البرهان 22
من سورة البقرة
{ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ
فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ
وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { 284}
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ
كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ
وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ{ 285} }
سورة البقرة { 284- 285 }
هذا إخبار من الله أنه له ما في السماوات وما في الأرض،
الجميع خلقهم ورزقهم ودبرهم لمصالحهم الدينية والدنيوية،
فكانوا ملكا له وعبيدا،
لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا
ولا موتا ولا حياة ولا نشورا،
وهو ربهم ومالكهم الذي يتصرف فيهم بحكمته وعدله وإحسانه،
وقد أمرهم ونهاهم وسيحاسبهم على ما أسروه وأعلنوه،
{ فيغفر لمن يشاء } وهو لمن أتى بأسباب المغفرة،
ويعذب من يشاء بذنبه الذي لم يحصل له ما يكفره
{ والله على كل شيء قدير } لا يعجزه شيء،
بل كل الخلق طوع قهره ومشيئته وتقديره وجزائه.
[ ثم ] يخبر تعالى عن إيمان الرسول والمؤمنين معه،
وانقيادهم وطاعتهم وسؤالهم مع ذلك المغفرة،
فأخبر أنهم آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله،
وهذا يتضمن الإيمان بجميع ما أخبر الله به عن نفسه،
وأخبرت به عنه رسله من صفات كماله ونعوت جلاله
على وجه الإجمال والتفصيل،
وتنزيهه عن التمثيل والتعطيل وعن جميع صفات النقص،
ويتضمن الإيمان بالملائكة الذين نصت عليهم الشرائع جملة وتفصيلا،
وعلى الإيمان بجميع الرسل والكتب،
أي: بكل ما أخبرت به الرسل وتضمنته الكتب من الأخبار والأوامر والنواهي،
وأنهم لا يفرقون بين أحد من رسله، بل يؤمنون بجميعهم،
لأنهم وسائط بين الله وبين عباده،
فالكفر ببعضهم كفر بجميعهم بل كفر بالله
{ وقالوا سمعنا } ما أمرتنا به ونهيتنا
{ وأطعنا } لك في ذلك، ولم يكونوا ممن قالوا سمعنا وعصينا،
ولما كان العبد لا بد أن يحصل منه تقصير في حقوق الله تعالى
وهو محتاج إلى مغفرته على الدوام،
قالوا { غفرانك } أي: نسألك مغفرة لما صدر منا من التقصير والذنوب،
ومحو ما اتصفنا به من العيوب
{ وإليك المصير } أي:
المرجع لجميع الخلائق فتجزيهم بما عملوا من خير وشر.