[ 147 ]
س : ماذا يقتضيه سبق المقادير
بالشقاوة والسعادة ؟
جـ : اتفقت جميع الكتب السماوية والسنن النبوية
على أن القدر السابق لا يمنع العمل ولا يوجب الاتكال عليه ،
بل يوجب الجد والاجتهاد والحرص على العمل الصالح ،
ولهذا لما أخبر النبي
أصحابه
بسبق المقادير وجريانها وجفوف القلم بها
قال بعضهم :
أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل قال :
« لا ، اعملوا فكل ميسر »
ثم قرأ : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى } . الآية ،
فالله سبحانه وتعالى قدر المقادير وهيأ لها أسبابا ،
وهو الحكيم بما نصبه من الأسباب في المعاش والمعاد ،
وقد يسر كلا من خلقه لما خلقه له في الدنيا والآخرة ،
فهو مهيأ له ميسر له ،
فإذا علم العبد أن مصالح آخرته مرتبطة بالأسباب الموصلة إليها
كان أشدّ اجتهادا في فعلها والقيام بها
وأعظم منه في أسباب معاشه ومصالح دنياه ،
وقد فقه هذا كل الفقه من قال من الصحابة
لما سمع أحاديث القدر :
ما كنت أشدّ اجتهادا مني الآن .
وقال النبي
:
« احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز » (1) .
وقال
لما قيل له
« : أرأيت دواء نتداوى به ورقى نسترقيها ،
هل ترد من قدر الله شيئا ؟
قال : هي من قدر الله » (2) .
يعني أن الله تعالى قدر الخير والشر
وأسباب كل منهما .
==================
(1) رواه مسلم ( القدر / 34 ) ، وابن ماجه ( 79 ) .
(2) ( حسن ) رواه أحمد ( 3 / 421 ) ، والترمذي ( 2065 ) ،
وابن ماجه ( 3437 ) قال الإمام الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ،
ورواه الحاكم ( 4 / 199 ) من حديث حكيم بن حزام وقال :
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي .
ورواه أيضا ابن حبان بإسناد حسن من حديث كعب بن مالك ،
وقد ساق الشيخ الألباني عدة طرق ومرويات للحديث ،
ثم قال : وبالجملة فأرجو أن يصل الحديث إلى مرتبة الحسن ،
ا هـ . ( مشكلة الفقر ح 11 ) .