(29)
قال الشيخ رحمه الله :
( ولا ريب أنّ المشركين الذين كذّبوا الرّسل يتردّدون بين البدعة المخالفة لشرع الله وبين الاحتجاج بالقدر على مخالفة أمر الله فهؤلاء الأصناف فيهم شبه من المشركين إمّا أن يبتدعوا وإمّا أن يحتجوا بالقدر وإمّا أن يجمعوا بين الأمرين كما قال تعالى عن المشركين {واذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله امرنا بها قل إنّ الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون}
وكما قال تعالى عنهم {وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرّمنا من شيء}) ا.هــــ كلامه .
الشرح :
الاحتجاج بالقدر على ترك طاعة الله أو ماهو من معصيته استعمال استعمله قوم من المشركين ولم يستعمله عامة المشركين فضلاً عن أهل الإسلام
وإنما قال به قوم من أهل الشرك في حالة عرضت لهم لذلك قال الله تعالى ( كذلك كذب الذين من قبلهم )
ولاتجد مشركي العرب - مع أنهم ذكروا هذا القول - قد قام في عقولهم هذا الموجب على اللزوم أو مااستطاعوا أن ينفكوا عنه .
ولهذا إذا صار الواحد منهم إلى الإسلام ليس لإنه قد حاوره أحد او جادله أو حاور عقله وزال عن نفسه تلك الشبهة
بل هي شبهة أرادوا ان يكفوا بها مايلاقونه من الإغلاق عليهم لما جاءت أنوار الشريعة بينة تشبثوا بمثل هذه الكلمات
وهي من جنس قولهم عن رسول الله
بأنه ساحر وأنه مجنون
مع أنهم يعلمون أنه أبرأ الخلق من ذلك كله وأنه أفضل من لقوا وأصدق من لقوا وأمين ذلك البلد الذي كانوا فيه وهو أمين الناس أجمعين عليه الصلاة والسلام .
فلم يخلق الله سبحانه وتعالى بشراً كرسول الله
في أمانته وصدقه وزكاته
وغير ذلك وأخلاقه الفاضلة عليه الصلاة والسلام التي جبله الله عليها وشرعها الله له وللمسلمين
ولهذا قال الله فيه ( وإنك لعلى خلق عظيم )
.