[ 167 ]
س : ما هو الكفر العملي
الذي لا يخرج من الملة ؟
جـ : هو كل معصية أطلق عليها الشارع اسم الكفر
مع بقاء اسم الإيمان على عامله ،
كقول النبي
:
« لا ترجعوا بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض » (1) ،
وقوله
:
« سباب المسلم فسوق وقتاله كفر » (2)
فأطلق
على قتال المسلمين بعضهم بعضا أنه كفر ،
وسمى من يفعل ذلك كفارا ،
مع قول الله تعالى :
{ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا }
إلى قوله :
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } .
فأثبت الله تعالى لهم الإيمان وأخوة الإيمان
ولم ينف عنهم شيئا من ذلك .
وقال تعالى في آية القصاص :
{ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ
فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } .
فأثبت تعالى له أخوة الإسلام ولم ينفها عنه ،
قال النبي
:
« لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ،
ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ،
ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ،
والتوبة معروضة بعد » .
زاد في رواية :
« ولا يقتل وهو مؤمن
- وفي رواية -
ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم » (3) .
الحديث في الصحيحين مع حديث أبي ذر فيهما أيضا ،
قال
:
« ما من عبد قال لا إله إلا الله ،
ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة
قلت :
وإن زنى وإن سرق ؟
قال :
وإن زنى وإن سرق ثلاثا ،
ثم قال في الرابعة :
على رغم أنف أبي ذر » (4) .
فهذا يدل على أنه لم ينف
عن الزاني والسارق والشارب والقاتل مطلق الإيمان بالكلية مع التوحيد
فإنه لو أراد ذلك لم يخبر بأن من مات على لا إله إلا الله دخل الجنة
وإن فعل تلك المعاصي ،
فلن يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ،
وإنما أراد بذلك نقص الإيمان ونفي كماله ،
وإنما يكفر العبد بتلك المعاصي مع استحلاله إياها
المستلزم لتكذيب الكتاب والرسول في تحريمها
بل يكفر باعتقاد حلها وإن لم يفعلها ،
والله سبحانه وتعالى أعلم .
==================
(1) رواه البخاري ( 121 ) ، ومسلم ( الإيمان / 118 ، 120 ) .
(2) رواه البخاري ( 48 ، 6044 ) ، ومسلم ( الإيمان / 116 ) .
(3) رواه البخاري ( 2475 ، 5578 ) ، ومسلم ( الإيمان / 100 ، 105 ) .
(4) رواه البخاري ( 5827 ) ، ومسلم ( الإيمان / 154 ) .