" لو كان الدين المعاملة كما زعمه الكاتب و كما يزعمه كثير من جهلة الكتاب في زماننا , لكان أهل الأرض كلهم على الاسلام , لان المعاملة جارية بينهم في كثير من الأمور الدنيوية كالبيع و الشراء و و الاجارة و المضاربة و المصارفة و الايداع والتوكيل وغير ذلك من المعاملات الجارية بينهم، ومنها المعاملات الربوبية في البنوك وغيرها، وكذلك المعاقدات بين الشركات من المسلمين، وغير المسلمين وكذلك المعاهدات بين الملوك، والرؤساء من المسلمين، وغير المسلمين، ومع وجود المعاملة بين سائر الأمم، فإن أكثرهم ليسوا على دين الإسلام، وبهذا يعلم فساد القول بأن الدين المعاملة....
ثم قال - رحمه الله- :
" فإن قال الكاتب: إنه يقصد بالمعاملة مخالقة الناس بالخلق الحسن.
فالجواب أن يقال :
إن مخالقة الناس بالخلق الحسن أمر حسن جدًا، وقد أمر النبي - - بذلك حيث قال لأبي ذر : «اتق الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» رواه الإمام أحمد والترمذي والدارمي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، ورواه الإمام أحمد والترمذي أيضًا من حديث معاذ بن جبل .
وليعلم أن مخالقة الناس بالخلق الحسن، وإن كانت من الخصال الحسنة التي يأمر بها الدين فليست هي الدين، ولا يكون المتصف بها مسلمًا حتى يلتزم بأركان الإسلام الخمسة. وما أكثر الذين يخالقون الناس بالأخلاق الحسنة، وهم مع ذلك ليسوا بمسلمين، وكثير من دول النصارى يجد المسلمون عندهم من المخالقة الحسنة ما لا يجدونه عند بعض الدول التي تنتسب إلى الإسلام. وهم مع ذلك ليسوا بمسلمين، وبهذا يعلم فساد قول من قال إن الدين المعاملة ".