أخواني وأخواتي حفظكم المولى :
هناك بعض العلامات التي تدل على قبول وصحة التوبة منها :
أن يكون العبد بعد التوبة خيراً مما كان قبلها :
وكل إنسان يستشعر ذلك من نفسه , فمن كان بعد التوبة
مُقبلاً على الله , عالي الهمة قوي العزيمة
دلّ ذلك على صدق توبته وصحتها وقبولها .
ألا يزال الخوف من العودة إلى الذنب مُصاحباً له :
فإن العاقل لا يأمن مكر الله طُرفة عين , فخوفه مستمر
حتى يسمع قول الملائكة الموكلين بقبض روحه :
( أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ).
[ فصلت : 30 ] .
فعند ذلك يزول همه ويذهب قلقه .
أن يستعظم الجناية التي صدرت منه وإن كان قد تاب منها :
يقول ابن مسعود
:
( إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ,
وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرّ على أنفه , فقال له هكذا ) .
وقال بعض السلف :
( لا تنظر إلى صُغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت ) .
أن تحدث التوبة للعبد انكساراً في قلبه وذُلاً وتواضعاً بين يدي ربه :
وليس هناك شيء أحب إلى الله من أن يأتيه عبده منكسراً ذليلاً خاضعاً مخبتاً
منيباً , رطب القلب بذِكر الله , لا غرور , ولا عجب , ولا حُب للمدح ,
ولا مُعايرة ولا احتقار للآخرين بذنوبهم .
فمن لم يجد ذلك فليتهم توبته , وليرجع إلى تصحيحها .
أن يحذر من أمر جوارحه :
فيحذر من أمر لسانه فيحفظه من الكذب والغيبة والنميمة وفضول الكلام ,
ويشغله بذِكر الله تعالى وتلاوة كتابه .
ويحذر من أمر بطنه , فلا يأكل إلا حلالاً .
ويحذر من مر بصره , فلا ينظر إلى الحرام ,
ويحذر من أمر سمعه ,
فلا يستمع إلى غناء أو كذب أو غيبة ,
ويحذر من أمر يديه , فلا يمدهما في الحرام ,
ويحذر من أمر رجليه فلا يمشي بهما إلى مواطن المعصية ,
ويحذر من أمر قلبه , فيطهره من البغض والحسد والكُره ,
ويحذر من أمر طاعته , فيجعلها خالصة لوجه الله ,
ويبتعد عن الرياء والسمعة .