عرض مشاركة واحدة
قديم 28-04-22, 05:48 AM   المشاركة رقم: 20
المعلومات
الكاتب:
السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة


البيانات
التسجيل: Nov 2021
العضوية: 12043
المشاركات: 423 [+]
بمعدل : 0.46 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 3
نقاط التقييم: 10
السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
السليماني متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : السليماني المنتدى : البيــت العـــام
افتراضي

(18)



114)ولهذا قد تبين أن مقامات النقص تقع على ثلاثة أوجه :

1) تارة في عدم تحقق البيان حتى تدخل مسائل أو تسقط مسائل على وجه الخطأ والاجتهاد الواقع في غير محله إلى غير ذلك وعن هذا وقعت في كثير من المسائل عند كثير من طوائف النظار كالقائلين أن الله لم يرد أفعال العباد أو القائلين بمقام من الجبر أو ماسموه بغير ذلك كمقام الكسب مما لاحقيقة لفعل العبد عندهم ولامشيئة له عندهم أو مقامات أخرى من الغلط في مقام أهل السلوك والإرادات وهذا مقام هو الأشد ضرراً -خطأ -وإشكالاً .


2) أن يعبر عن المقامات الصحيحة بعبارات مجلمة مشتركة وهذا الاشتراك يصاحبه توهم أن هذه المسائل فيها انغلاق ولهذا استدعيت لها المصطلحات المحدثة لتحررها والواقع أنها أغلقتها
ولم تحررها كلفظ الفناء مثلاً أو كإغلاق اسم القدر في صلة العبد بالكسب وهذا إغلاق قاصر

لإن الله تعالى قال (لها مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) قال ( مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ )


فذكر كسب العبد وإرادة العبد وقال في محل آخر ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )

فذكر المقام مشيئة العبد وهلم جرا.

-فإذا أخذت من هذه المقامات اسماً واحداً وقصرت الاستعمال عليه صار خطأ ولابد .

وغاية أدنى أحواله أن يكون خطأً في الألفاظ .

-ومثل هذا في الألفاظ الشرعية -كلمات الكتاب والسنة - إذا أقيم على لفظ واحد وترك غيره استلزم هذا الغلط في اللفظ والمعنى كما هو الحال في نظرية الكسب .


وهؤلاء اخطأوا في ذلك ولهم مقامات صواب في ذلك .

أما الغلاة الذين أنكروا علم الله فليسوا من أهل القبلة أصلاً .

وهذه ليست من مقالات المسلمين ولاشبهة فيها لأحد من المسلمين حتى مبتدعهم .


وكذلك غيرهم من الغلاة الذين أنكروا العلوم من الدين بالضرورة وهذا من أصول الفطرة .

ولم يعرف ان أحداً انضبط عنه هذا القول مع أن أصحاب المقالات ينسبونها لبعض الأعيان وهذا علمه عند الله لإن إضافتها لأحد من الأعيان يترتب عليه أحكام بالغة .


أما نفي المشيئة فهي من مقالات المعتزلة والقدرية ودخلت على بعض رجال الحديث -قدرية الرواة -كما قال الإمام أحمد ( لوتركنا الرواية عن القدرية لتركناها عن أكثر أهل البصرة )


المراد بأكثر -أنها شاعت بينهم وهي أوجه من الاشتباه وهؤلاء ليسوا مطابقين لقدرية المعتزلة والنظار والمتكلمين وغيرهم بل يختلفون عنهم في الدلائل والمسائل ويشتركون معهم في بعض المسائل .


3) أن تكون المعاني صحيحة والعبارة صحيحة والنقص جاء من توهم كاتبه أو قائله بانه لم يحصل هذه المعاني إلا بوجه من الكُلفة أو التحرير أو التحقيق وهي أوجه من أصول الشريعة .

وهذا لاينافي تفاضل أهل العلم والإيمان في عبادة الله ومعرفته وتحقيقهم الإيمان بالقدر فلاتنافي بين المقامين .

فهم متفاضلون حتى الرسل ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)

ولهذا إيمان المسلمين متفاضل وبهذا عرف امتياز أبي بكر وعمر وعثمان علي رضي الله عنهم بما هو معروف ومستقر .

114)قدر الله بين فمامن معنى من البيان إلا وفيه قدر من الحقائق الشرعية بعد ذلك يعرف بها ويشير إليها العارفون والعالمون والعباد وهذا في كل أمور الشريعة في مقام القدر وغيره .

فمن تدبرفي هذا المقام فيما ذكر الله فذكر في معانيه من الحقائق المناسبة الصحيحة لمقام الشريعة ومراد الله بها فهذه الحقائق التي يشير إليها العلماء والعارفين او بعض الأئمة المهتدين والبصراء في هذه المسائل فهذه الدقائق إذا امتازوا بذكرها أو تحقيقها وهذا امتياز صحيح وهذا من فضل أهل العلم على غيرهم .


فإن قيل ألا يتنافي هذا مع ماقيل من قبل ؟

قيل هذا إنما هو في كمالها وتحقيقها وأوجه تأتي العبد في استجابته لله وطرق تحقيق معرفة الله وإزالة أثر شبهات الشيطان وتحقيق أثر العلم والإيمان فهذا يتفاضل العلماء في رسمه وفي بيانه وفيه تحقيق واستنباط .

ولكن الغلط أن يصار إلى أصول القدر المحكمة ومسائله الواجبة الظاهرة فتعرف بوجه من العناء ومن الاستنباط وفرق بين المقامين .

وهذه تجدها في كلام المحققين من أهل السنة كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره ولكن لايسمي ذلك ذلك في الأصول البينة .

لإن الأصول البينة إبقاؤها على بيانها هو تحقيق الإيمان .

-ولهذا يعرف في علوم النظر أن العلم الضروري لايصح تحويله إلى علم نظري يستدل عليه بالطرق النظرية التي هي في الجملة من الظني وليست من القطعي .

العلم الضروري يناسبه الأدلة الضرورية المفيدة بصدقه ووجوبه .

ولهذا مثلا كان استعمال المتكلمين لدليل التمانع في إثبات ربوبية الله جل وعلا ووحدانيته وفردانيته في ربوبيته وإن كان الدليل صحيح من حيث هو لكنه ليس الدليل الأكمل وليس هو على رتبة دليل القرآن الذي قال الله فيه

( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ )

فهذا البيان في القرآن لايجازي المتكلمون نظمه ولايصلون إلى رسمه ولا إلى تمام معانيه لإن هذا من عند الله جل وعلا وصناعتهم قاصرة لإنهم بشر فضلاً عما مالوا به عن آثار الاتباع عن هدي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .


وبهذا يعرف هذا المقام من مقامات القدر وماهي المسائل التي تحقق فيه والمسائل البينة التي تبقى على بيانها وهذا من سنن النبي وهديه عليه الصلاة والسلام أبقى البينات على مابينها الله عزوجل رحمة بالعباد وتيسيرا لهم وصدقا في قلوبهم

ولهذا صار الصحابة عباداً وصالحين بل هم أئمة العبادة والعلم والصلاح مع أنهم لم يستعلموا في طريقة الربوبية الطرق الكلامية التي سموها بدليل التمانع أو بغيرها عند علماء النظر .

وهي ليست بالضرورة تكون فاسدة لكنها قاصرة .

وبعضها قد لايكون فسادها في ذاتها بل بما توهم من استلزامها

وبعضها قد يكون يدخله الفساد من وجه في ذاته .


ولكن جملة الأدلة المستعملة عندهم في أصول الربوبية دون هذا الوجه بل هي صحيحة في جملتها لكنها قاصرة عن رتبة دليل الشريعة ووصفه .

وبهذا نعرف شرف هذه المسألة -أعني مسالة القدر - وأنها من أصول العلم البين المحكم في كلام الله ورسوله .

ولهذا لم يشتبه فيها شي حتى عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم (ما مِنكُم مِن أحَدٍ إلَّا وقدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ ومَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ) سأل من سئل (قالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أفَلَا نَتَّكِلُ علَى كِتَابِنَا ونَدَعُ العَمَلَ)

وهذا السؤال إذا نظرت إليه لاينازع البيان الذي ذكر لإن هذا سائل واحد أو حتى لوكانوا عدداً فإن أئمة الصحابة الكبار كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأمثال هؤلاء كمعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وكبار الصحابة من الفقهاء لم يسألوا هذا السؤال

وإنما عرض لبعض الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا السؤال .

ومع ذلك كان جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس جواباً يدل على أنه من المغلق ولكنه جواب يدل على أن السائل لو تأمل الأمر شيئاً ماوقع له هذا الإشكال حيث كان جوابه عليه الصلاة والسلام

(اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له )


وهذا الجواب هل أنشأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم جواباً لم يكن معلوماً من قبل في الكتاب والسنة ؟؟

أم هو جواب مذكور من قبل ؟؟

هو جواب مذكور من قبل .

وهذا يدلك على أن هذا العلم علم بين .


-وهكذا جميع مسائل أصول الدين من أعظم أسباب الخطأ التي وقعت فيه الطوائف وضلت فيهم في مقالات موهومة توهم كثير من الناظرين أن هذه مسائل مغلقة والحق أنها مسائل بينة كمسائل الصفات والإيمان والربوبية والتوحيد -هذه كلها مسائل بينة -ظاهرة في كتاب الله .

ولهذا أسلم العرب والعجم وصلح إسلام الناس وهم لم يتعلموا هذه الطرق .

إلا بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم وحتى بعد ذلك العصر تعلمها من تعلمها

وجمهور المسلمين من العلماء وغير العلماء لم يعرفوها

بل صاروا يختصون عن العلماء باسم- بعلماء الكلام-

-وإن كان دخل في هذا العلم من هو من أهل العلم والفقه والعبادة والتقوى والصلاح والفضل في الدين وممن له مقام صدق عند السابقين واللاحقين من بعض فضلاء الفقهاء وعلماء الأصول وعلماء التفسير والنساك والعباد الذين تداخل عندهم هذا مع هذا أو انفكوا بأحد هذين الطريقين .

الشاهد :أن هذا من العلم الذي ينبغي بيانه وحفظه ولهذا جاءت كلمة الشيخ عبد القادررحمه الله التي ذكرها المصنف عنه ومدح شيخ الإسلام جواب الشيخ عبد القادر والمدح وقع على حقيقة المعنى الي وصل إليه الشيخ عبد القادر رحمه الله وهو من النساك والعباد ومن فضلاء الصالحين والعارفين وإن كان الشيخ كغيره من الصوفية نسب إليه أمور هم براء منها .

كما نسب للجنيد بن محمد أمور هو برئ منها فكذلك الشيخ عبد القادر

وهذا لايلزم منه التصحيح لكل مادة طريقته وشأنه

-كل أحد يوزن علمه واجتهاده وبصره ومكاشفته- بحسب الاصطلاحات التي يعبرعنها -توزن بالكتاب والسنة .

وليس ثمة إلا هذا الميزان إلى قيام الساعة -هذا هو الميزان العدل - الذي قال الله فيه ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ )

(ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) خير في الأخلاق والعدل وهو أحسن تأويلاً في العلم -حتى لاتختلط الحقائق العلمية .

هو خير: أخلاقاً وعدلاً .

وأحسن تأويلاً :علماً وإرادة وأتباعاً

-وكلمة الشيخ بعد القادر ( وإلى هذا أشار الشيخ عبد القادر رحمه الله فيما ذكر عنه، فبين أن كثيراً من الرجال إذا وصلوا إلى القضاء والقدر أمسكوا، إلا أنا فإني انفتحت لي فيه روزنة، فنازعت أقدار الحق بالحق للحق )
هذه كلمة ذكرها النقلة عنه وإلا ليس له كتاب سماها .

أمسكوا : هذا المعنى الذي صار عند الشيخ عبدالقادر هذا الإمساك

إما أن يكون الإمساك فيما يشرع فيه الإمساك أو الإمساك لعدم تحقق العلم فهذا ليس من الأمور المطردة .

وأماقوله ( انفتحت لي فيه روزنة) روزنة -نافذة- وهذا المعنى من حيث الرسم ليس حميداً لإن القدر مشرعة بينة .
فيما شرع من الإيمان فيه كما تقول الإيمان باليوم الآخر

وأما علمه وتفاصيله وتأويله فهذا لايعلمه إلا الله .

( هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ ) الحقائق الغيبية بينة في اختصاص الله بعلم بالغيب فهذا الغيب مغلق عن البشر .

المصنف استحسن كلمة الشيخ عبدالقادر وهو كذلك كما قال شيخ الإسلام رحمه الله .

لإن الشيخ عبدالقادر وهو من الصوفية حقق هذا المعنى الذي اشتبه على كثير من الصوفية بقوله ( فنازعت أقدار الحق بالحق للحق )

مامعنى هذا ؟

يعني أن مايقع من المصائب يردها بالحق -أي بالقدر فيحتج بالقدر على المصائب -وليس على المعاصي

بالحق : بالقدر نفسه .

للحق : أي احتساباً وصبراً وعبادة لله سبحانه وتعالى .

هذا معنى من المعاني التي تشملها كلمة الشيخ رحمه الله .

وهي بهذا التوجيه عبارة صحيحة .

ولهذا استحسنها شيخ الاسلام في كثير من كتبه .

لكن إذا قيل لك هل هذه العبارة بهذا النظم هي من العبارات البينة لجميع المسلمين

أو الجملة المحكمة البينة هي الجمل المأخوذة من أحرف الكتاب والسنة أو فوق ذلك من تلاوة الآية على عموم المسلمين وحديث الرسول عليه الصلاة والسلام ؟

قيل لاشك أن الثالث هو البيان الحق .

الذي قال الله فيه ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )

لكن هذه العبارة من الشيخ صحيحة في دلالاتها على هذا المعنى .ا.هــ كلام الشيخ

نهاية الشريط الرابع .










عرض البوم صور السليماني   رد مع اقتباس