الحمد لله رب العالمين، جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أماناً من العذاب،
وأشهدٌ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ)،
وأشهدٌ أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى جميع الآل والأصحاب، وسلم تسليماً كثيرا أما بعد:
واعلموا أن الأمر بالمعروف النهي عن المنكر هما قوام هذا الدين،
وهو الذي جعل الله به هذه الأمة خير امة أخرجت للناس،
فقال الله سبحانه وتعالى:(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)، وقال سبحانه:(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ)
فضمنا الفلاح للذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر،
وأما الذين لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر فلهم الخسارة ولهم الدمار
قال سبحانه وتعالى:(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ* كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)،
تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية قال لأصحابه: كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم ولتقطرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم ،
ولما عطلوا بني إسرائيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يطيعوا الواعظين والناصحين أخذهم الله بالعقوبة وجعلهم قردة وخنازير قال سبحانه وتعالى
:(فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ* وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)،
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو سر بقاء هذه الأمة قال سبحانه وتعالى:(وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ)،
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مادام موجوداً في هذه الأمة فإن الله يحفظها به وينصرها، وإذا تخلت عنه أو تخلى بعضها فإن الله يعاجلهم بالعقوبة كما عاجل من كان قلبهم،
والمعروف المراد به كل ما أمر الله به أو أمر به رسوله سميا معروفاً لأنه تعرفه العقول السليمة والفطر المستقيمة،
والمنكر كل ما نهى الله عنه ورسوله سميا منكراً لأنه تنكره العقول السليمة والفطر المستقيمة،
فلا صلاح لهذا المجتمع ولا لهذه البلاد لا صلاح لهم ولا بقاء لهم إلا ببقاء الأمر بالمعروف النهي عن المنكر فيهم،
فإذا ضيعوهما فإن الله جلَّ وعلا يؤاخذهم بالعقوبة كما أخذ الذين من قلبهم،
ولهذا اهتمت هذه الدولة المباركة في هذه البلاد اهتمت بهذا الجانب وجعلت له هيئةً مستقلة رسمية تقوم به في كل بلد من بلدانا هذه المملكة جعلوا هيئةً عامة وتحتها فروع في كل جهة يقومون بهذا الواجب العظيم،
كانت هذه الدولة منذ نشأتها على يد الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود غفر الله له ورحمه كانت تهتم بهذا الأمر وتوليه عناية تامة وتقف إلى جانب الأمرين بالمعروف الناهين عن المنكر تؤيدهم وتحميهم وتحثهم عليه فأمدها الله بالنصر وأمدها بالتأيد كما قال تعالى:
(وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ)
فهذا جانب عظيم ينبغي العناية به والتعاون عليه وتشجيع من قام به والدعاء لهم وتأيدهم والوقوف إلى جانبهم وتعزيزهم حتى ينشطوا ويشعروا أنهم يؤيدون وأنهم يحمون من قبل ولاة أمورهم،
لكن لاشك أن هناك من لا يرضى بجانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لاشك أن هناك منافقين،
لاشك أن هناك أصحاب شهوات محرمة لا يردون أن يرو من ينكر عليهم ويأخذ على أيديهم،
فلذلك تقرؤون في الصحف اليومية من يناول هذه الهيئة وأعضاءها باللوم والتنقص ولتماس العثرات لهم ليقلوا من شأنهم ولبغضوهم إلى الناس حتى كأنهم إرهابيون يخفون الناس،
ما كأنهم نصحا يعالجون أمراض المجتمع، ويأخذون على أيدي السفهاء،
والنبي صلى الله عليه وسلم ضرب لهؤلاء مثلاً ضرب للأمرين بالمعروف والناهين عن المنكر
ومن يعارضونهم ومن يقفون في طريقهم ضرب لهم مثلاً بقوم استلهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وأصاب بعضهم أسفلها فكان أهل الرأي وأهل العلم والمشورة في أعلاها،
وكان من دونهم في أسفلها من عامة الرعية، وكان الذين في أسفلها يستقون الماء من فوق من الدور العلوي محافظةً على السفينة أن تغرق فكانوا يصعدون كلما أرادوا الماء ويأخذونه من الدور الذي فوقهم،
فقالوا:لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً نأخذ منه الماء ولا نؤذي من فوقنا، انظروا يردون أن يخرقوا السفينة في لجة البحر ومعلوم أنها إذا خرقة غرقت هي ومن فيها فلابد أن الذين في الدور الأعلى يأخذون على أيديهم ويمنعونهم من هذا السفه وإلا هلكوا جميعاً،
قال صلى الله عليه وسلم: فإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً، وإن تركوهم هلكوا جميعاً ، فلو أن هؤلاء الصحفيين أطيعوا في سفاهتهم،وأطيعوا فيما يقولون وعطل جانب الأمر بالمعروف النهي عن المنكر لغرقت الأمة كلها جميعاً ولهلكت البلاد كلها جميعاً الأخيار والأشرار، لأن العقوبة إذا نزلت تعم الصالح والطالح قال تعالى:(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)
، ونظروا في هذه الحديث: فلو أنهم أخذوا على أيديهم يعني أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر نجوا جميعاً، ولو أنهم تركوهم، تركوهم يخرقون السفينة وهو مثل لمن يريدوا أن يترك جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويثبط عنه ويطالب بإلغائه لهلكوا جميعاً أخيارهم وأشرارهم.
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
https://www.alfawzan.af.org.sa/ar/node/2306