(33)
قال الشيخ رحمه الله :
( فَإِن الذَّوْق والوجد وَنَحْو ذَلِك هُوَ بِحَسب مَا يُحِبهُ العَبْد ويهواه فَكل محب لَهُ ذوق وَوجد بِحَسب محبته وهواه فَأهل الْإِيمَان لَهُم من الذَّوْق والوجد مثل مَا بيّنه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم )
الشرح :
-هذه الأسماء وجدت في كلام الصوفية وقد يعبرون عنها عن معان صحيحة لأنك تعلم أن التصوف ليس طبقة واحدة أو درجة واحدة .
- فقد يعبر بها عن معنى صحيح تقره الشريعة كما عبر بعضهم عن الفناء بماهو من المعنى الصحيح كما سبق في كلام شيخ الإسلام وغيره .
-وقد يعبر عنها بما هو من المعاني الباطلة المنافية لما هو من أصل الشريعة نوع منافاة .
- وقد يعبر عنها بما هو من المعاني الباطلة المنافية لما هو من أصل الشريعة .
وهذا بحسب أحوال الصوفية ما بين مقتصدة ما بين غلاة ومادون ذلك من هؤلاء .
ولكن على كل تقدير حتى إذا عبر بهذه الأسماء عما هو من المعاني الصحيحة فإنه يقال :
إن تلك المعاني الصحيحة السنة والهدي فيها والقصد - بل الواجب - أن يعبر بها بالأسماء المحكمة المفصلة وبالأسماء الشرعية بعيداً عن الأسماء المحدثة المجملة التي صار استعمالها على أدنى أحواله موجباً للبس والإيهام .
ولذك في أسماء الشريعة غنية كاسم الإخلاص والتوحيد والإيمان ومحبة الله لعبده ومحبة العبد لربه وما إلى ذلك من الأسماء الشرعية
( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) وفي قول الله سبحانه وتعالى ( أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ )
وفي هذه الأسماء وأمثالها من أسماء الإيمان والدين هي الأسماء المشروعة في عبادة المسلم .
- وقد ذكر الله الأسماء الشرعية كالخوف والرجاء والإخبات والخشوع فهذه الأسماء البالغة في العلم والتحقيق .
- وأما اسم الوجد والذوق وما إلى ذلك والتتيم فهذه أسماء فيها قدر واسع من التكلف من وجه
وفيها قدر واسع من اللبس بل لبس الحق بالباطل من من وجه آخر .
- وهكذا كل من عدل عن أسماء الشريعة في الشرعيات وقع في أسماء قاصرة أو باطلة .
- وهكذا كل من عدل عن دليل الشريعة وبراهينها في العقليات إما ببرهان يوجده وقع في إما دليل قاصر يتوهمه برهاناً وهو ليس كذلك
أو في دليل باطل فإن الله سبحانه وتعالى أتم الدين مسائل وأدلة فالدين كامل في دلائله ومسائله
وليس الكمال في مسائله دون دلائله بل دلائله ومسائله كاملة .
- لكن هذا فقه في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يعرفه من يعرفه من أهل العلم والتحقيق .
- ولهذا لما نظر الناظرون في أدلة الشريعة بينوا وفصلوا أدلتها بما سموه في علم أصول الفقه مما هو محقق من أدلة الشريعة وأصولها الكلية
وهما الأصلان الكليان :
1- الكتاب 2- والسنة .
فهذا من علم التحقيق في الجملة وإن كان يقع في كلام بعض أهل الأصول ما يكون محل نظر
فهذا يقع في كلام آحادهم لكن ما استقرت عليه جمل الأصوليين فإن مبني على التحقيق .
- المقصود أن الأسماء الشرعية في الشرعيات تامة
وإنما قد يحتاج الناس إلى الأسماء الاصطلاحية فيما لم تجعل الشريعة فيه الأسماء محل توصيف من الشريعة وهذا باب وذاك باب آخر .