باب قوله
"ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا
يحبونهم كحب الله”
قول الله تعالى :
( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا
يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ )
[ سورة البقرة : الآية 165 ]
أصل التوحيد وروحه إخلاص المحبة لله وحده
وهي أصل التأله والتعبد له بل هي حقيقة العبادة
ولا يتم التوحيد حتى تكمل محبة العبد لربه ,
وتسبق محبته جميع المحاب وتغلبها ويكون لها الحكم عليها
بحيث تكون سائر محاب العبد تبعا لهذه المحبة
التي بها سعادة العبد وفلاحه .
ومن تفريعها وتكميلها الحب في الله والبغض في الله
فيحب العبد ما يحبه الله من الأعمال والأشخاص
ويبغض ما يبغضه الله من الأشخاص والأعمال ,
ويوالي أولياءه ويعادي أعداءه :
وبذلك يكمل إيمان العبد وتوحيده .
أما اتخاذ أنداد من الخلق يحبهم كحب الله
ويقدم طاعتهم على طاعة الله
ويلهج بذكرهم ودعائهم
فهذا هو الشرك الأكبر
الذي لا يغفره الله ,
وصاحب هذا الشرك قد انقطع قلبه من ولاية العزيز الحميد ,
وتعلق بغيره ممن لا يملك له شيئا ,
وهذا السبب الواهي الذي تعلق به المشركون
سينقطع يوم القيامة أحوج ما يكون العبد لعمله
وستنقلب هذه المودة والموالاة بغضا وعداوة .
واعلم أن أنواع المحبة ثلاثة أقسام :
الأول : محبة الله التي هي أصل الإيمان والتوحيد .
الثاني : المحبة في الله وهي محبة أنبياء الله ورسله وأتباعهم
ومحبة ما يحبه الله من الأعمال والأزمنة والأمكنة وغيرها
وهذه تابعة لمحبة الله ومكملة لها .
الثالث : محبة مع الله
وهي محبة المشركين لآلهتهم وأندادهم
من شجر وحجر وبشر وملك وغيرها
وهي أصل الشرك وأساسه .
وهنا قسم رابع وهو المحبة الطبيعية التي تتبع ما يلائم العبد ويوافقه
من طعام وشراب ونكاح ولباس وعشرة وغيرها ,
وهذه إذا كانت مباحة إن أعانت على محبة الله وطاعته
دخلت في باب العبادات ,
وإن صدت عن ذلك وتوسل بها إلى ما لا يحبه الله
دخلت في المنهيات ,
وإلا بقيت من أقسام المباحات
والله أعلم .