الحلقة السادسة عشر
في زیارة خاطفھ ل لسید أبو مرتضى العاملي اللبناني الجنوبي للمدینة
المقدسة قم الإیرانیة بدأ محاضره شیقة لمن أغلق صمام قلبھ ونخاع
عقلھ ، فاسدة لمن أكل حبة ثوم لیفتح شرایین القلب ویتفتح بھا العقل ..
تقربت منھ وقلت لھ یا سیدنا العاملي إن ، شرحك لآیة ( ووجدك
ضالاً فھدى ) ھو شرح فلسفي أكثر منھ بیاني ، فھل لك أن تزیدني فیھ
أدام االله علیك نعمھ ؟
قال : یا بني ، إن االله تعالى عصم المعصومین منذ الولادة ومنذ الخلق
الأول لھم فنحن نفسر الآیات متلازمة غیر متفرقة .
الآیات في سورة الضح ى على ثلاث أقسام ، أولھا أ نھ وجده یتیما فآوى
، ووجده ضالاً وھداه ، فوجده عائلاً فأغناه .
فالتفسیر یكون أن نعلم أولاً كیفیة وجود االله تعالى للنبي الأعظم - صلى
االله علیھ وآلھ .
قولھ تعالى أ:" لم یجدك یتیماً فآوى "ھو إیجاد منذ خلق الروح والجسد ،
فإیجاد االله لنبیھ كان معلوماً لأ ن إیجاد االله غیر إیجاد البشر .
فھو یعلم أنھ سیحتاج للإیواء فلم یقل ألم یجدك یتیما ( ثم) آوى ، ولكنھ
قال ( فآوى ) وترك كلمة ، ثم لأنھا تفید المھمل من المعنى .
فھنا نعلم أن االله تعالى وجد نبینا - صلى االله علیھ وآلھ - منذ أن خلق
الروح والجسد أنھ یتیم فآواه منذ الخلق الأول .. لھ
ثم العیل ھ كذلك ثم الھدایة ، فھو بحاجة لھا قبل أن یخلق حتى لكي یكون
نبیاً مرسلاً .
قلت : یا سیدنا ، الآیة تقول ( ألم ) وھذا استفھام تذكیري ؛لأن النبي -
صلى االله علیھ وآلھ - یعلم أنھ یتیم وفقیر وھو بحاجة فقط للتذكیر
لفضل االله علیھ ..
لماذا ساق االله تعالى ھذا التذكیر ، لو قلنا أن المعصوم لا ینسى
ثم قال لھ ( ووجدك ضالاً فھدى ) فحرف الفاء ھنا یجعلنا نعلم أنھ عمل
بعد عدم أي أنھ كان ضالا ( فــ) ھداه االله ، ولیست العبرة في كلمة ثم
واستدلالك لھا بأنھا لیست موجودة إذن فالمعنى لا یخالف مبدأ
العصمة ..
قال : یا بني ، نحن نقول إن الھدایة وجدت مولودة معھ - صلى االله
علیھ وآلھ - فاالله تعالى ھداه وآواه وأغناه عن الخلق قبل أن یكون في
ھذه المواقف ، والدلیل أنھ سبحانھ وتعالى قال ( : ما ضل صاحبكم وما
غوى) ھنا االله تعالى ینفي الضلالة عنھ - صلى االله علیھ وآلھ .
قلت : یا سیدنا ، سورة النجم جاءت بعد موقف معین ، وھو رؤیة النبي
- صلى االله علیھ وآلھ - لما عرج للسماء فرد االله على المشككین بأنھ
ضل وجن بأن قال ما ضل صاحبكم ، فالقرآن مواقف وأحكام ، ولیس
جمعاً من المواقف المتداخلة ..
كیف ینسى النبي - صلى االله علیھ وآلھ - فضل االله علیھ بأن آواه وأغناه
وھداه لكي یذكره االله بھ ؟
كیف یكون ضالاً وھو لم یخرج إلى الدنیا حسب تفسیرك بأنھ مھدي
وقت خلق الروح والجسد ؟
ألیست الضلالة أمر فعلي وعملي .؟
قال : یا بني ، إن نفي السھو والنسیان أمر مسلم لشیعة آل بیت النبي -
صلى االله علیھ وآلھ - ومؤمنیھم ، ومن یدعیھا فھو مكذب لنص القرآن
في آیة الرجس .
واالله تعالى أوجد الھدایة التكوینیة في نبیھ - صلى االله علیھ وآلھ - فوراً
منذ الخلقة الأولى لھ ..
قلت لھ : یا سیدنا ، أنا عن نفسي لا أرى الأمر متلازماً بین تفسیرك
وبین الكلمات العربیة في سورة الضحى .
ألم یجدك ...!...
أنت تقول أنھا تعني الوجود وقت بث الروح والجسد .
وأنا أقول أن الضلال والفقر والتیتم ھي أمور فعلیة على ظھر الدنیا
لأ، ن االله تعالى لن یكن بحاجة لان یذكر ھذه الصفات التي تقول أنت
أنھا وجدھا منذ الخلق الأول لھ وقبل خروجھ من بطن أمھ .
لماذا یذكرھا ولا أحد یعلم عنھا ول ذل ك تتحقق فعلیا في أننا وجدناھا في
السیرة عندما مات عمھ وجده ، فنحن علمنا أنھ یتیم والمشركین وقتھا
فھموا أنھ یتیم .
وعندما كان فقیراً فنحن علمنا في السیرة أنھ أصبح فقیر ، وكذلك من
كانوا بعصره فھموا أنھ فقیر فأعطاه أبو بكر المال لكي یستمر في
الدعوة .
وعندما علمنا وقرئنا في السیرة ذھابھ لجبل ثور وغار حراء ، فنحن
علمنا أنھ قبل أن یذھب فقد كان ضالاً لا یعرف من ربھ ، ولذلك ذھب
یتعبد ویتفكر في ملكوت السماء إلى أن نزل علیھ الوحي ، فعلمنا أن االله
ھداه لیكون نبیاً .
ھذا التفسیر نعلمھ لحظة وقوعھ ، فكیف یكون إیج اد االله تعالى تذكیریاً
فقط وتعلیمیاً ، ونحن وجدنا الفعل والواقع في الحیاة یتكلم عن ھذه
الأمور بتفاصیل البشریة العادیة المقبولة في كل إنسان .
قال لي - : ویالیتھ لم یقل إ - نك یا بني ، صغیر على أن تفھم تفسیر الآیة
الذي كتبتھ ، أنا ولكن إن شاء االله تتعلم وتتثقف وتأخذ العلم ثم تقتنع بما
ذكرتھ لك !!!
صدمت من ھول ما سمعت وكأنھ یرید الذھاب فقط ..!..
مشى ومشیت وكادت المسافة أن تكبر ، فقلت لھ : یا سیدنا ، لماذا قلت
في كتابك الصحیح من سیرة النبي الأعظم - صلى االله علیھ وآلھ - في
رأي الشیخ الصدوق بجواز سھو النبي ، إن الصدوق - رحمھ االله - قد
یكون ناظرا إلى أن االله سبحانھ قد یفعل ذلك بأنبیائھ لكي لا یغلو الناس
فیھم، فیعتقدون ألوھیتھم ویعبدونھم ، وقد رد العلماء علیھ ھذا القول،
ولم یقبلوه منھ، فمن أراد المزید فلیرجع إلى كتب علم الكلام .
وفي المقابل أنت دافعت عن كلامھ وشرحتھ ، وقلت أنھ یقصد الإسھاء
ولا یقصد السھو وفندت بالإسھاء بأنھا إجبار وقدرة من االله أن یقر
أمراً یریده سبحانھ حتى لو كان على المعصومین ..
ھنا شرحت وھناك أبھمت الجواب ورددت علیھ بأن العلماء ردوا علیھ
قولھ .
ھل العلماء الذین ردوا علیھ قولھ لم یفھموا الفرق بین الإسھاء والسھو
وأنت فھمتھ فقط !؟
واالله یا قرائنا إنھ تلعثم وما قدر على أن یرد أن إلا قال ھداك االله یا بني
!!
-------------------------------------------------------------