التعقيب على دعوى نصية الإمامة
إن الاعتقاد بوجود نصٍّ من القرآن
ينص على وجوب إمامة علي [1] ومن بعده
يصطدم بعقبات رئيسية:
1- أن أمر المسلمين شورى بينهم كما قال تعالى :
" وأمرهم شورى بينهم "
[ الشورى 38 ]،
والخلافة من أمور المسلمين،
وليس في كتاب الله ولا سنة نبيه
نصٌ صريح على تعيين الخليفة من بعده،
يؤكد ذلك ما رواه الشريف المرتضى في نهج البلاغة
عن علي أنه قال لمعاوية :
" إنما الشورى للمهاجرين والأنصار،
فإذا اجتمعوا على رجلٍ وسمَّوْهُ ( إماماً )
كان ذلك لله رضاً " [2]
أي أن الله يرضى ما رضيه المهاجرون والأنصار.
ثم طلب من معاوية أن يبايعه قائلاً :
" بايَعَني القومُ الذين بايعوا
أبا بكرٍ وعمر وعثمان
على ما بايعوهم عليه ،
فلم يكن للشاهد أن يختار ،
ولا للغائب أن يختار ".[3]
فهذا يعني بوضوح أن علياً كان يعتقد بشرعية
خلافة أبي بكر وعمر بطريقةٍ رضي بها الجميع.
2- أن علي بن أبي طالب بايع الخلفاء،
وهذا متفق عليه ،
غير أن الشيعة يروون أنه اعترض أول الأمر
ثم ما لبث أن سلّم بالأمر وبايع ،
وهذه البيعة تعتبر إقراراً
بشرعية الخلفاء الذين سبقوه
وهذا الإقرار حجة على المنتسبين إليه.
قال الشيخ آل كاشف الغطاء :
" لما رأى عليٌّ أن أبا بكرٍ وعمر بذلا أقصى الجهد
في نشر كلمة التوحيد وتجهيز الجيوش وتوسيع الفتوح ،
ولم يستأثروا ولم يستبدوا بايع وسالم ".[4]
بل إن شارح نهج البلاغة روى عن عليٍ اعتقاده
بأولوية إمامة أبي بكر على من سواه
إذ قال حين بايعه:
" وإنا لنرى أبا بكرٍ أحق الناس بها ،
إنه لصاحب الغار ،
وإنا لنعرف له سِنّه ،
ولقد أمره رسول الله
بالصلاة بالناس وهو حي ". [5]
وإذا كان المجلسي والكليني يحكمان على من يعتقد
شرعية خلافة أبي بكر وعمر بالكفر والشرك،
فماذا يكون حينئذٍ موقفهما من علي
وقد بسط لهما يده وبايعهما
على السمع والطاعة ،
وهو معصوم عندهم من الخطأ ،
ومنزّهٌ عن الجبن والمداهنة ؟
=============
[1] - قال الخميني:
" والرسول قد كلّمه الله وحياً أن يبلّغ فيما نُزِّل إليه فيمن يخلفه في الناس ،
وبحكم هذا الأمر فقد اتبع ما أُمر به ، وعيّن أمير علياً للخلافة
( الحكومة الإسلامية 43 ).
[2] - نهج البلاغة 3 : 7 .
[3] - نهج البلاغة 3 : 7 ، وانظر كتاب الإرشاد للشيخ الشيعي المفيد
ص 31. ط: الأعلمي – بيروت .
أو ص 143 من الطبعة الحيدرية بالنجف .
[4] - أصل الشيعة وأصولها 91 .
[5] - شرح نهج البلاغة 1 : 132.