ھل أتوقع صفحة كف !؟
ولكنھا لم تأتي و الحمد الله ..
ذھبت إلى الدرس الثالث ، وكان عن مظلومیة آل البیت منذ الزمن
العلوي إلى الزمن الحسیني ..
نكملھا بعد حین ، ولكن المھم فیھا أ أن حد الطلبة صفق لكلمة قلتھا
بدون أي شعور منھ فحبسھ أبوه أسبوع في المنزل ضرباً وحرماناً
تابعوا مع الحلقة القادمة إو ن مللتم أوقفوا قلم صار یھذي وھو شاب ذو
عقل .
--------------------------