الحلقة الثلاثون
اقترب عاشو ء ار الحسین - علیھ السلام - وتجھزت الملایین لإحیاء
ذكرى استشھاده ، ولا ندري ھل نعزي أم نبارك ام نبكي أم نشرب
الفیمتو !؟
السید محمد رضا الحسیني الحائري أقر أن الروایات التي تفید
بمشروعیة واستحباب صوم عاشو ء ار صحیحة موثوق بھا ، كما في
كتابھ نجاة الأمة في إقامة العزاء على الحسین والأئمة ، والطریف
بالأمر أن الكتاب طبع في إیران ..
ولكن لماذا عاشوراء ولماذا الحزن الدائم على الحسین - علیھ
السلام - ونحن نعلم أن علي أفضل منھ والنبي صلى االله علیھ وآلھ
أفضل منھم ، وكل مصیبة بعد موتھ تھون بابي ھو وأمي ..
یقول أمیر المؤمنین - علیھ السلام - كما في مستدرك الوسائل : ((
صوموا یوم عاشوراء التاسع والعاشر احتیاطاً ، فإنھ كفارة السنة التي
قبلھ ، وإن لم یعلم بھ أحدكم حتى یأكل فلیتم صومھ . ))
سأل التیجاني الإمام الصدر عن صحة حدیث : (( لیس منا من
ضرب الخدود وشق الجیوب . ))
فقال لھ الإمام إ: نھ صحیح بلا شك ..
أو غلب العلماء الشیعة على أن الأمور التي یفعلھا العوام في العزاء
الحسیني لیست من الدین وینكرونھا حتى أن البعض منھم حرمھا وشدد
على النھي عنھا ، فقال العلماء الذین غلو في الحسین إن ھؤلاء یریدون
محو التاریخ الأثنى عشري بنظریتھم ( الكعدیة) وھي العزاء المحترم
أب ن تأتي بلباسك وتستمع إلى الأشعار والمحاضرات وتحرك یدك
تحریكا لیس مشبوه الأثر ومن ثم تذھب لبیتك ..
وھم یحرمون نزع الملابس وشق الجیوب واللطم والتطبیر ؛ لأن
العالم الغربي یفرح كثیراً بھذه الھمجیة التي ما أنزل االله بھا من سلطان
..
أما صیام یوم عاشورا ء فالأثن ى عشریة نسبوا الأمر على أنھ كره لبني
أمیة للحسین بان اتخذوا ھذا الیوم فرحا وصیاما و و و
ونقول بعد إن فكرنا ملیاً وبحثنا جلیاً ھل یعقل ھذا باالله علیك یا عقل
المستحدثات الھالك ؟ .!
وقالوا إن السنة یوردون روایات صیام عاشوراء بمنطق غریب ، وھو
ھل من المعقول أن یتبع النبي - صلى االله علیھ وآلھ - سنة الیھود عندما
رآھم یصومون ھذا الیوم !؟
وھذا أیضاً منطق غریب ؛ لأن السنن منھا ما ینزل وحیاً ، ومنھا ما
یقره النبي - صلى االله علیھ وآلھ - كما ھو لأنھ جاء لیتمم ولیس لیبني
مكارم الأخلاق ..
حدیث (( صیام یوم عاشوراء كفارة سنة ))
ذكره الطوسي مسنداً في الاستبصار ..
بل إن العلامة البحراني في كتابھ الحدائق قال عن أنواع الصیام : ((
ومنھا صوم یوم عاشوراء على وجھ الحزن .. ))
وھذه لیست روایة بل رأي فقھي من علامة في حجم یوسف البحراني
!.!
انظروا أیضاً إلى كلام الجواھري ، وأنا متعمد أن آتي بآراء فقھیة ؛
لأن الروایات ممكن یقول البعض عنھا ضعیفة ، فقد قال في كتابھ
جواھر الكلام : (( المذموم والمنھي عنھ اتخاذه (عاشوراء) كما یتخذه
المخالفون والتبرك بھ وإظھار الفرح والسرور فیھ لا أن المنھي عنھ
مطلق صومھ وأنھ كالعید وأیام التشریق وعلى كل حال فلا ریب في
جواز صومھ .. ))
یقول علماء الشیعة المتقدمین أن الآراء والانقسامات بین العلماء
القدماء والمتقدمین حول صیام عاشوراء إنما نبرره بأن الصیام المعني
لیس كصیام المخالفین ( السنة) الذین یصومون فرحاً ولكنھ صیام
خاص لا یتخللھ فرح ولكن صیام حزن ..
وھذه أقوال كل المحققین ولن ینكر ذلك إلا عامي جاھل لا نلومھ ..
وفي المقابل نسأل سؤال وھو ھل صیام عاشوراء عند السنة ھو صیام
فرح أم صیام شكر الله على تنجیتھ لموسى - علیھ السلام ؟ .
الصیام إن كان فیھ فرح فالفرح یأتي للأجر المرجو علیھ ولیس لمقتل
سید شباب أھل الجنة الذي عرفنا أنھ ریحانة وسید شباب أھل الجنة من
روایات السنة ..
فجعلوا الصیام صیام خاصاً بمعنى أنھ إلى العصر ولیس كالصیام
المشروع .!!
إنھم یھینون الدین بسبیل مخالفة المخالفین ... سبحان االله ما أعندھم !!
أما السؤال الذي لم ولن تجد لھ جواباً یشفي العقل من استغرابھ ھو أن
الإمام علي - علیھ السلام - قتل أیضاً فلماذا ھذه المیزة الخاصة في
عملیة الشعائر الحسینیة فقط !؟
یجیبون على ذلك بالقول أنھم یحزنون نعم على وفاة النبي - صلى االله
علیھ وآلھ - وعلي والحسن وینكرون ویستنكرون من یقول عنھم ذلك
وأننا ( الإمامیة ) نتبرك بالبكاء على نبینا - صلوات ربي علیھ وآلھ -
وعلي -علیھ السلام ..
ولكن أسأ لكم باالله أن تردوا وتكرروا علیھم السؤال مره أخرى بكل
حزم وإصرار : لماذا ھذه المیزة الخاصة في العزاء الحسیني وذكرى
استشھاد الحسین - علیھ السلام ؟؟
سیقولون إن مقتلھ فیھ آسى كبیر ومیز ة مؤثرة لم یعھدھا التاریخ من
قبل ، ونحن نتبرأ من قاتلیھ بھذا العزاء وھذه الشعیرة ..
فنقول ألیس مقتل علي - علیھ السلام - كان أیضاً مؤثراً ومأساویاً
خروجھ من الصلاة طعنھ بالخنجر كان مسموماً نزل الدم على لحیتھ
سقط بین أذرع أصحابھ ، كان الوضع متوتراً ظلموه الخوارج یحیكون
الموأمرات لقتلھ ..
ولا أظن أن أمامیاً شیعیاً أ ثنى عشریاً یستطیع أن ینكر مدى قدرة
الخطباء العراقیین خصوصاً والمحنكین الحوزویین عموماً على تأجیج
المواقف وجعل الموقف حزیناً بنبراتھم وصیاحھم ولوي ألسنتھم ..
فلماذا لا نحزن على أمیر المؤمنین - علیھ السلام - بنصف ما نحزن
على ابنھ - علیھم السلام ؟ .!
الغریب في الأمر أن إشكال إصرار الحسین - علیھ السلام - في
الذھاب وبعد إن جاءه الرسول بمقتل مسلم بن عقیل كان أمراً معضلاً
لم یخرج منھ علماء الإمامیة إلى الیوم وعزو الأمر على تفسیر تأویلي
یختلف علیھ اثنین فضلاً عن ملایین ..
یقول الشیخ المفید في روایة رسالة مقتل مسلم بن عقیل ووصولھا
للحسین - علیھ السلام : - (( فنظر " أي الحسین علیھ السلام " إلى بني
عقیل فقال : ما ترون ؟ فقد قتل مسلم فقالوا : واالله لا نرجع حتى نصیب
ثأرنا أو نذوق ما ذاق ، فأقبل علینا الحسین - علیھ السلام - وقال : لا
خیر في العیش بعد ھؤلاء ))) ..
ھل یخیر المعصوم من أدنى منھ منزل ة وفضلاً وھو صاحب الرأي
المعصوم .!؟
لماذا قال لھم ( ما ترون ؟ )
ھل كان یتوقع إصرارھم إن أم الأمر كان مغامرة بأن یمكن أن یقولون
نرید الرجوع أو نرید الاستمرار ؟ .
الإشكال الثاني والخطیر جداً ھو أن أبناء عقیل قالوا إنھم واالله لن
یرجعون حتى یأخذوا بثأرھم ، والحسین - علیھ السلام أ - قر علیھم
أمرھم وأعانھم على ذلك ..
فھل أخذ ث رأ مسلم بن عقی ل أولى من أخذ ثأر الحسن أخو الحسین
علیھم السلام ؟
لماذا لم یأخذ ثأر أخیھ .؟
خصوصاً مع زعم الأثنى عشریة أن عائشة رفضت دفنھ بجانب جده
.؟
ھل كان في المدینة خائفاً من عائشة وقومھا وھنا في كربلاء شجاعاً
یقابل أضعاف أضعافھ بمرات كثیرة .؟
إنھ أمر محیر فعلاً ویجعل كل حیران یزداد حیرة حتى ینصب ویقرأ
الروایات الدالة على صیام یوم عاشوراء ، فعندھا سیعلم أن الصیام
أو جر الصیام أولى من اللطم والبكاء على شھید في جنات الخلد یسبح
خالداً فیھا لا ندري لماذا نبكي علیھ وھو في ھذه الكرامة الكبیرة !؟
أخیراً نختم ھذا الرد بكلام الشیخ المفید في أعمال الیوم العاشر ونترك
التعلیق لمن كان لھ عقل یفكر
(( یوم استشھد فیھ الحسین ع( ) وھو یوم المُصیبة والحُزن للائمة ع( )
وشیعتھم وینبغي للشّیعة أن یمسكوا فیھ عن السّعي في حوائج دُنیاھم
وأن لا یدّخروا فیھ شیئاً لمنازلھم وأن یتفرّغوا فیھ للبكاء والنّیاح وذكر
المصائب وأن یقیمُوا مأتم الحسین ع( ) كما یقیمُونھ لأعز أولادھم
وأقاربھم وأن یزوروه بزیارة عاشوراء الآتیة إن شاء االله تعالى وأن
یجتھدوا في سبّ قاتلیھ ولعنھم ولیعزّ بعضھم بعضاً قائلاً أعظم االلهُ
أجورنا بِمُصابِنا بِالْحُسَیْنِ عَ - لَیْھَ السَّلامُ - وَجَعَلْنا وَاِیّاكُمْ مِنَ الطّالِبینَ
بثأره مَعَ وَلِیِّھِ الإمام الْمَھْدىِّ مِنْ آلِ مُحَمَّد - عَلَیْھِمُ السَّلامُ - وینبغي أن
یتذاكروا فیھ مقتل الحسین ع( ) فیستبكي بعضھم بعضا.ً))
نترك السعي في طلب حوائج الدنیا
لا ندخر في منازلنا شيء
نسب ونلعن ونفحش بالسب على قاتلیھ
نتمنى أن نثأر لھ مع الإمام المھدي ونسینا أن من قتلھ قد مات ( ممن
نأخذ الثأر )
ھل تعلمنا أخذ الثأر من الأئمة أم من علماء الأمة !؟
ھل یوجد إمام من الأئمة أ خذ بثأر أبیھ أو أخیھ . !؟
ھنا المحجة البیضاء وربي وربكم لا یزیغ عن الحق إلا ھالك مشین ...
-------------------------------------------------------------