عرض مشاركة واحدة
قديم 17-03-25, 08:17 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة


البيانات
التسجيل: Nov 2021
العضوية: 12043
المشاركات: 903 [+]
الجنس: ذكر
المذهب: سني
بمعدل : 0.71 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 5
نقاط التقييم: 10
السليماني على طريق التميز

الإتصالات
الحالة:
السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : السليماني المنتدى : بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة
افتراضي

انفضّ الجميع، وقد نصر الله عباده وآرهم، في حين رزئ مندوبا قريش بهزيمة منكرة.. لكن عمرو بن العاص كان داهية واسع الحيلة، لا يتجرّع الهزيمة، ولا يذعن لليأس.. وهكذا لم يكد يعود مع صاحبه الى نزلهما، حتى ذهب يفكّر ويدبّر، وقال لزميله: " والله لأرجعنّ للنجاشي غدا، ولآتينّه عنهم بما يستأصل خضراءهم".. وأجابه صاحبه: " لا تفعل، فان لهم أرحاما، وان كانوا قد خالفونا".. قال عمرو: " والله لأخبرنّه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد، كبقية العباد".. هذه اذن هي المكيدة الجديدة الجديدة التي دبّرها مبعوث قريش للمسلمين كي يلجئهم الى الزاوية الحادة، ويضعهم بين شقّي الرحى، فان هم قالوا عيسى عبد من عباد الله، حرّكوا ضدهم أضان الملك والأساقفة.. وان هم نفوا عنه البشرية خرجوا عن دينهم...!!
**
وفي الغداة أغذا السير الى مقابلة الملك، وقال له عمرو: " أيها الملك: انهم ليقولون في عيسى قولا عظيما". واضطرب الأساقفة.. واهتاجتهم هذه العبارة القصيرة.. ونادوا بدعوة المسلمين لسؤالهم عن موقف دينهم من المسيح.. وعلم المسلمون بالمؤامرة الجديدة، فجلسوا يتشاورون.. ثم تفقوا على أن يقولوا الحق الذي سمعون من نبيهم عليه الصلاة والسلام، لايحيدون عنه قيد شعرة، وليكن ما يكن..!! وانعقد الاجتماع من جديد، وبدأ النجاشي الحديث سائلا جعفر: "ماذا تقولون في عيسى"..؟؟ ونهض جعفر مرة أخرى كالمنار المضيء وقال: " نقول فيه ما جاءنا به نبينا نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة: هو عبدالله ورسوله، وكلمته ألقاها الى مريم وروح منه".. فهتف النجاشي نصدّقا ومعلنا أن هذا هو ما قاله المسيح عن نفسه.. لكنّ صفوف الأساقفة ضجّت بما يسبه النكير.. ومضى النجاشي المستنير المؤمن يتابع حديثه قائلا للمسلمين: " اذهبوا فأنتم آمنون بأرضي، ومن سبّكم أو آذاكم، فعليه غرم ما يفعل".. ثم التفت صوب حاشيته، وقال وسبّابته تشير الى مبعوثي قريش: " ردّوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لي بها... فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين ردّ عليّ ملكي، فآخذ الرشوة فيه"...!!


وخرج مبعوثا قريش مخذولين، حيث وليّا وجهيهما من فورهما شطر مكة عائين اليها... وخرج المسلمون بزعامة جعفر ليستأنفوا حياتهم الآمنة في الحبشة، لابثين فيها كما قالوا:" بخير دار.. مع خير جار.."


حتى يأذن الله لهم بالعودة الى رسولهم واخوانهم وديارهم...


**


كان رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة يحتفل مع المسلمين بفتح خيبر حين طلع عليهم قادما من الحبشة جعفر بن أبي طالب ومعه من كانوا لا يزالون في الحبشة من المهاجرين.. وأفعم قلب الرسول عليه الصلاة والسلام بمقدمة غبطة، وسعادة وبشرا.. وعانقه النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة وهو يقول:


" لا أدري بأيهما أنا أسرّ بفتح خيبر.. أم بقدوم جعفر..".


وركب رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة وصحبه الى مكة، حيث اعتمروا عمرة القضاء، وعادوا الى المدينة، وقد اكتلأت نفس جعفر روعة بما سمع من انباء اخوانه المؤمنين الذين خاضوا مع النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة غزوة بدر، وأحد.. وغيرهما من المشاهد والمغازي.. وفاضت عيناه بالدمع على الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وقضوا نحبهم شهداء أبرار.. وطار فؤداه شوقا الى الجنة، وأخذ يتحيّن فرصة الشهادة ويترقب لحظتها المجيدة..!!

**
وكانت غزوة مؤتة التي أسلفنا الحديث عنها، تتحرّك راياتها في الأفق متأهبة للزحف، وللمسير..


ورأى جعفر في هذه الغزوة فرصة العمر، فامّا أن يحقق فيها نصرا كبيرا لدين الله، واما أن يظفر باستشهاد عظيم في سبيل الله.. وتقدّم من رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة يرجوه أن يجعل له في هذه الغزوة مكانا..


كان جعفر يعلم علم اليقين أنها ليست نزهة.. بل ولا حربا صغيرة، انما هي حرب لم يخض الاسلام منها من قبل..


حرب مع جيوش امبراطورية عريضة باذخة، تملك من العتاد والأعداد، والخبرة والأموال ما لا قبل للعرب ولا للمسلمين به، ومع هذا طار شوقا اليها، وكان ثالث ثلاثة جعلهم رسول الله قواد الجيش وأمراءه..


وخرج الجيش وخرج جعفر معه.. والتقى الجمعان في يوم رهيب..


وبينما كان من حق جعفر أن تأخذ الرهبة عنده عندما بصر جيش الروم ينتظم مائتي ألف مقاتل، فانه على العكس، أخذته نشوة عارمة اذا احسّ في أنفه المؤمن العزيز، واعتداد البطل المقتدر أنه سيقاتل أكفاء له وأندادا..!!


وما كادت الراية توشك على السقوط من يمين زيد بن حارثة، حتى تلقاها جعفر باليمين ومضى يقاتل بها في اقدام خارق.. اقدام رجل لا يبحث عن النصر، بل عن الشهادة...


وتكاثر عليه وحوله مقاتلي الروم، ورأى فرسه تعوق حركته فاقتحم عنها فنزل..


وراح يصوب سيفه ويسدده الى نحور أعدائه كنقمة القدر..

ولمح واحدا من الأعداء يقترب من فرسه ليعلو ظهرها، فعز عليه أن يمتطي صهوتها هذا الرجس، فبسط نحوها سيفه، وعقرها..!!


وانطلق وسط الصفوف المتكالبة عليه يدمدم كالاعثار، وصوته يتعالى بهذا الزجر المتوهج:


يا حبّذا الجنة واقترابها طيّبة،


وبارد شرابها والروم روم،


قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها


عليّ اذا لاقيتها ضرابها


وأدرك مقاتلو الروم مقدرة هذا الرجل الذي يقاتل، وكانه جيش لجب.. وأحاطوا به في اصرار مجنون على قتله..


وحوصر بهم حصارا لا منفذ فيه لنجاة.. وضربوا بالسيوف يمينه، وقبل أن تسقط الراية منها على الأرض تلقاها بشماله.. وضربوها هي الأخرى، فاحتضن الراية بعضديه.. في هذه اللحظة تركّزت كل مسؤوليته في ألا يدع راية رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة تلامس التراب وهو حيّ.. وحين تكّومت جثته الطاهرة، كانت سارية الراية مغروسة بين عضدي جثمانه، ونادت خفقاتها عبدالله بن رواحة فشق الصفوف كالسهم نحوها، واخذها في قوة، ومضى بها الى مصير عظيم..!!


**

وهكذا صنع جعفر لنفسه موتة من أعظم موتات البشر..!!


وهكذا لقي الكبير المتعال، مضمّخا بفدائيته، مدثرا ببطولاته.. وأنبأ العليم الخبير رسوله بمصير المعركة، وبمصير جعفر، فاستودعه الله، وبكى.. وقام الى بيت ابن عمّه، ودعا بأطفاله وبنيه، فشمّمهم، وقبّلهم، وذرفت عيناه.. ثم عاد الى مجلسه، وأصحابه حافون به.


ووقف شاعرالإسلام حسّان بن ثابت يرثي جعفر ورفاقه:


غداة مضوا بالمؤمنين يقودهم الى الموت ميمون النقيبة أزهر أغرّ كضوء البدر من آل هاشم


أبيّ اذا سيم الظلامة مجسر فطاعن حتى مال غير موسد لمعترك فيه القنا يتكسّر


فصار مع المستشهدين ثوابه جنان، ومتلف الحدائق أخضر


وكنّا نرى في جعفر من محمد وفاء وأمرا حازما حين يأمر


فما زال في الاسلام من آل هاشم دعائم عز لا يزلن ومفخر


وينهض بعد حسّان، كعب بن مالك، فيرسل شعره الجزل :


وجدا على النفر الذين تتابعوا يوما بمؤتة، أسندوا لم ينقلوا صلى الاله عليهم من فتية وسقى عظامهم الغمام المسبل صبروا بمؤتة للإله نفوسهم حذر الردى، ومخافة أن ينكلوا اذ يهتدون بجعفر ولواؤه قدّام أولهم، فنعم الأول حتى تفرّجت الصفوف وجعفر حيث التقى وعث الصفوف مجدّل فتغير القمر المنير لفقده والشمس قد كسفت،


وكادت تأفل وذهب المساكين جميعهم يبكون أباهم، فقد كان جعفر نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة أبا المساكين..


يقول أبو هريرة: " كان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب"...


أجل كان أجود الناس بماله وهو حيّ.. فلما جاء أجله أبى الا أن يكون من أجود الشهداء وأكثرهم بذلا لروحه وحيته.. يقول عبدالله بن عمر: " كنت مع جعفر في غزوة مؤتة، فالتمسناه، فوجدناه وبه بضع وتسعون ما بين رمية وطعنة"..!! بضع وتسعون طعنة سيف ورمية رمح..؟؟!!


ومع هذا، فهل نال القتلة من روحه ومن مصيره منالا..؟؟ أبدا.. وما كانت سيوفهم ورماحهم سوى جسر عبر عليه الشهيد المجيد الى جوار الله الأعلى الرحيم، حيث نزل في رحابه مكانا عليّا..


انه هنالك في جنان الخلد، يحمل أوسمة المعركة على كل مكان من جسد أنهكته السيوف والرماح.. وان شئتم، فاسمعوا قول رسول الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة:


" لقد رأيته في الجنّة.. له جناحان مضرّجان بالدماء.. مصبوغ القوادم"...











توقيع : السليماني

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(فكل شر في بعض المسلمين فهو في غيرهم أكثر وكل خير يكون في غيرهم فهو فيهم أعظم وهكذا أهل الحديث بالنسبة إلى غيرهم ) مجموع الفتاوى ( 52/18)

قال ابن الجوزي رحمه الله ( من أحب أن لا ينقطع عمله بعد موته فلينشر العلم ) التذكرة


مدونة لنشر العلم الشرعي على منهج السلف الصالح


https://albdranyzxc.blogspot.com/

عرض البوم صور السليماني   رد مع اقتباس