بيت موسوعة طالب العلم كـل مايخص طالب العلم ومنها الفتــاوى |
![]() |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
![]() محمد عيد العباسي الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، أما بعد. فإن الذي يدعوني إلى كتابة هذا البحث هو أن مسألة الإقرار بفضل السلف ووجوب اتباع هديهم ومنهجهم وفهمهم للكتاب والّسُنْة هو الفارق الأكبر والفيصل الأظهر بين أهل السنة وبين أصحاب البدع والأهواء، فلذلك لزم كل داعية سلفي أن يفهم هذا الموضوع فهماً صحيحاً مدعوماً بالأدلة حتى ينجو من الضلال والانحراف، ويتمكن من هداية غيره إلى الصراط القويم. ومن الله أرجو العون والتوفيق. من هم السلف: السلف من كل أمة هم القوم المتقدمون السابقون، ويقابلهم الخلف الذين يجيئون بعدهم ويخلفونهم، وفي الحديث أن النبي - ![]() وقد ورد تحديد السلف بأنهم أهل القرون الثلاثة الأولى عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وذلك في قوله: ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يأتي من بعد ذلك ناس يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن))[2]. - والقرن في لغة العرب تطلق على أهل كل زمان، وقيل: أربعون سنة، وقيل ثمانون، وقيل مئة، وقيل هو مطلق من الزمان، كذا قال ابن الأثير في "النهاية". والراجح أن المراد به هنا مئة سنة، فقد استعمله النبي - ![]() ![]() ![]() وعن ابن عمر - ![]() ![]() ![]() ![]() وبناء على ما سبق، فيمكننا أن نحدد المقصود بأهل القرون الثلاثة الفاضلة، أنهم الذين عاشوا بين عامي البعثة النبوية، وتمام عام ثلاث مئة للهجرة، وتشمل هذه المدة نحو خمسة أجيال من المسلمين، وهي مجموع الطبقات الاثنتي عشرة التي وضعها الحافظ ابن حجر في كتابه "التقريب" لمن ترجم لهم من أصحاب الكتب الستة، وتضم طبقات الصحابة، والتابعين، وأتابع التابعين، وتبع الأتباع، وتبع تبع الأتباع، وهؤلاء هم الذين يشملهم اسم السلف. وإنما أثنى عليها رسول الله - ![]() نعم كان في عهد السلف سيئون وأشرار ومبتدعون، ولكنهم كانوا قليلين، والغالب على الناس الصلاح والاستقامة بخلاف قرون الخلف التالية، وعلى كل حال فنحن إنما ندعوا إلى اتباع السلف الصالح وليس أي واحد من السلف، وهؤلاء هم الذين عناهم النبي - ![]() ![]() ((عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة)) [5] وقوله: ((يد الله مع الجماعة)) [6]. سبب تفضيل السلف ومنهجهم: وبعد تقرير ما سبق أعود إلى صلب الموضوع وهو بيان الأسباب التي تدعونا إلى اتباع السلف والدعوة إلى ذلك وأقول: - إن الذي يدعونا إلى ذلك بكل إصرار وحزم ويقين أمور كثيرة أهمها: أولاً:- أن هذه القرون قد حظيت بثناء الله - تبارك وتعالى - وتزكية رسوله - ![]() فأما القرآن الكريم، فقد قال الله - تعالى - فيه: أ- {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100]. ب- وقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ... } [الفتح: 29]. ج- وقال سبحانه: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤوفٌ رَحِيمٌ} الحشر 8 – 10. وأما الأحاديث النبوية فأكتفي بثلاثة منها: أ- الحديث الذي سبق قريباً، وهو قوله - ![]() ب- عن أبي سعيد الخدري - ![]() ![]() ج- وعن أبي موسى الأشعري - ![]() ![]() - وهذه التزكية ثمينة جداً لمن يقدر الأمور حق قدرها، فحسبها أن تكون من الخالق العظيم والمدبر الحكيم العليم الخبير – سبحانه - ومن رسوله الخاتم وخير أنبيائه عليهم جميعاً أفضل الصلاة والتسليم، فلا جرم أن اتفق أهل السنة والجماعة على أن السلف خير أجيال البشرية جميعها على الإطلاق حاشا الأنبياء - عليهم السلام. - ولم يكن هذا محاباة من الله - تعالى - ورسوله للسلف، كلا ثم كلا بل كان ذلك لما علم الله عنهم من الأهلية والاستحقاق، فكما أن الله - تعالى - قد اختار أنبياءه من صفوة بني آدم كما قال: {الله أعلم حيث يجعل رسالته} [الأنعام: 124]، فكذلك حين اختار أصحاب أنبيائه فقد اختارهم من خير الناس، وخاصة أصحاب آخرهم وخاتمهم محمد - ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() - ثم إن الواقع التاريخي ليشهد يصدق هذا الثناء وهذه التزكية، فلم يعرف التاريخ مثل أصحاب النبي - ![]() ثانياً:- أن الله - تعالى - أمرنا باتباعهم والاهتداء بهديهم، وتوعد من يخالف سبيلهم بالعذاب الأليم: فليس اتباعهم والدعوة إلى الاقتداء بهم نزعة خاصة أو رأياً اجتهادياً قاله بعض الناس تعصباً لهم، بل هو أمر إلهي صريح، ونص نبوي صحيح، نطق به الكتاب العزيز، وثبت في حديث النبي - ![]() - وقال جل شأنه: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 136، 137]، وهل كان هذا الخطاب يوم نزول هذه الآية إلا لهم؟ - وقال رسول الله - ![]() - وقال الرؤوف الرحيم - ![]() - ويتضح بصورة قاطعة لا مرية فيها أن الله - تعالى - يأمرنا في هذه النصوص الصحيحة الصريحة باتباع سبيل السلف ومنهجهم وهديهم وفهمهم للدين وتطبيقهم له، بل ويهدد من يخرج عن سبيلهم بأشد عذاب، وأشقى مصير. - فتأمل معي الآية الأولى، وانظر كيف قرن الخروج عن سبيل المؤمنين بمشاقة الرسول - ![]() ![]() ![]() - وهذا نفسه تجده في الآية الثانية إذ أمر الله - تعالى - المؤمنين أن يؤمنوا بالله وبما أنزل على أنبيائه جميعاً إيماناً مجملاً، وبما أنزل على عبده محمد - ![]() ![]() - ثم انتقل معي - أخي القارئ - إلى الحديثين الشريفين السابقين فماذا ترى؟ لقد وعظ النبي - ![]() لقد أخبرهم أن الأمة بعده ستختلف اختلافاً كثيراً، وستتمزق شيعاً وأحزاباً، وستضل ضلالاً بعيداً، فدلهم على طريق النجاة، وهداهم إلى سبيل الخلاص، فما كان ذاك الطريق؟ إنه كان في أمرين لا ثالث لهما: أولهما التمسك بسنته - ![]() ![]() - وهنا يرد سؤال مهم: ترى لماذا لم يكتف النبي - ![]() - إن الجواب على هذا السؤال جدير بالتوقف عنده، وتأمله والتفكير فيه لكل من أراد السلامة والنجاة لنفسه وأحبته في الدنيا والآخرة. - لقد علم النبي - ![]() فكان من تدبير الله عز وجل المحكم لإبطال مكرهم هذا أن أوحى إلى نبيه - ![]() ثالثاً:- لأن الأدلة من النقل والعقل والواقع التاريخي، والسنة الكونية للأمور تثبت أن منهج السلف الصالح هو المنهج الصحيح، وأن فهمهم للكتاب والسنة هو الفهم السديد: وأن إدراكهم لروح الإسلام ومقاصده وتوجيهاته هو الإدراك الرشيد، وليست هذه دعوى مبنية على العاطفة والحماسة، بل هي حقيقة ناطقة تقررها براهين ساطعات، وبينات راسخات رسوخ الجبال الشاهقات الراسيات، فمن ذلك: 1- أن سادة السلف وهم أصحاب النبي - ![]() 2- أنهم تلقوا القرآن غضاً طرياً، وهو ينزل على قلب محمد - ![]() 3- أنهم سمعوا من النبي - ![]() ![]() 4- أن السلف الصالح تلقوا الإسلام وتعاليمه صافية نقية، لم يخلطوها بثقافات وافدة من أديان وثنية أو كتابية محرفة، أو فلسفات وضعية، أو علوم كلامية، بل كانوا على الفطرة السليمة، فعقولهم نظيفة، خالية من الشوائب والخلافات، صحيح أنهم كانوا قبل الإسلام على عقائد المشركين، لكن الشرك الذي كان في الجزيرة كان شركاً يسيراً سطحياً ساذجاً، لم يستند إلى نظريات معقدة، أو فلسفات مدروسة، فلم تكن له كتب ولا ثقافات، ولا مدارس فكرية وتعقيدات، بل كان مجرد ظنون وأوهام، ما إن بزغت عليها شمس الإسلام حتى أذابتها وأزالتها، ولئن عاند أهلها ودافعوا عنها مدة إلا أنه كان عناد المقلدين المتشبثين بما كان عليه الآباء والأجداد فحسب. بينما كان الخلف في عامتهم قد أفسد فطرتهم وأضل عقولهم ما درسوه من علم المنطق والفلسفة والكلام، فاختلطت هذه الثقافات، والأفكار، بتعاليم الإسلام وثقافته، وحاولوا الجمع بين الثقافتين، ولكن كان هذا على حساب نقاء تعاليم الإسلام وتوجيهاته، فقدت نفوسهم رواءه، وشوه صنيعهم جماله، وأما السلف فكانوا بمنأى عن كل ذلك، ولهذا تميز فهمهم للدين بالأصالة والصفاء والسلامة من التبديل والتحريف. 5- أنهم عرفوا حقيقة الجاهلية التي جاء الإسلام للقضاء عليها، لأن بعضهم عاشها بنفسه، والآخرون كانوا حديثي عهد بها، نقلها إليهم أهلوهم وأقاربهم، فلما جاء الإسلام ميزوا بينه وبين الجاهلية، وأدركوا البون الشاسع بينهما، بينما فقد المتأخرون من أجيال الخلف معنى الجاهلية الحقيقي، فاختلط عليهم الأمر، فسوغوا أموراً في الإسلام هي من الجاهلية، والإسلام منها براء، وخذ مثلاً على ذلك، أمراً مشاهداً وملموساً في كثير من بلاد الإسلام وهو تعظيم الأولياء والصالحين، وقصد قبورهم وبناء أضرحتهم، والطواف حولها، والتبرك بها، والتوسل إلى الله بها، بل والنذر لها والذبح لها والاستغاثة بها، ذلك كله يظنه كثير من المسلمين في العالم الإسلامي اليوم مع الأسف جائزاً ومشروعاً، بل يعتقدون أنه من القربات التي يحبها الله ويرضاها، ويقرب من يتعاطاها، مع أن نصوص القرآن والسنة مستفيضة في إنكار ذلك ونقضه، لكنهم يظنون أن الإنكار كان منصبا على عبادة الأصنام فقط، وأما إذا توجه التقديس والعبادة لغير الأصنام كالأنبياء أو الأولياء فليس في ذلك بأس، وليس محل إنكار، ولو أمعنت النظر في سبب ذلك لوجدته في عدم معرفة حقيقة الجاهلية التي حاربها الإسلام. - كثير من مسلمي اليوم يظنون أن التوحيد الذي هو لب الإسلام وأسه هو الإيمان بوجود الله الخالق البارئ الرازق المحيي المميت الضار النافع المدبر للأمور جميعاً - وهو ما يسمى بتوحيد الربوبية - ليس غير، مع أن هذا النوع من التوحيد وإن كان لازماً وحقاً إلا أنه لا يدخل صاحبه في الإسلام، ولا ينجي صاحبه من عذاب النار، ولا يدخله الجنان، وقد كان يقر بهذا النوع أئمة الكفر ورؤوس الشرك مثل أبي جهل وأبي لهب وعقبة بن أبي معيط والعاص بن وائل، والأخنس بن شريق والوليد بن المغيرة، والقرآن الكريم يقص ذلك علينا بأوضح بيان كقوله سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ * اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [العنكبوت: 61- 63]. وقال جل شأنه: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [يونس: 31]. نعم كان الجاهليون يقرون بأن الله هو الخالق الرازق المدبر للأمور كلها، ومع ذلك يتوجهون بالتعظيم والتقديس والعبادة معه إلى الأوثان والأصنام، لا لأنهم يعتقدون أنها تنفع وتضر أو أن بيدها الأمر، كلا بل يعتقدون أنها واسطة تقربهم إلى الله - تعالى - وتشفع لهم عنده. وقد ذكر ذلك القرآن الكريم أيضاً فقال سبحانه فيه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3]، وقال جل شأنه: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18]. وهذا نفسه ما يغفله كثير من مسلمي اليوم، وهم يظنون العبادة محصورة في الصلاة والصوم والزكاة والحج، ولا يفهمون أن النذر عبادة والذبح عبادة، والحلف عبادة، والتوكل عبادة، والرغبة والرهبة والحب والطاعة والانقياد والتذلل والتقديس، وأهم من ذلك كله الدعاء والاستغاثة أنها كلها من صميم العبادة، مع أن النصوص في ذلك متضافرة وكثيرة جداً وأنها يشملها ما اصطلح عليه العلماء بتوحيد الألوهية، بالإضافة إلى توحيد الأسماء والصفات، بل إن بعض المتعالمين من كتاب زماننا يدعي أن أنواع التوحيد هذه هي بدع وهابية، وليست من الإسلام في شيء، فتأمل، وابك معي على غربة الإسلام الذي وصل المسلمون فيه إلى أن جعلوا الشرك إسلاماً والإسلام شركاً، فانطبق عليهم قوله – سبحانه -: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} [يوسف: 106]، فإنا لله وإنا إليه راجعون. - أما السلف فقد كانت عقيدة التوحيد بأنواعها من ربوبية وألوهية وتشريع وأسماء وصفات واضحة لا لبس فيها ولا غموض. وما ذلك إلا لأنهم عرفوا الجاهلية فاجتنبوها، وجهل الخلف الجاهلية فوقعوا فيها، ولذلك كان فاروق هذه الأمة الخليفة الراشد الثاني عمر - ![]() 6- أن طبيعة الأشياء، وسنة الله في الدعوات في الحياة، لتؤكد أن أي دعوة أو فكرة تظهر في الحياة، سواء كانت إلهية أو وضعية بشرية، فإنها تكون على حقيقتها وأصلها عند ظهورها وأول نشوئها في عهد الداعي الأول إليها، وأنها ما إن يمر عليها حين من الدهر إلا وتبدأ يد التغيير والتبديل تعمل فيها، وكلما أوغلت في الزمن ازداد هذا التغيير والتبديل، تماماً كنبع الماء إذا نظرت إليه أول تفجره من الأرض فستراه رقراقاً صافياً، نظيفاً رائقاً، ولكنك إذا انتقلت إليه بعد عدة أميال فسيهولك ما تراه عليه من الكدر والنتن، والأوساخ والأوشاب. - وهذا الذي جرى على دعوات الأنبياء تماماً، فنحن نعلم علم اليقين أن إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - ما دعوا إلا إلى التوحيد، ثم ها هي دعوتهما بعد حين تنقلب على يد أتباعهما من العرب وغيرهم إلى شرك أكبر وعبادة أصنام، وهذا موسى وهارون وعيسى وأنبياء بني إسرائيل كلهم ما دعوا إلا إلى التوحيد، ثم هاهي دعواتهم تنقلب بعد مدة على أيدي أتباعهم إلى شرك ودعوى أن لله ولداً، وأن الإله ثالث ثلاثة، وأنه ينام ويندم ويعرض له ما يعرض للبشر. فما سبب ذلك؟ إنه لا شك تدخل البشر في دين الله، وإضافتهم إليه ما يرونه من آراء، وحذف ما لا يروقهم من أحكام، وتعديل ما يرونه من شرائع، وهكذا. - وقد وقع هذا نفسه لديننا الإسلامي الحنيف الذي جاء به محمد بن عبد الله - صلوات الله وسلامه عليه - وقد أخبر - ![]() - وروى الصحابي الجليل وأمين سر رسول الله - ![]() ![]() ![]() - فقد أخبر النبي - ![]() ![]() ![]() - أما السلف الأول فيكون الدين لديهم حديث عهد بالنزول، يكون صافياً نقياً، تحرسه يد النبوة، وتحفظه سلامة الفطرة وصحة المنهج، ويستمر زمن الخلافة الراشدة على ذلك، ثم يبدأ التغيير فيه، ولكن الغلبة تكون في عهد السلف للفهم الأصيل، وكلما قرب هذا العهد من نهايته كلما قوي تيار البدعة والأهواء، حتى إذا بدأ عهد الخلف كانت الغلبة لتيار البدعة والأهواء، ويبقى الصراع بين المذهبين حتى يأذن الله - سبحانه - بعودة الخلافة الراشدة من جديد، فتعود الحياة ثانية لمنهج السلف الرشيد، ويتقهقر تيار البدعة والأهواء إلى بعيد بعيد {وكذلك يضرب الله الحق والباطل} ليمتحن الله العباد، ويمحص الحق، ويبطل الفساد، ولله في خلقه شؤون، لا يعلمها إلا من يقول للشيء كن فيكون. 7- وأما الواقع التاريخي فواضح جلي للعيان، فمن يجهل ما كان عليه سلفنا الصالح - ![]() نعم لا أقول: إنهم معصومون، بل هم بشر يخطئون ويصيبون، ولكنهم أفضل البشر وخير البشر أجمعين. رابعاً:- وأخيراً فإننا ندعو إلى اتباع هدي السلف الصالح، ومنهجهم وطريقتهم وفهمهم للدين لأن ذلك هو الطريق الوحيد لتحقيق الوحدة الإسلامية عملياً، والحفاظ عليها، هذه الوحدة التي هي من أعز أهداف المخلصين، والتي ينشدها المصلحون، والتي هي من أهم أسباب النصر والتمكين، والتي يتوق إليها جمهور المسلمين، ويرفع شعارها الزعماء والقادة، يخطبون بها ود الناخبين، ويستميلون تأييدهم في المناسبات، ويستثيرون حماستهم ومحبتهم في الانتخابات. إن كل المسلمين المعدودين من أهل القبلة يدعون الإيمان بالكتاب والسنة والالتزام بهما والاهتداء بهديهما ومع ذلك تجد بينهم الخلاف والشقاق على أشدهما فلماذا؟ - إن ثمة أسباباً كثيرة، ولكن أهمها وأكبرها الاختلاف في فهم الكتاب والسنة، فكل فرقة تتبنى فهماً للكتاب والسنة مغايراً لفهم الفرق الأخرى، وكل منها يدعي الفهم الصحيح، ولا يتنازل عنه. فما هو المخرج وما هو الحل؟ - إن لكل منها أعلامه وآراءه، ومذهبه وأحكامه، فإذا جعلنا فهم أحدها هو الأصل المتبع، فسيرفض ذلك الآخرون، ويحتجون عليه، ويقولون: لماذا كان ذلك الفهم هو المتبع، وليس فهمنا؟ إن هذا تمييز بلا مبرر، ولن يقبل أبداً. وأما إذا قلنا للجميع: ليدع كل منا فهمه ورأيه وطريقته، ولنرجع جميعا إلى فهم من نقر جميعا بفضلهم، ونثق بعلمهم واستقامتهم ودينهم، وذلكم هو فهم خير الأمة وأفضلها، وأنقاها وأعلمها، وهم أصحاب النبي - ![]() ![]() وبهذا يتحقق الحلم الكبير لأمة الإسلام، هذا الحلم الذي سيكون مفتاحًا للفتح المبين، والنصر العظيم على الحاقدين والشانئين، وهو سبيل العزة والتمكين للإسلام والمسلمين في العالمين بعون الله وتأييده، {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم}. - فيا أبناء الإسلام، ويا من هو حريص على ما فيه خير الإسلام والمسلمين وعزتهم، ويا من يغار على مصالحهم وسعادتهم، هذا هو الطريق، فلنجتمع عليه، ولنسع إليه، بكل قوة وصدق وإخلاص، فكفانا خلافاً ونزاعاً، وعداوة وشقاقاً، ولنضع أيدينا بعضها في بعض، ولنجتمع على كلمة سواء، ولندع كل أسباب الفرقة، ولنأخذ بأسباب الوحدة، فإننا إذا فعلنا ذلك فلنستبشر بنصر الله وتأييده، وعونه وتسديده. فعسى أن يلقى هذا آذاناً مصغية من المخلصين، وسعياً وجداً من الصادقين، وما توفيقنا إلا بالله، والحمد لله رب العالمين. ـــــــــــــــــــــ [1] رواه الترمذي (3/369/ الجنائز 59) 1053 عن ابن عباس، وقال: "حديث حسن غريب" وضعفه الألباني.
[2] رواه البخاري (3/ 151 الشهادات 9، و4/189/ فضائل الصحابة 10، و7/173/ الرقاق 7، و7/233/ الإيمان 27) عن عمران بن حصين، وكذلك (7/ 174/ الرقاق 7، و7/224/ الإيمان والنذور 10) عن عبدالله بن مسعود، ورواه أحمد (1/ 378و 417 ...) ورواه مسلم (ص1962 - 1965 فضائل الصحابة 52) عن ابن مسعود وعمران بن حصين وأبي هريرة. [3] رواه أحمد (4/ 189) و(29/235/689/3) طبعة مؤسسة الرسالة، وحسنه الشيخ شعيب. والبخاري في (التاريخ الصغير). [4] رواه أحمد (2/ 88و 121) والبخاري (4/ 1/ 149/ مواقيت 40) وأبو داود (ملاحم 108/ 4348) ومسلم والترمذي (فتن 64/ 2252). [5] رواه الترمذي (الفتن 7/ رقم 2165) عن ابن عمر من أبيه، وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني. [6] رواه الترمذي (الفتن 7/ 2166) وقال: حديث حسن غريب، وصححه الألباني كذلك. [7] بعضهم يرويه: ((خير القرون قرني ..)) ولم يرد في شيء من الروايات بهذا اللفظ. [8] رواه البخاري (فضائل الصحابة 6/4/ صـ195) ومسلم (فضائل الصحابة 53/ صـ1967-1968) عن أبي سعيد وأبي هريرة، ورواه أبو داود (سنة 10/ 4658) والترمذي (مناقب 58/ 3861) وأحمد (3/ 11). [9] رواه مسلم (فضائل الصحابة 51/ صـ 1961). [10] عزاه محقق جامع بيان العلم إلى الحلية 1/ 305-306 لأبي نعيم قال ابن مسعود ![]() [11] رواه أبو داود (السنة 5/5/13/ رقم 4607) واللفظ له، والترمذي (العلم 16/ رقم 2676) وابن ماجه (المقدمة 6/ 42و 43و 44) والحاكم (العلم 1/ 175/ 329) كلهم عن العرباض بن سارية - ![]() [12] رواه الترمذي (المناقب 37/3805) عن ابن مسعود، وقال الترمذي: (هذا حديث حسن غريب)، ورواه أحمد (5/ 382و 385). ) وابن ماجه (المقدمة 11/97) عن حذيفة، وصححه الألباني في (السلسلة الصحيحة 1233 وصحيح الجامع - 1143و 1144). [13] رواه الشيخان وأحمد وغيرهم عن أبي سعيد الخدري، ورواه أحمد والحاكم عن أبي هريرة. [14] رواه البخاري (الفتن 11/8/93 والمناقب 4/178) ومسلم (ص 1475 / 1847).
glh`h k]u, Ygn hjfhu hgsgt hgwhgp?
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
علي السلفي
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
![]() جزاك الله خيراً وأحسن إليك
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 3 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
علي السلفي
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
![]() بآرك الله فيك ونفع بك الأمة
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 4 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
علي السلفي
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
![]() بآرك الله فيك ونفع بك الأمة
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 5 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
علي السلفي
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
![]() جزاكم الله خيرا ونفع بكم
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 6 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
علي السلفي
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
![]()
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 7 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
علي السلفي
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
![]() شكر الله لك وبارك بك أخي الحبيب
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 8 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
علي السلفي
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
![]() جزاكم الله خيرا ونفع بكم |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 9 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
علي السلفي
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
![]() الله يرفع قدرك ويرحم شيبانك |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 10 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
علي السلفي
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
![]() آللهْ يعطيكِ آلـ ع ـآفيهْ
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 11 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
علي السلفي
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
![]()
كم تشوهت صورة السلفية للأسف بسبب بعض الجماعات ! ولكن الحق واضح أبلج ، والله متم نوره ولو كره الكافرون جزاكم الله خيرا وجعلنا واياكم على الحق
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 12 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
علي السلفي
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
![]() اختي عبق بأذن الله صورة السلفية لم ولن تتشوه وما تقوم به بعض الجماعات والافراد الذين يسمون انفسهم سلفية هم بالاصل ليسوا سلفية ولو كانوا سلفية حقاً لما خالفوا عقيدة السلف التي لا تخرج عن الكتاب والسنة
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 13 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
علي السلفي
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
![]()
اقتباس:
صحيح هم ليسوا على الحق ، ولكنهم أمام العوام من الناس هم سلفية كما يسمون أنفسهم ، لدرجة أصبحت بين الناس كالشتيمة ! فالبعض يعيرني بها وكأنها من العيوب والله المستعان ولكنها قد تكون فرصة لهذا الشعب أن يبحث عن الحق ويعلم ماهي السلفية اسأل الله فرجا قريبا عاجلا
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
الشـــامـــــخ |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|