5-وكان صلّى الله عليه وسلّم أزهد الناس في الدنيا،
فقد ثبت عنه صلّى الله عليه وسلّم
أنه اضطجع على الحصير فأثَّر في جنبه،
فدخل عليه عمر بن الخطاب
،
ولما استيقظ جعل يمسح جنبه فقال:
رسول الله لو اتخذت فراشاً أوثر من هذا؟
فقال صلّى الله عليه وسلّم:
”مالي وللدنيا،
ما مثلي ومثل الدنيا
إلا كراكب سار في يوم صائف
فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار
ثم راح وتركها“([1]).
وقال:
”لو كان لي مثلُ أُحُدٍ ذهباً
ما يَسُرُّني أن لا يمر عليَّ ثلاثٌ
وعندي منه شيء،
إلا شيءٌ أرصُدُهُ لدين“([2]).
وعن أبي هريرة
قال:
"ما شبع آل محمد من طعام
ثلاثة أيام حتى قبض"([3]).
والمقصود أنهم لم يشبعوا ثلاثة أيام بلياليها متوالية،
والظاهر أن سبب عدم شبعهم غالباً
كان بسبب قلة الشيء عندهم
على أنهم قد يجدون ولكن يؤثرون على أنفسهم([4])؛
ولهذا قالت عائشة
ا:
"خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم من الدنيا
ولم يشبع من خبز الشعير"([5]).
وقالت:
"ما أكل آل محمد صلّى الله عليه وسلّم
أُكلتين في يوم إلا إحداهما تمر"([6]).
وقالت:
"إنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين
وما أُوقدت في أبيات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نار.
فقال عروة: ما كان يقيتكم؟
قالت:
الأسودان: التمر والماء"([7]).
والمقصود بالهلال الثالث:
وهو يُرى عند انقضاء الشهرين.
وعن عائشة
ا قالت:
”كان فراشُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
من أدَم وحشوُهُ ليفٌ“([8]).
ومع هذا كان يقول صلّى الله عليه وسلّم:
”اللهم اجعل رزق آل محمدٍ قوتاً“([9]).
6- وكان صلّى الله عليه وسلّم من أورع الناس؛
ولهذا قال:
”إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة
على فراشي أو في بيتي فأرفعها لآكلها
ثم أخشى أن تكون من الصدقة فألقيها“([10]).
وأخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة
فجعلها في فيه
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
”ِكَخْ ِكَخْ ارمِ بها
أما علمت أنَّا لا نأكل الصدقة“؟([11]).
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
([1]) الترمزي وغيره، وانظر: الأحاديث الصحيحة برقم 439، وصحيح الترمذي 2/280.
([2]) البخاري برقم 2389، ومسلم برقم 991.
([3]) البخاري مع الفتح 9/517و549.
([4]) انظر فتح الباري 9/517 و549 برقم 5374، ومن حديث عائشة
ا برقم 5416.
([5]) البخاري مع الفتح 9/549.
([6]) البخاري مع الفتح 11/283.
([7]) البخاري مع الفتح 11/283.
([8]) البخاري برقم 6456.
([9]) البخاري برقم 6460، ومسلم برقم 1055
والقوت: هو ما يقوت البدن من غير إسراف
وهو معنى الرواية الأخرى عند مسلم "كفافاً" ويكف عن الحاجة،
وقال أهل اللغة: القوت: هو ما يسد رمق،
وفي الكفاف سلامة من آفاق الغنى والفقر جميعاً والله أعلم.
الفتح 11/293، وشرح النووي 7/152, والأبي 3/537.
([10]) مسلم 2/751.
([11]) مسلم 2/751.